25-سبتمبر-2024
نساء في دارفور

(تعبيرية)

قالت منظمة أطباء بلا حدود، اليوم الأربعاء 25 أيلول/سبتمبر 2024، إن النساء الحوامل والأطفال يموتون بأعداد مروعة في جنوب دارفور. وأشار تقرير للمنظمة اطلع عليه "الترا سودان" إلى أن إحدى أسوأ حالات الطوارئ المتعلقة بصحة الأم والطفل في العالم تتكشف في جنوب دارفور بالسودان.

في جنوب دارفور، التي تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع يموت الأطفال والنساء الحوامل وبعد الولادة بأمراض يمكن الوقاية منها

في جنوب دارفور، التي تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع منذ تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، يموت الأطفال والنساء الحوامل وبعد الولادة بأمراض يمكن الوقاية منها لأن احتياجاتهم الصحية "تتجاوز بكثير ما يمكن أن تستجيب له منظمة أطباء بلا حدود"، وفقًا للتقرير.

وسيطرت قوات الدعم السريع على مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، في أواخر تشرين الأول/أكتوبر 2023 بعد معارك ضارية قادها قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبدالرحيم دقلو، شقيق القائد الأول والزعيم الروحي لهذه القوات شبه العسكرية، محمد حمدان، الشهير بـ"حميدتي".

وتعاني مناطق جنوب دارفور من انفلات أمني كبير لغياب الهياكل الحكومية وسلوكيات قوات الدعم السريع المعروفة بانتهاكاتها المروعة لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى قصف الطيران الحربي التابع للجيش الذي يستهدف تجمعات هذه القوات وإمداداتها في نيالا، التي صارت إحدى معاقلها الكبرى عقب سيطرتها عليها.

ويقول تقرير أطباء بلا حدود إن عدد وفيات الأمهات في مستشفيين فقط تدعمهما منظمة أطباء بلا حدود في جنوب دارفور بين كانون الثاني/يناير وآب/أغسطس من العام الجاري يزيد على سبعة بالمئة من العدد الإجمالي لوفيات الأمهات في جميع مرافق منظمة أطباء بلا حدود في جميع أنحاء العالم في عام 2023. كما أظهر فحص سوء التغذية لدى الأطفال أن المعدلات تتجاوز بكثير عتبات الطوارئ.

وطالب التقرير الأمم المتحدة بالتحرك بشكل حاسم لمنع وقوع المزيد من الخسائر في الأرواح في دارفور. كما طالبها بالعمل على تسريع عودة موظفيها ووكالاتها إلى دارفور، والاستفادة من كافة الموارد المتاحة والنفوذ السياسي لضمان وصول المساعدات إلى المحتاجين.

تقول الدكتورة جيليان بوركهارت، مديرة أنشطة الصحة الجنسية والإنجابية في منظمة أطباء بلا حدود، متحدثة في نيالا، جنوب دارفور: "هذه أزمة لا مثيل لها في حياتي المهنية. تحدث حالات طوارئ صحية متعددة في وقت واحد دون أي استجابة دولية تقريبًا من الأمم المتحدة وغيرها. يموت الأطفال حديثو الولادة والنساء الحوامل والأمهات الجدد بأعداد مروعة. والعديد من هذه الوفيات ترجع إلى ظروف يمكن الوقاية منها، ولكن كل شيء تقريبًا انهار"، بحسب تعبيرها.

وفي الفترة من يناير/كانون الثاني إلى أغسطس/آب في جنوب دارفور، حدثت 46 حالة وفاة للأمهات في مستشفيات نيالا التعليمية ومستشفى كاس الريفي، حيث تقدم فرق أطباء بلا حدود الرعاية التوليدية وغيرها من الخدمات.

تواجه ولايات دارفور ندرة في المرافق الطبية والرعاية الصحية جراء الحرب التي تسببت في إغلاق معظم المستشفيات في الإقليم الذي يمر بحالة حرب تذكر بالإبادة الجماعية التي حدثت في دارفور في العقد الأول من الألفية.

وبسبب ندرة المرافق الصحية العاملة، تُجبر النساء على الولادة في بيئات غير صحية تفتقر إلى المواد الأساسية مثل الصابون، وحصر الولادة النظيفة، والأدوات المعقمة. ويقول تقرير أطباء بلا حدود: "بدون هذه العناصر الأساسية، تصاب النساء بالعدوى. ومع انخفاض إمدادات المضادات الحيوية، يمكن أن يصلوا إلى المستشفى ليواجهوا عدم وجود خيار علاجي متاح".

تقول ماريا فيكس، رئيسة الفريق الطبي لمنظمة أطباء بلا حدود في جنوب دارفور: "انتظرت مريضة حامل من منطقة ريفية يومين لجمع الأموال اللازمة للحصول على الرعاية. عندما سافرت إلى أحد المراكز الصحية، لم يكن لديهم أي أدوية، فعادت إلى منزلها. وبعد ثلاثة أيام، تدهورت حالتها، ولكن مرة أخرى اضطرت إلى الانتظار لمدة خمس ساعات حتى تتمكن من نقلها. لقد كانت بالفعل في غيبوبة عندما وصلت إلينا. لقد ماتت بسبب عدوى يمكن الوقاية منها".

وتمتد الأزمة في جنوب دارفور لتشمل الأطفال، حيث أصبح الآلاف على حافة الموت والمجاعة، بينما يموت آخرون بسبب أمراض يمكن الوقاية منها. وفي الفترة من كانون الثاني/يناير إلى حزيران/يونيو 2024، توفي 48 مولودًا جديدًا بسبب الإنتان في مستشفيات نيالا التعليمية ومستشفيات كاس الريفية، مما يعني أن واحدًا من كل خمسة أطفال حديثي الولادة المصابين بالإنتان لم يبقَ على قيد الحياة.

تنتشر بجانب الأمراض وسط الأطفال وحديثي الولادة حالات سوء التغذية، ويقول تقرير أطباء بلا حدود إن 32.5% من عينة الأطفال يعانون من سوء التغذية الحاد. "هذا يتجاوز بكثير عتبة الطوارئ التي حددتها منظمة الصحة العالمية وهي 15%. علاوة على ذلك، كان 8.1% من الأطفال الذين تم فحصهم يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد"، يضيف التقرير.

الصراع القائم في السودان أسفر عن واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم اليوم، حيث يضطر الناس إلى النزوح والتعرض للعنف. ويتفاقم نقص الإمدادات بسبب الأطراف المتحاربة التي تواصل، إلى جانب الجماعات المسلحة التابعة لها، منع أو تقييد الوصول إلى المساعدات المنقذة للحياة.