سياسة

السودان… أزمة إنسانية واقتصادية على أعتاب حرب ثالثة 

15 أبريل 2025
عامان على الحرب في السودان
عامان على الحرب في السودان
محمد حلفاوي
محمد حلفاويصحفي سوداني

على أعتاب العام الثالث من حرب السودان تتنامى التحذيرات من موجات نزوح جديدة، وتفشي المجاعة في مناطق أكثر هشاشة بإقليم دارفور وكردفان، مع احتدام الصراع بين الجيش والدعم السريع خلال الشهر الماضي.

يطلق المحللون والمراقبون على المرحلة القادمة في السودان بـ"الحرب الثالثة" بين الجيش وقوات الدعم السريع، ما لم تتدخل "أصوات العقلاء" للبحث عن حلول سياسية تسكت البنادق إلى الأبد في السودان.

عاملة إنسانية: إذا صعدت أصوات العقلاء يمكن إنقاذ حياة ملايين السودانيين من الجوع والنزوح والقتل

عامان على الحرب في السودان أدت إلى نزوح 13 مليون شخص حسب مفوضية شؤون اللاجئين للأمم المتحدة في آخر إحصائية، نقلتها وكالة فرانس برس الاثنين 14 نيسان/أبريل 2025.

الجوع يلاحق الملايين 

تقول الأمم المتحدة إن الحرب وضعت 25 مليون شخص ضمن الشبكات الاجتماعية التي تفتقر للأمان الغذائي جراء اندلاع القتال في 13 ولاية سودانية.

لتعريف فقدان الأمن الغذائي تشرح العاملة في المجال الإنساني نهلة حسن هذه النقطة قائلة: "فقدان الأمن الغذائي لـ 25 مليون شخص يعني أن من يوفرون الطعام للعائلات عبر الزراعة أو العمل في المهن المختلفة أو التجارة أو مصادر كسب المال فقدوا جميع الوسائل بسبب الحرب والنزوح والنهب والنزاع المسلح قرب مواقع العمل أو الأسواق، بالتالي يمكن أن يكون هذا الرقم مرشحًا للانتقال إلى تصنيف المجاعة".

أسفر الصراع المسلح أيضًا عن واقع اقتصادي مُزر في الولايات الآمنة الواقعة تحت سيطرة الجيش، شمال وشرق البلاد والجزيرة والخرطوم وولاية النيل الأبيض وشمال كردفان وأجزاء من غرب كردفان وجنوب كردفان والنيل الأزرق وولاية شمال دارفور.

أما الولايات الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع، وهي أربع ولايات في إقليم دارفور وأجزاء من غرب كردفان وأجزاء صغيرة من جنوب كردفان انعدمت فيها مظاهر الحياة الاقتصادية، وفشلت الأمم المتحدة في إدخال الإغاثة وفق تقريرها لشهر آذار/مارس 2025.

جهود دولية متواضعة 

لم تكن الجهود الإنسانية وفقًا للعاملة الإنسانية والمستشارة السابقة في منظمة دولية نهلة حسن بالمستوى المطلوب، بينما اجتمع العام الماضي المانحون في باريس معلنين عن تعهدات بملياري دولار لم تكن هذه الأموال متاحة طوال الشهور الماضية سوى بمقدار أقل.

تعتقد نهلة حسن في حديث لـ"الترا سودان" أن المجاعة لا تزال مستمرة في العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور والجزيرة والنيل الأبيض وكردفان، وهناك ما لا يقل عن 10 مليون شخص داخل وخارج السودان يفشلون في توفير وجبتين في اليوم.

وتضيف: "الأمم المتحدة تتحدث يوميًا أن الأزمة الإنسانية هي الأسوأ في العالم ومع ذلك نسبة الاستجابة لا تتجاوز 30% من كل عام خلال العامين الماضيين، وهذا عار يلاحق الدول التي تزعم الإنسانية".

وتشير نهلة حسن إلى أن الحلول يجب أن تنبع من الداخل بالاتفاق بين القوى المدنية المناهضة للحرب لدفع الأطراف العسكرية إلى السماح بدخول الإغاثة والمساعدات الإنسانية إلى جميع الولايات دون شروط مسبقة.

وتابعت: "إذا لم تتحرك القوى المناهضة للحرب خلال هذا العام من المتوقع أن يتسع الصراع المسلح في مناطق أكثر هشاشة تفرز موجة جديدة من النزوح، وترتفع نسبة المجاعة إلى دخول  4 ملايين شخص جديد لقوائم النزوح والجوع".

