الخدمات تنهار.. عامان من الحرب يثقلان كاهل السودان
15 أبريل 2025
بملامح يعلوها القلق، تراقب هند هاتفها النقال بين الفينة والأخرى، أملًا في أن تجد رسالة تطمئنها على عائلتها في أم درمان، بعد انقطاع التيار الكهربائي عن المنطقة لنحو سبعة أيام.
تقول هند، التي تقيم في إحدى دول الخليج وغادرت منزلها منذ نحو شهرين، إن الرسالة لا تحتاج إلى شبكة قوية كما هو الحال مع المكالمات، وإنما تكفيها فقط موجات متذبذبة حتى تصل إلى وجهتها. إلا أن انقطاع التيار ألقى بظلاله على شبكات الاتصالات في المنطقة.
وتوضح هند حسن، في حديثها لـ"الترا سودان"، أنه قبل مغادرتها البلاد، كانت تعتمد وأسرتها على "باوربانك" يعمل بالطاقة الشمسية لشحن الهواتف النقالة، في محاولة للبقاء على اتصال بالعالم الخارجي، خاصة في ظل الأوضاع الأمنية المتدهورة منذ منتصف نيسان/أبريل 2023.
الكهرباء ليست وحدها الغائبة، فالمياه أيضًا تنقطع لأيام، نتيجة استهداف محطات الضخ، وفي كثير من الأحيان، تغيب بالتوازي مع التيار الكهربائي، نظرًا لاعتماد تدفقها على المضخات التي تحتاج إلى الكهرباء.
ومع التدهور الاقتصادي الذي يعاني منه المواطنون، يجد كثيرون أنفسهم مضطرين لشراء المياه، رغم كلفتها المرتفعة، في وقت لا تستقيم فيه الحياة من دونها.
خلال الأشهر الأخيرة، استهدفت قوات الدعم السريع محطات الكهرباء في مناطق متعددة باستخدام الطيران المسيّر، لا سيما في مناطق وسط وشرق وشمال السودان، بما في ذلك سد مروي شمالي البلاد
استهداف مرافق الكهرباء
خلال الأشهر الأخيرة، استهدفت قوات الدعم السريع محطات الكهرباء في مناطق متعددة باستخدام الطيران المسيّر، لا سيما في مناطق وسط وشرق وشمال السودان، بما في ذلك سد مروي شمالي البلاد.
تعرض السد، وهو من أكبر وأهم مصادر الطاقة الكهربائية في السودان، لضربات موجعة تسببت في انقطاع التيار عن مناطق واسعة لأيام.
ويُعد سد مروي من أكبر المشاريع المائية في السودان، وقد اكتمل بناؤه في عام 2009 في عهد الرئيس المخلوع عمر البشير. يبلغ طوله 9.7 كيلومترات، وارتفاعه 67 مترًا، وعرضه 82 مترًا، فيما تبلغ سعته التخزينية نحو 12.5 مليار متر مكعب عند منسوب 290 مترًا فوق سطح البحر.
ويضم السد عشر توربينات، تبلغ قدرة كل واحدة منها 125 ميغاوات، ما يجعله قادرًا على توليد 1250 ميغاوات من الكهرباء.
تعرض السد للاستهداف عدة مرات خلال الحرب، ما أدى إلى احتراق بعض التوربينات وإلحاق أضرار بالمحطة، بينما لم يتضرر جسم السد نفسه. وتعمل شركة كهرباء السودان على صيانة الأضرار عقب كل استهداف، لضمان استقرار الإمداد الكهربائي للمواطنين.
القطاع الصحي
منذ اندلاع الحرب في السودان قبل عامين، لم تسلم المستشفيات والمراكز الصحية من نيران النزاع. فبينما يحتاج عدد كبير من السكان للرعاية الطبية، توقفت أكثر من 250 مستشفى عن العمل، بعضها دُمر بالكامل، وبعضها الآخر أُغلق بعد أن تحولت مبانيه إلى ثكنات عسكرية.
تشير الإحصاءات إلى أن 70% من المنشآت الصحية في سبع ولايات سودانية على الأقل خرجت عن الخدمة، بما في ذلك مستشفيات مرجعية عريقة، ظلت تخدم آلاف المرضى يوميًا، والتي تتضمن مستشفى الخرطوم التعليمي، ومؤسسات صحية أخرى متخصصة علاج الأورام، وجراحة القلب.
واستولت قوات الدعم السريع منذ الأسبوع الأول للحرب على "المعمل المركزي للصحة العامة – ستاك"، وحولته إلى ثكنة عسكرية، مما عطّل أحد أهم المرافق الصحية في البلاد.
وتمتد المأساة إلى فقدان الأرواح عقب المباني؛ إذ تُشير إحصائيات رسمية إلى وفاة أكثر من 4,000 مريض بالفشل الكلوي بعد توقف 62 مركزًا لغسيل الكلى، ونهب مخازن الإمدادات الطبية في الخرطوم والجزيرة. كما توفي 164 مريضًا من زارعي الكلى بسبب انقطاع الأدوية والرعاية الطبية.
لم تكن الكوادر الطبية بمنأى عن الاستهداف، حيث لقي أكثر من 60 طبيبًا وممرضًا ومسعفًا حتفهم أثناء أداء واجبهم
كما توقفت خدمات جراحة القلب بالكامل، بعد تدمير خمسة مراكز متخصصة في الخرطوم، ومركز وحيد في مدينة مدني. وقدّرت السلطات الخسائر في هذا القطاع وحده بما يفوق 83 مليون دولار.
ولم تكن الكوادر الطبية بمنأى عن الاستهداف، حيث لقي أكثر من 60 طبيبًا وممرضًا ومسعفًا حتفهم أثناء أداء واجبهم. يأتي ذلك في ظل غياب الإحصائيات الدقيقة عن حجم الضرر الكامل بسبب استمرار العنف وصعوبة الوصول إلى المرافق في المناطق التي لا تزال تحت وطأة الحرب.
ويعيش السودانيون في مناطق النزاع، وحتى أولئك الذين لم تطالهم الحرب بشكل مباشر، أوضاعًا قاسية نتيجة استهداف المرافق الحيوية بالطيران المسيّر، وارتفاع الأسعار الجنوني، في ظل توقف الكثير من المؤسسات عن العمل، وتركها مئات الآلاف من المواطنين بلا دخل أو فرص للبقاء، وسط انهيار شبه تام للخدمات الأساسية.
الكلمات المفتاحية

