أنا أنس الشريف.. أنا شيرين أبو عاقلة.. أنا هدف قناصة الكيان المحتل
21 سبتمبر 2025
إنّ استهداف الصحفيين من قبل الكيان المحتل هو استهداف للعين المبصرة، استهداف للحقيقة التي تفضح دعاوى الكيان، استهداف للكشوفات التي توالت وعرت زيف سردية الإرهاب، وأظهرت أن الاغتيال الذي طال الشهيد الصحفي أنس الشريف ورفاقه الشرفاء من الصحفيين، هو محاولة بائسة لحجب الحقائق التي بات يعرفها القاصي والداني عن تجويع وقتل شعب كامل بغرض نهب بقية أراضيه، وما محاولة وصف الشهيد أنس بالانتماء السياسي إلا محاولة فطيرة لإيجاد مسوِّغ لجريمة اغتياله التي تُقرأ في سياق حملة طويلة من الاغتيالات لم تبدأ أمس ولن تنتهي بأنس، فالمحتل الذي لا يعرف غير لغة القوة لا شيء يردعه غير القوة، وحتى ذلك الحين سيواصل حملته البائسة في الإبادة الجماعية لشعبٍ اضطر إلى سكن الخيام لأن هنالك محتل يرى أنه أحق بأرضه وبيوته وبساتينه.
لا يحمل الصحفي غير كاميرا ومايكرفون، لا يحمل سوى إيمانه العميق بسعيه وراء الحقيقة ويعرف أنه يحمل روحه بين يديه وهو يواجه كيانًا مجرمًا لا يتورع عن قتل الأطفال
فنانو فلسطين من لدن ناجي العلي وعزالدين قلق وغسان كنفاني، وصحفييها مرورًا بشيرين أبو عاقلة وإسماعيل الغول حتى أنس الشريف ومحمد قريقع؛ ظلوا هدفًا للآلة القمعية للكيان المحتل، الذي عرف كيف أن القلم والصورة والتقرير الصحفي والكاريكاتير واللوحة بوسعها كشف وتعرية هذا المشروع المغتصب والغاصب، وهكذا أصبحوا مبكرًا أهدافًا لأجهزتهم؛ وتم اغتيالهم جميعًا دون أن يطرف لجلادهم رمش.
لم يعد العالم كما كان؛ تحتكر إعلامه مجموعات ولوبيهات وشبكات تخدم وتتواطأ مع هذا المشروع، بل صار بوسع أي كان أن يكتب ويصور ويبث على الهواء أفعال المجازر والقتل والترويع والانتهاك اليومي الذي تمارسه سلطة الكيان المحتل، وهذا أكثر ما يؤرق مشروع هذه الدولة التي قامت على الاحتلال بينما ظلت تروج دائمًا أنها دولة ديمقراطية ترعى حقوق الإنسان، وتصور الإنسان الفلسطيني صاحب الأرض على إنه إرهابي مجرم لا يحق له أن يقاوم طرده من بيته أو يرفض قتله بل عليه أن يستسلم لكل ما يريده له شياطين الجحيم هؤلاء، والآن فقط باتت شعوب العالم تعرف الحقيقة التي أصبحت مبذولة للجميع دون احتكار للتغطية الإعلامية وضبط للسرديات وبذلها لتصدقها الشعوب.
يتعرى الكيان المحتل أمام العالم؛ لم تعد صورته هي نفسها في الغرب، بات بوسع مواطني الدول الغربية أخيرًا رؤية جرائم الدولة الصهيونية على الهواء مباشرةً، وهم يقتلون أطفال غزة ونسائها ويسومون رجالها سوط العذاب، هدم المباني والمنازل على رؤوس ساكنيها، تجويع شعب كامل لأجل أحلام السيطرة والتمدد ووهم القوة، باتت الصورة الوهمية التي كانت تروِّج لها آلتهم الإعلامية محطمة، حطمتها عدسات وأقلام وتقارير الصحفيين والمراسلين الفلسطينيين الشجعان الذين أصبحوا هدفًا لقناصة الكيان المحتل، أصبحوا أخطر عليهم من بنادق المقاومة لأنهم يحطمون الصورة الدعائية التي أنفقوا عليها بسخاء، وهي كل ما يملكون.