وفي آب/أغسطس 2025 تعثرت المحادثات بين الجيش وقوات الدعم السريع في جنيف للأغراض الإنسانية برعاية الأمم المتحدة، والسبب تباعد المواقف وانعدام الثقة بين الطرفين.

وحملت الأمم المتحدة أكثر من مرة خلال عامي 2024 و2025 الوكالة الإنسانية التابعة لقوات الدعم السريع عرقلة دخول المساعدات إلى مناطق سيطرة هذه القوات.

أما خلال العام 2024 اتهم المبعوث الأميركي السابق إلى السودان توم بيرلو، الحكومة السودانية بوقف توزيع مساعدات على متن نحو 500 شاحنة احتجزت في مدينة بورتسودان.

التخلي عن الالتزامات 

ويقول المتحدث باسم الحزب الشيوعي، فتحي فضل، لـ"الترا سودان" إن السياسات الاقتصادية والأمنية من قبل الأطراف العسكرية تستهدف الضغط على الشعب السوداني للاستلام لهذا الطرف أو ذاك ومن المتوقع أن تستمر هذه السياسات خلال الفترة القادمة.

ويضيف: "تخلت حكومة الأمر الواقع في بورتسودان عن التزاماتها تجاه المواطنين، وهذه عملية مقصودة  ومتعمدة لتمرير شروطها". ويضيف متحدث الشيوعي فتحي فضل: "في الوقت ذاته لم تستسلم لجان المقاومة التي تحولت إلى لجان طوارئ ووفرت الطعام عبر المطابخ الجماعية للمواطنين".

وأردف: "السودانيون لن يستسلموا لهذا الواقع، لديهم ثلاث ثورات ويمكن أن يفعلوا الثورة الرابعة ضد هذا الواقع المرير".

من ناحية اقتصادية فإن تدني المؤشرات الإنتاجية إلى نسبة الصفر في بعض الولايات التي اشتهرت بالإنتاج يفاقم من الأزمة الإنسانية، فبينما يأمل المزارعون في الشمالية والجزيرة وسنار في خفض أسعار الوقود لتشجيع الإنتاج المحلي تجري الحكومات الولائية تحديثًا لأسعار المشتقات البترولية بين الحين والآخر لملاحقة سعر الصرف في السوق الموازي، وإزاء ذلك تراجع حماس المزارعين حتى بعد استرداد مناطقهم بواسطة الجيش نهاية العام ومطلع 2025.

اقتصاد الضرائب 

ارتفع سعر الوقود في السودان طوال العامين الماضيين بنسية 800% وانعكس على خدمات النقل والإنتاج وحركة الأسواق والسلع المستوردة وحتى على الكهرباء.

كما تفرض الحكومة القائمة في بورتسودان التي تستورد الوقود عن طريق القطاع الخاص رسومًا على الواردات من شحنات الوقود في الموانئ، وحتى في نقاط العبور بين الولايات.

ويقول المحلل الاقتصادي محمد إبراهيم لـ"الترا سودان" إن خفض أسعار الوقود للأغراض الزراعية في الولايات المستردة بواسطة القوات المسلحة أو في الولاية الشمالية ونهر النيل يحقق الأمن الغذائي لأكثر من خمسة ملايين شخص، وينعكس اقتصاديًا على 10 ملايين شخص في مناطق سيطرة الجيش.

متحدث الشيوعي: الحكومة تخلت عن التزاماتها تجاه المواطنين

وتابع: "تشكو وزارة المالية من نقص الإيرادات العامة وتلجأ إلى الضرائب المباشرة، وتترك أهم الوسائل الإنتاجية وهي الزراعة، لأنها تحولت إلى وزارة حرب توجه كافة الموارد إلى الإنفاق العسكري".

 يرجح إبراهيم تزايد حدة الأزمة الاقتصادية هذا العام نتيجة المؤشرات غير المعلنة من الحكومة التي يلاحظها هذا المحلل من خلال رفع أسعار الجمارك والكهرباء والوقود والقمح بالتدرج، وفرض ضرائب غير منظورة على السلع المستوردة تقفز شهريًا بصورة متوالية لتغطية العجز الكبير في الموازنة.

