السودان.. ثنائية الاقتصاد والحرب تسحق المواطنين
11 مارس 2025
وضعت الحرب المواطنين في السودان أمام خيارات ضئيلةٍفيما يتعلق بتدبير الوضع المعيشي، في ظل ارتفاع نسبة التضخم مقتربة من 183% وفقًا لآخر إحصائية.
اشتدت الأزمة الاقتصادية في السودان خلال الشهور الأخيرة
يقول معاوية من مدينة عطبرة لـ"الترا سودان" إنه اشترى جوال السكر بسعر (130) ألف جنيه لشهر رمضان، بينما دخله الشهري لا يتجاوز (350) ألف جنيه، ما يعني أنه أنفق 40% من دخله لشراء سلعة واحدة فقط.
لم يكن أمام معاوية، وهو عائل أسرته في عطبرة، سوى شراء السكر لمواجهة الطلبات المرتفعة خلال هذا الشهر، سواء على طحين القمح والذرة والبلح والمشروبات واللحوم والتوابل.
اشتدت الأزمة الاقتصادية في السودان خلال الشهور الأخيرة، نتيجة فرض الحكومة رسومًا جديدة منذ بداية العام في المحطات الجمركية، شملت وضع ضرائب على السلع المستوردة، ورفع التعرفة الجمركية إلى (1900) جنيه.
وكانت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي قد ابتدرت اجتماعاتٍ لتحديد الأولويات لفترة ما بعد الحرب، لتقديمها إلى دولة الصين فيما يتعلق بالبنية التحتية والمنشآت الحيوية وإعادة الإعمار.
ولم توضح الوزارة البنود المالية لتمويل إعادة إعمار ما دمرته الحرب، كما لم تحدد توقيتًا لوقف القتال، سواء بالحسم العسكري أو التفاوض، ما قد يعني رغبة الحكومة في القفز إلى مرحلة جديدة.
ويعتقد الخبير الاقتصادي وائل فهمي أن تحسن الاقتصاد ومعاش الناس مرتبطٌ بتهيئة القاعدة الإنتاجية، سواء في الأسواق أو المشاريع الزراعية أو البنية الصناعية، وليس معروفًا ما إذا كان الناس سيشعرون بتحسنٍ في ظل التدمير الذي خلفته الحرب.
ويتداول تجار السوق الموازي في المدن الواقعة تحت سيطرة الجيش، والآمنة نسبيًا شرقَ وشمالَ البلاد، سعرَ صرف الدولار الأميركي بـ(2600) جنيه، بينما تكافح محفظةٌ حكوميةٌ للإبقاء على سعر الصرف في هذا النطاق، من خلال توفير العملات الصعبة لاستيراد السلع الأساسية، التي تشمل الوقود والدقيق.
ويشرح الباحث في الاقتصاد السياسي محمد بشير الأسباب التي تؤدي إلى التدهور الاقتصادي، نتيجة الصرف المبالغ فيه على القطاع الأمني والعسكري وتمويل الحرب، وبالتالي، لا توجد أولويةٌ للتعليم والصحة ودعم السلع الأساسية.
ويقول بشير لـ"الترا سودان" إن الحكومة لم تكشف عن بنود موازنة العام 2025، حيث تم الإعلان عن إجازة موازنة طارئة مطلع هذا العام، دون نشر الأرقام الحقيقية لبنود الصرف الحكومي والتقديرات المتوقعة.
يستبعد بشير وجود موازنةٍ ثابتةٍ خلال العام 2025، مشيرًا إلى أن وزارة المالية لجأت إلى تجزئتها، لأن الموازنات في الدول تُبنى على تقديراتٍ من قطاعات الإنتاج والضرائب والصادرات في أوضاعٍ مستقرة، وجميع هذه العوامل غير متوفرةٍ في السودان بنسبةٍ كافيةٍ وثابتة.
ويرى أن السودان مقبلٌ على وضعٍ اقتصاديٍّ غيرِ مسبوقٍ، مع تحولاتٍ على الساحة الإقليمية والدولية، وشحٍّ في دعم المؤسسات الدولية، إلى جانب الإنفاق العسكري على الحرب، الذي يلتهم 90% من الموازنة.
وتستمر الحرب في السودان مقتربةً من عامها الثاني، منتصف نيسان/أبريل 2025، وقد خلفت خسائرَ كبيرةً في قطاع البنية التحتية، وتشير التقديرات إلى أن الخسائر لا تقل عن (150) مليار دولار، مع فقدان البنية الصناعية التي تتركز في العاصمة الخرطوم.
باحث: المواطنون يعتمدون على الاقتصاد الاجتماعي بعد أن تخلت عنهم الحكومة
ويقول الباحث الاقتصادي محمد أبشر لـ"الترا سودان" إن الاقتصاد السوداني تحول إلى "الاقتصاد الاجتماعي"، أي أن الدولة تخلت عن توفير التعليم والصحة ودعم السلع الأساسية.
وأضاف: "الاقتصاد الاجتماعي يعني اعتماد المواطنين على التكافل الاجتماعي، من خلال تحويلات السودانيين بالخارج أو التبرعات المالية للمبادرات الإنسانية لتوفير الحد الأدنى من الطعام والأدوية للمجتمعات".
الكلمات المفتاحية