لا يحمل الصحفي غير كاميرا، ومايكرفون، لا يحمل سوى إيمانه العميق بسعيه وراء الحقيقة، يعرف أنه يحمل روحه بين يديه وهو يواجه كيانًا مجرمًا لا يتورع عن قتل الأطفال، والتنكيل بهم، لذلك إيمان هذا الصحفي يجعله مخيفًا، لا يعرفون كيف يمكن لشخص أن يمضي في سبيل يجعل منه هدفاً لآلة الموت، هذا اليقين الذي يملكه الزملاء الصحفيون الفلسطينيون وهم يواصلون نقل الصورة، وكشف الجرائم منذ وقت طويل، لا يكفون عن هذا الفعل الذي يعرفون نهايته، يعرفون تاريخ زملائهم الذي ارتقوا في هذا الطريق، ورغم ذلك يواصلون هذا السعي الكريم، لا شيء يقف أمام طريقهم، الحقيقة لا سواها، كشف الزيف وتعريته، ومجابهة السرديات المضللة التي تطلقها آلة إعلامية محتلة تنفق بسخاء على الكذب والتضليل، تريد أن تجعل مقتل الآلاف من الفلسطينيين وتجويعهم وانتهاك حقوقهم في العيش على أرضهم
شيئًا غير موجود، لا يبصره أحد، لذلك يطاردون الصحفيين الشرفاء ويغلقون مكاتب الشبكات الإعلامية التي لا ترضخ لمساوماتهم الجبانة، يظنون أنهم يغلقون الباب أمام الحقيقة، والحقيقة لا شيء يغطيها، خاصة في هذا الوقت، حقيقة كون هذا الكيان عنصري ويمارس الإبادة الجماعية والتمييز والقتل على الهوية، حقيقة كونه كيانًا غير أخلاقي لا يحفظ عهدًا ولا ميثاقًا ولا حدود للمدى الذي يمكن أن يذهب إليه في الجرائم.
أنس الشريف وشيرين أبوعاقلة ورفاقهم الذين ارتقت أرواحهم وهم يمارسون حقهم في العمل، حقهم في الحياة، حقهم في كشف الحقائق، سيظلون رموزًا لمدى عنجهية وصلف الكيان المحتل الغاشم، وسيظلون رموزًا للشرف والكرامة والمواجهة، ولن ينسى شعب فلسطين والشعوب الحرة وجوههم، لأنهم كانوا دائمًا على خط النار لا يحملون سوى كاميرا وقلم، وقلوب وأرواح تهفو إلى الحق والحقيقة ورد المظالم ومكافحة التضليل والزيف، ولن ينسى الصحفيون على امتداد العالم أن زملاءهم الصحفيين الفلسطينيين يقتلون بأيدي القناصة المحتلين لا لشيء سوى أنهم يمارسون مهنتهم الكريمة، وحقهم في العيش على أرضهم.
انهارت إلى الأبد الدعاية الوهمية التي تقول إن الكيان المحتل دولة ديمقراطية
اليوم يقف المئات من الفنانين العالميين، من هوليوود ومن شتى أنحاء العالم يحيون فلسطين وحقها في الحرية والحياة، في مهرجانات السينما والتلفزيون، يقف ملايين الناس على الوحشية التي وصل إليها الكيان المحتل في ظل حكومة إرهابية مجرمة يقودها متطرفون عصابيون، يقتلون كل صباح العشرات من الفلسطينيين ويغلقون الحدود لئلا تصلهم الإغاثة والمنظمات الدولية، ويحيون الفلسطينيين وينادون بحقهم الكريم في الحياة والحرية داخل وطنهم.
انهارت إلى الأبد الدعاية الوهمية التي تقول إن الكيان المحتل دولة ديمقراطية، وذلك بفضل نضال صحفيين شجعان مثل أنس الشريف وشيرين أبو عاقلة ومحمد قريقع، الذين ظلوا حتى آخر يوم في حياتهم القصيرة يوجهون عدسات كاميراتهم نحو الجريمة المنظمة التي يقوم بها الكيان المحتل على شعب فلسطين.
- المقالات المنشورة في هذا القسم تُعبر عن رأي كاتبها فقط ولا تعبّر بالضرورة عن رأي "ألترا صوت"
الكلمات المفتاحية

