اقتصاد

الأرض هي التي تطعمنا.. مزارعو وسط السودان: لصالح من يُعطل الإنتاج المحلي؟

28 سبتمبر 2025
الذرة - الزراعة.jpg
الذرة - الزراعة
محمد حلفاوي
محمد حلفاويصحفي سوداني

عندما عاد نزار إلى قريته شرق مدينة الدندر من رحلة نزوح شاقة وطويلة وجد مستودع المحاصيل فارغًا إثر اقتحام عناصر من قوات الدعم السريع منزله، في البلدة الواقعة بولاية سنار.

وشنت قوات الدعم السريع نهاية حزيران/يونيو 2025 هجومًا واسعًا على أجزاء من ولاية سنار شملت سنجة والدندر وأبو حجار والدالي والمزوم ومئات القرى، كما شمل الهجوم أكبر محمية للحيوانات البرية والطيور وهي محمية الدندر.



لم تعلن وزارة الزراعة والجهات المختصة حتى الآن السياسات لاستعادة قطاعات الإنتاج وسط البلاد حيث يقطن 5 مليون شخص والتي تعرضت إلى هجمات من الدعم السريع العام الماضي

 

وضع نزار البذور على الأرض في انتظار موسم الحصار خلال تشرين الثاني/نوفمبر القادم وكأنه يرفض انتظار المساعدات الإنسانية التي تقدم حصص غذائية شحيحة، إلى جانب ذلك فإن الانشغال بالأنشطة الزراعة من طقوس سكان هذه القرى اليومية.

يعتمد نزار الذي درس الجامعة على طحين الذرة في صنع الخبز المنزلي "الكسرة" و"العصيدة"، ويتطلع إلى تحسين حياته بالتوسع في النشاط الزراعي لمحصول السمسم رغم ارتفاع تكلفة تحضيرات الأرض إلى خمسة أضعاف ما كانت عليها قبل الحرب.

ويقول لـ"الترا سودان": "السمسم ليس الغذاء الرئيسي لكن عندما أبيع الإنتاج اشتري الغذاء لعائلتي الذي يشمل حبوب الذرة والمواد الاستهلاكية، في نهاية المطاف أريد أن أكون شخصًا منتجًا".

ويضيف قائلًا: "كانت الزراعة تكلف قبل اندلاع الحرب حوالي 1.2 مليون جنيه في نطاق محدود، حاليًا التكلفة ارتفعت إلى 3 ملايين جنيه لنفس المساحة" (ما يعادل 900 دولار أميركي).

ويشرح الباحث الاقتصادي أحمد بدوي لـ"الترا سودان" طبيعة المجتمعات التي تعيش في الأرياف الواقعة بولاية سنار ويقول إنها لم تستسلم رغم خسائرها الفادحة خلال الحرب بفقدان المستودعات الصغيرة التي تحتوي على الحبوب والغذاء.

ويعتقد البدوي أن هناك ضرورة لدعم المجتمعات الريفية للانخراط في الإنتاج الزراعي وتوسيع رقعة النطاق الآمن، مشيرًا إلى أن الاعتماد على الإغاثة يزيد من مشاعر الغبن بين الناس.

نهبت قوات الدعم السريع مئات الجرارات الزراعية بمحلية الدندر من القرى التي يقطنها عشرات الآلاف من المزارعين عندما هاجمت أجزاء من ولاية سنار نهاية حزيران/يونيو 2024.

يؤكد الباحث الاقتصادي أحمد بدوي أن حياة المجتمعات في الريف تعتمد على الزراعة، ومع ذلك تفرض المصارف الممولة للزراعة إجراءات تعسفية وقاسية تحرم السكان من الحصول على أدوات الإنتاج التي تشمل الأسمدة والآليات الزراعية والتقاوى.

وزاد قائلًا: "أن يمتلك المزارعون الجرارات والآليات هذا أمر طبيعي".

وتابع بدوي: "تعيش  قرى سنار بنسبة 90% على الأنشطة الزراعية التي قد تمنح الحياة لثلاثة ملايين شخص في سنار والنيل الأزرق والجزيرة، ورغم توفر الموارد المائية والأراضي لا توجد هناك مؤسسات حكومية لديها اهتمام بالإنتاج المحلي".

وأردف الباحث الاقتصادي أحمد بدوي: "كأنك تشعر أن هناك جهات داخل مؤسسات الدولة تعطل الإنتاج المحلي لصالح الشركات المستوردة للسلع من دول الجوار والعالم الخارجي، بينما تتحول المجتمعات إلى قطاعات استهلاكية وتتفشى الأمراض والرغبة في الصراع المسلح لغياب وسائل الإنتاج".

فيما قال عز العرب فتح الرحمن المهتم بالعمل في النقابات الزراعية وسط السودان لـ"الترا سودان" إن إنتاج المشاريع القومية الزراعية خلال الأعوام السابقة قبل الحرب ارتفعت بشكل كبير، وعلى سبيل المثال ولاية الجزيرة أنتجت في بعض المواسم 6 ملايين جوال من القمح، وبلغ إنتاج الذرة في القضارف وسنار حوالي 8 ملايين جوال بين عامي 2021 و2022.

عادت الحياة إلى أسواق الدندر بولاية سنار التي تضم إلى جانب المشاريع الزراعية أكبر محمية للحيوانات البرية على مستوى البلاد، تباع الخضروات والفواكه المستجلبة من الولايات المجاورة، كما تباع المنتجات المستوردة من دول الجوار.