ترتيبات لبدء عملية استبدال العملة في ولايتي الخرطوم والجزيرة
ترأس عضو مجلس السيادة الانتقالي، مساعد القائد العام الفريق مهندس إبراهيم جابر، اليوم، اجتماع لجنة استبدال العملة، بحضور وزير مجلس الوزراء المفوض بمهام رئيس الوزراء، إلى جانب عدد من الوزراء وممثلي الجهات الاقتصادية والأمنية ذات الصلة.

وزارة المالية تبحث إعفاء ديون السودان في اجتماعات صندوق النقد الدولي
قالت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي إن وفدًا حكوميًا يشارك في واشنطن في اجتماعات صندوق النقد الدولي، ومن أبرز الملفات المطروحة بالنسبة للسودان إعفاء الديون الخارجية

الخدمات تنهار.. عامان من الحرب يثقلان كاهل السودان
بملامح يعلوها القلق، تراقب هند هاتفها النقال بين الفينة والأخرى، أملًا في أن تجد رسالة تطمئنها على عائلتها في أم درمان، بعد انقطاع التيار الكهربائي عن المنطقة لنحو سبعة أيام.

عامان من القتال: المجازر الكبرى والصغرى في حرب السودان
مع اختتام العام الثاني للحرب في السودان، ودخول العام الثالث، شهدت مناطق واسعة من ولاية شمال دارفور مجازر عنيفة ارتكبتها قوات الدعم السريع، التي تسعى لفرض سيطرتها على الإقليم المنكوب بالحروب والمجاعات، في ظل فساد الساسة والقادة.

بعد عامين من الحرب... إلى أين يتجه المشهد العسكري في السودان؟
تدخل حرب السودان عامها الثالث، وسط توقعات باشتداد وتيرة العمليات العسكرية في غرب البلاد وجنوبها، مع انخفاضها في الوسط، مما يؤكد استمرارها، لا سيما في ظل عدم وجود حل سلمي يلوح في الأفق لإيقاف القتال الذي خلف آلاف القتلى وشرد ملايين النازحين واللاجئين.

السودان… أزمة إنسانية واقتصادية على أعتاب حرب ثالثة
على أعتاب العام الثالث من حرب السودان تتنامى التحذيرات من موجات نزوح جديدة، وتفشي المجاعة في مناطق أكثر هشاشة بإقليم دارفور وكردفان، مع احتدام الصراع بين الجيش والدعم السريع خلال الشهر الماضي.

لاجئون سودانيون يبدأون رحلات شاقة لمغادرة مصر إلى بلادهم
مع عودة آلاف اللاجئين السودانيين من المدن المصرية تشهد المعابر حركة واسعة للحافلات وفق متابعة متطوعين في غرف الطوارئ بالولاية الشمالية، بينما رجح عاملون في تنسيق هذه الرحلات عودة نصف مليون لاجئ سوداني خلال هذا العام من مصر إلى بلدهم إثر سيطرة الجيش على العاصمة الخرطوم، وعودة الحياة بشكل متدرج.