نزوح الفاشر إلى الدبة.. حين تضغط الجغرافيا وتنكسر السياسة
الآثار الكارثية لما وقع في الفاشر لن تمحي قريبًا. الآلاف قتلوا وشردوا وانتهكت أعراضهم في واحدة من أسوأ مشاهد الحرب الدائرة في السودان، بل هي مأساة مكتملة،

"أبو لولو" كمرآة لعنف الدعم السريع
تجاوز ظهور المجرم المدعو "أبو لولو" في مقاطع الفيديو الأخيرة من الفاشر كونه مجرد واقعة دموية جديدة في سجل الحرب السودانية، الى كونه حدثًا إعلاميًا مُحمَّلًا بالرموز، استُخدم - بوعي أو دون وعي - لصرف الأنظار عن المنهجية الأعمق للعنف داخل الدعم السريع.

مجزرة الفاشر.. حقيقة الحرب وجوهرها
سيتذكر السودانيون في المستقبل أن قوةً شبه نظامية تمردت على الدولة، وجمعت أشتاتًا من القتلة واللصوص من السجون والمليشيات، استأجرتها إحدى الدول لتحطيم السودان ونهبه وتجيير موارده لها. سيتذكرون تلك الليلة التي سقطت فيها أكثر المدن مقاومةً للغزو، وكيف أقاموا فيها مجزرةً لا أول لدمويتها ولا آخر لوحشيتها. وستكون هذه الذكرى هي الحصانة التي ستحمي السودانيين والدولة السودانية من تكرار أخطاء الماضي، بكل…

هل ما زال في السودان متسع للعقلاء؟
قبل أيام، اهتزت ولاية شمال كردفان على وقع حادثة مأساوية باغتيال الناظر سليمان جابر جمعة، زعيم قبيلة المجانين، إلى جانب واحد وعشرين من أعيان وشباب منطقته في المزروب بسقوط طائرة مسيرة. وتبادل على إثرها الاتهامات بين مجلس السيادة والدعم السريع وقوىً سياسية مختلفة. مع العلم أن الكارثة وقعت بعد أسابيع من توترات محلية واشتباكات محدودة بالمنطقة، ومثلت ضربةً موجعةً للإدارة الأهلية التي فقدت أحد أبرز…

مرصد حقوقي: أكثر من 11 ألف قتيل و32 ألف جريح في هجمات الدعم السريع على الفاشر
أعلن مرصد مشاد لحقوق الإنسان أنه وثّق مقتل أكثر من 11,700 مدني وإصابة نحو 32,000 آخرين خلال ما وصفها بـ"المجازر الواسعة" التي شهدتها مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، عقب سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة في تشرين الأول/ أكتوبر 2025.

الخرطوم وكسلا تعلنان فتح المعسكرات لمساندة الجيش في المعارك
أعلنت ولايتا الخرطوم وكسلا تجهيز معسكرات التجنيد لدعم الجيش السوداني في الحرب ضد قوات الدعم السريع، في المعارك الجارية غربي البلاد.

أردوغان: نواصل الجهود لوقف الصراع السوداني ولن نكتفي بالمتابعة
قال أردوغان، في تصريحات نقلتها وكالة الأناضول: "سنواصل جهودنا الدبلوماسية لضمان السلام والأمن في السودان ولا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري هناك".

غرفة طوارئ: مدينة بابنوسة خالية من السكان تمامًا
قالت غرفة طوارئ بابنوسة بولاية غرب كردفان إن المدينة خالية من السكان بنسبة 100% بعد نزوح قرابة 177 ألف شخص جراء الاشتباكات المسلحة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ كانون الثاني/يناير 2024.