المركبات المحترقة على جانبي الطريق تذكر المواطنين بالحرب وسيطرة قوات الدعم السريع على المنطقة، وتعتبر هذه المحلية من المناطق التي عانت خلال تلك الفترة واستعادتها القوات المسلحة بصعوبة بالغة واستغرقت وقتًا طويلًا امتد إلى أكثر من نصف عام.

في تموز/يوليو 2025 حصل المزارعون عبر قادتهم على وعود من البنك الزراعي بتمديد فترة التمويل في ولاية سنار، مع الوضع في الاعتبار تعرضها إلى هجمات من الدعم السريع التي عطلت المشاريع الزراعية.

ويقول عز العرب فتح الرحمن الناشط في النقابات الزراعية والتجمعات العمالية إن الزراعة لا تزال شبه مشلولة في ولايات وسط البلاد التي تشمل الجزيرة وسنار والنيل الأبيض منذ هجمات الدعم السريع على أجزاء واسعة منها.

ويرى فتح الرحمن أن الدولة لم تعلن عن توفير تمويل ضخم يفوق 200 مليون دولار للمشاريع الزراعية لاستعادة البنية التحتية المنهوبة، كما إن الحكومة لم تتبنَ السياسات الزراعية المرنة لمساعدة عشرات الآلاف من المزارعين على العودة إلى مسار الإنتاج.

الكلمات المفتاحية

المنصوري

مدينة الإنتاج الحيواني بالقضارف.. اختبار أول للوزير المثير للجدل

في الوقت الذي تمر فيه العلاقات السودانية الإماراتية بأحد أكثر مراحلها توترًا، بعد أن وصفت الخرطوم أبوظبي رسميًا بـ"دولة عدوان" تدعم "مليشيا متهمة بارتكاب جرائم إبادة وتهجير قسري" في أيار/مايو 2025، أثار تعيين البروفيسور أحمد التجاني المنصوري وزيرًا للثروة الحيوانية والسمكية جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية.


الجنيه السوداني .jpg

البنك المركزي يُصدر عملة ورقية جديدة من فئة 2000 جنيه

أعلن بنك السودان المركزي، اليوم الخميس، تشرين الثاني/نوفمبر 2025، إصدار عُملة ورقية جديدة من فئة الألفي جنيه، وطبعة جديدة من الورقة فئة الخمسمائة جنيه.


بنك-السودان-المركزي-1.jpg

اقتصادي: بنك السودان تراجع عن احتكار صادرات الذهب بشكل مفاجئ

قال الباحث في قطاع التعدين والمحلل الاقتصادي أحمد بن عمر، إن البنك المركزي توقّف عن شراء الذهب من المنتجين المحليين والشركات بشكلٍ مفاجئ.


بنك-السودان-المركزي-1.jpg

البرهان يصدر قرارًا بتعيين المعتصم عبد الله أحمد نائبًا أول لمحافظ بنك السودان

أصدر رئيس مجلس السيادة، القائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، اليوم الثلاثاء 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، قرارًا بتعيين المعتصم عبد الله أحمد الفكي نائبًا أول لمحافظ بنك السودان.

الفاشر أقمار صناعية.jpeg
أخبار

مرصد حقوقي: أكثر من 11 ألف قتيل و32 ألف جريح في هجمات الدعم السريع على الفاشر

أعلن مرصد مشاد لحقوق الإنسان أنه وثّق مقتل أكثر من 11,700 مدني وإصابة نحو 32,000 آخرين خلال ما وصفها بـ"المجازر الواسعة" التي شهدتها مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، عقب سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة في تشرين الأول/ أكتوبر 2025.

والي الخرطوم ووزير الصحة
أخبار

الخرطوم وكسلا تعلنان فتح المعسكرات لمساندة الجيش في المعارك

أعلنت ولايتا الخرطوم وكسلا تجهيز معسكرات التجنيد لدعم الجيش السوداني في الحرب ضد قوات الدعم السريع، في المعارك الجارية غربي البلاد.


Recep Tayyip Erdoğan
أخبار

أردوغان: نواصل الجهود لوقف الصراع السوداني ولن نكتفي بالمتابعة

قال أردوغان، في تصريحات نقلتها وكالة الأناضول: "سنواصل جهودنا الدبلوماسية لضمان السلام والأمن في السودان ولا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري هناك".

بابنوسة
أخبار

غرفة طوارئ: مدينة بابنوسة خالية من السكان تمامًا

قالت غرفة طوارئ بابنوسة بولاية غرب كردفان إن المدينة خالية من السكان بنسبة 100% بعد نزوح قرابة 177 ألف شخص جراء الاشتباكات المسلحة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ كانون الثاني/يناير 2024.

الأكثر قراءة

1
مجتمع

أم روابة بين الهدوء والقلق.. بداية موسم الحصاد


2
مجتمع

نازحو الفاشر في الدبة.. مأساة الفقد والتشريد


3
أخبار

الجيش يصد هجومًا عنيفًا على الفرقة 22 بابنوسة


4
أخبار

شبكة أطباء السودان: الدعم السريع أقدمت على حرق الجثث في الفاشر


5
أخبار

رحلة محفوفة بالمخاطر.. والي شمال دارفور يصل إلى بورتسودان