ويختم إبراهيم حديثه قائلًا: "اقتصاد الضرائب لا يؤدي إلى تحسن أحوال الناس الذين تستهدفهم، لأن الضرائب وسيلة كسولة يلجأ إليها الطاقم الحاكم وقد تكون من أجل رفاهيته".

الكلمات المفتاحية

مدينة بارا بولاية شمال كردفان

مدنيون نزحوا من بارا: نجونا من فرق إعدام متجولة بالمدينة

نقل عاملون في المجال الإنساني روايات صادمة عن المواطنين الذين نزحوا من مدينة بارا بولاية شمال كردفان عقب سيطرة الدعم السريع على المدينة في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2025.


البرهان وحميدتي - دقلو.png

موافقة الدعم السريع على الهدنة هل ألقت الكرة في ملعب الجيش؟

يبدو أن قوات الدعم السريع قررت إلقاء الكرة في ملعب الجيش عقب إعلانها رسميًا اليوم الخميس الموافقة على الهدنة الإنسانية، ووقف العدائيات وفق المقترحات المطروحة من دول الرباعية.


كردفان

آليات حربية تعكس مؤشرات التحشيد العسكري في إقليم كردفان 

تواصل الآليات العسكرية في التقدم والتحشيد في مناطق كردفان وسط تحذيرات من مراقبين بتحول الإقليم إلى منطقة ملتهبة عسكريًا، بينما يسعى الجيش إلى التقدم غربًا تحاول قوات الدعم السريع حماية مكاسبها الميدانية بنقل القتال إلى مناطق سيطرة القوات المسلحة.


وزير الدفاع السوداني

هل تحطم مقترح الهدنة الإنسانية على جدار مجلس الأمن السوداني؟

"قررنا مواصلة القتال والتعبئة الحربية"، بهذه العبارات لخص وزير الدفاع السوداني اللواء ركن حسن داؤود كيان قرار اجتماع مجلس الأمن والدفاع المشترك "أعلى هيئة عسكرية حكومية" في البلاد حول المقترح الأميركي بوقف إطلاق النار قصير للأغراض الإنسانية.

النقارة السودانية
منوعات

النقارة السودانية.. طبول تروي حكايات الفرح والحزن

تُعد النقارة السودانية نبضًا حيًا للثقافة الموسيقية في البلاد، فهي تحمل في دقاتها إرثًا فنيًا زاخرًا بالإبداع، وبين طياتها رسائل مختلفة، تعبر أحيانًا عن الفرح وأحيانًا عن الفزع والحزن، عبر إيقاعات متنوعة ومتفردة. تُلهب هذه النقارة الروح وتحتفي بالهوية والذاكرة الشعبية، وتستخدم بشكل خاص لدى قبائل كردفان.

مطار نيالا
أخبار

الطيران الحربي للجيش السوداني يشن غارات على مطار نيالا

شنَّ الجيش السوداني، السبت 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، غاراتٍ جوية على مواقع قوات الدعم السريع داخل مطار نيالا في ولاية جنوب دارفور.


الطبيب السوداني جمال الطيب
مجتمع

صمد لـ 30 شهرًا.. طبيب سوداني يُضيء الظلام بالحصول على جائزة دولية

بعد 30 شهرًا، توّجت منظمة أورورا الدولية الطبيب السوداني جمال الطيب بطلًا للقطاع الطبي والصحي والإنساني، من بين 900 شخصية حول العالم نافسوا على الجائزة التي أُعلن عنها الخميس 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2025.

الجوع في السودان
أخبار

وزير الموارد البشرية: 23 مليون سوداني تحت خط الفقر

كشف وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية معتصم آدم صالح، عن ارتفاع معدل الفقر في السودان من 21% قبل الحرب إلى 71.4% حاليًا وفقًا لتقديرات البنك الدولي، مشيرًا إلى أن نحو 23 مليون شخص باتوا تحت خط الفقر ويحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة.

الأكثر قراءة

1
أخبار

عبدالفتاح البرهان يتفقد نازحي الفاشر في الدبة بالولاية الشمالية


2
أخبار

الحكومة السودانية تعلن التزامها بخارطة الطريق لإنهاء الحرب


3
سياسة

مدنيون نزحوا من بارا: نجونا من فرق إعدام متجولة بالمدينة


4
أخبار

الجيش السوداني يسقط طائرة مسيرة في مدينة الأبيض بشمال كردفان


5
أخبار

تحذيرات من حشود الدعم السريع والشعبية حول مدينة الدلنج