ارتفاع أسعار الغذاء والوقود في عدد من الولايات
سجلت أسعار الغذاء في السودان ارتفاعًا كبيرًا خلال اليومين الماضيين، متأثرة بنقص إمدادات الوقود وزيادة تكلفة النقل بين الولايات وفق ما أفاد متعاملون في هذا القطاع.

هجمات بورتسودان.. هل تؤثر على الخدمات الحيوية؟
لليوم الثالث على التوالي، لم تنجُ مدينة بورتسودان، العاصمة المؤقتة للحكومة ومقر البعثات الدبلوماسية ووكالات الأمم المتحدة والموانئ الرئيسية، من هجمات يُرجَّح أنها نُفذت بواسطة مسيّرات، وفقًا للروايات المتداولة، بينما لم تُعلّق السلطات على التطورات التي وقعت اليوم الثلاثاء، السادس من أيار/مايو 2025.

السودان.. ندرة "الكاش" تمنع الخبز والطعام عن المواطنين
لو كنت في السودان قبل عامين، لما وجدت أرقام الحسابات البنكية منتشرة على الجدران أو أبواب المتاجر والمطاعم. بينما اليوم، وبعد أشهر من القيود المصرفية على العملات الورقية، اعتاد الناس على شراء الطعام والخبز وسداد أجرة المواصلات بالتعاملات الإلكترونية

السودان… أزمة إنسانية واقتصادية على أعتاب حرب ثالثة
على أعتاب العام الثالث من حرب السودان تتنامى التحذيرات من موجات نزوح جديدة، وتفشي المجاعة في مناطق أكثر هشاشة بإقليم دارفور وكردفان، مع احتدام الصراع بين الجيش والدعم السريع خلال الشهر الماضي.

مركز الطوارئ: 2323 إصابة بالكوليرا في السودان خلال 3 أسابيع
كشف اجتماع مركز عمليات الطوارئ، المنعقد اليوم الثلاثاء بمدينة كسلا، عن تسجيل 2323 حالة إصابة بالكوليرا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، بينها 51 وفاة، مشيرًا إلى أن 90% من الإصابات والوفيات سُجلت في ولاية الخرطوم، تحديدًا في محليتي كرري وجبل أولياء.

كنائس تنعى شيخ كهنة السودان الأب فيلوثاوس فرج
نعت كنيسة الشهيد العظيم الأمير تادرس الشطبي وعدد من الكنائس السودانية الأخرى، اليوم الثلاثاء، الموافق 20 أيار/مايو 2025، الأب الدكتور القمص فيلوثاوس فرج، شيخ كهنة السودان، الذي توفي في العاصمة المصرية القاهرة عن عمر يناهز الثمانين عامًا.

بوتين يوجه دعوة رسمية للبرهان للمشاركة في القمة الروسية العربية
تلقى رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول الركن عبدالفتاح البرهان، دعوة رسمية من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، للمشاركة في القمة الروسية العربية .