الكرقل بجنوب كردفان.. من منطقة سيطرة متناوبة إلى مركز تجاري نابض
5 أكتوبر 2025
تقع منطقة الكرقل على بُعد نحو 25 كيلومتراً شمال مدينة كادوقلي بولاية جنوب كردفان. ومنذ الأشهر الأولى لاندلاع الحرب، ظلت الكرقل نقطة سيطرة متناوبة بين الجيش الشعبي والقوات المسلحة السودانية، ما جعلها منطقة استراتيجية للتحكم في أحد أهم الطرق الحيوية بالإقليم، وهو طريق الدلنج – كادوقلي.
كانت المرة الأولى في 3 حزيران/يونيو 2023 حينما شنت قوة من الجيش الشعبي هجوماً على حامية الكرقل، وتمكنت من السيطرة عليها. ومنذ ذلك التاريخ وحتى 22 شباط/فبراير 2025 ظلت القوات التابعة للجيش الشعبي متمركزة فيها، إلى أن تمكنت القوات المسلحة من استعادة السيطرة عليها بعد عملية عسكرية واسعة شملت التقاء قوات الفرقة 14 مشاة كادوقلي مع اللواء 54 مشاة الدلنج في منطقة السماسم، مما مكنها من تأمين الطريق وفرض نفوذها على الكرقل.
ومع اشتداد القتال اختفى النشاط الاقتصادي والتجاري الذي كانت تشتهر به الكرقل، إذ كانت لسنوات سوقاً تجارياً كبيراً يربط القرى الواقعة بين الدلنج وكادوقلي
لكن لم يدم الاستقرار طويلاً، ففي 19 حزيران/يونيو 2025 سيطر الجيش الشعبي على منطقة الدشول، ما أدى إلى قطع الطريق مجدداً.
وتقدمت في اليوم التالي نحو حامية الكرقل، غير أن القوات المسلحة تصدت للهجوم. وفي 20 حزيران/يونيو شنت القوات المسلحة هجوماً مضاداً تمكنت من خلاله من استعادة السيطرة على الدشول وإعادة فتح الطريق.
أدت هذه المعارك المتكررة إلى نزوح مئات الأسر نحو كادوقلي والدلنج، فيما اتجه آخرون إلى قرى القلفان، كتن، كركندي، والرجول. ومع اشتداد القتال، اختفى النشاط الاقتصادي والتجاري الذي كانت تشتهر به الكرقل، إذ كانت لسنوات سوقاً تجارياً كبيراً يربط القرى الواقعة بين الدلنج وكادوقلي، وتُعرف بسوقها الأسبوعي الذي يُقام كل أربعاء، إضافة إلى سوق الماشية الذي كان يجذب تجاراً من كوستي والأبيض يشترون الماشية من الأهالي القادمين من القرى المجاورة مثل الرجول، الكتن، كركندي، أم حيطان، والورل.
لكن خلال العامين الماضيين، فقدت الكرقل أي مظهر من مظاهر الحياة التجارية، حتى بدأت مؤشرات التعافي تظهر تدريجياً منذ منتصف حزيران/يونيو الماضي، مع عودة السكان واستئناف بعض الأنشطة الصغيرة.
وفي إفادة لـ"الترا سودان"، يقول صديق برقو، وهو صاحب دكان في سوق الكرقل، إن المنطقة فقدت خلال العامين الماضيين الحياة بكل تفاصيلها، مشيراً إلى أن السوق أُغلق، وأصبحت الطرق التي يسلكها التجار من وإلى الكرقل خطرة.
ويضيف: "لكن الوضع الآن تغيّر، فالبضائع بدأت تصلنا بأسعار أفضل من قبل، والتجار يأتون من اتجاهي الرجول ومناطق سيطرة الحركة الشعبية، وهذا ما خلق نوعاً من التوازن في الأسعار".
ويتابع برقو أن السوق الأسبوعي الذي يُقام كل أربعاء لم يعد يقتصر على يوم واحد كما كان سابقاً، إذ أصبح النشاط التجاري مستمراً طوال الأسبوع.
وأشار إلى أن أسعار السلع الأساسية شهدت استقراراً نسبياً مقارنة بالعام الماضي، حيث استقر سعر رطل الزيت عند 18 ألفاً، والسكر 14 ألفاً، والذرة 15 ألفاً، والصابون 3 آلاف، وعلبة السجائر 4 آلاف جنيه.
وختم قائلاً إن التجار المحليين من أبناء المنطقة بدأوا يستعيدون نشاطهم بعد أن فقدوا رؤوس أموالهم، مضيفاً أن "السوق بدأ ينتعش رغم الغياب الكبير للتجار الكبار".
أما محمد الشاذلي، وهو موظف في المحلية وأحد سكان المنطقة، فيقول إن السوق فقد الكثير من تجاره الكبار الذين كانوا يأتون من خارج الكرقل، خصوصاً من الفور والتاما، والذين غادروا نحو الدلنج وحجر جواد بعد اشتداد المعارك.
وأضاف أن من تبقى من أبناء المنطقة لم يكن يملك رأس المال الكافي لمواصلة العمل، بسبب الارتفاع الجنوني في الأسعار العام الماضي.
وأشار الشاذلي إلى أن تحسن الأوضاع الأمنية نسبياً خلال الأشهر الماضية، وخاصة ربط المنطقة بمدينتي الدلنج وكادوقلي، ساهم في إعادة النشاط التجاري.
أشار إلى أن أسعار السلع الأساسية شهدت استقراراً نسبياً مقارنة بالعام الماضي
وأضاف أن السوق أصبح في حالة استقرار، حتى أن القرى المجاورة تأتي كل أربعاء إلى السوق الأسبوعي. وأوضح أن القوات الأمنية كانت تمنع التجار من الذهاب إلى مناطق سيطرة الحركة الشعبية لجلب البضائع والذرة، إلا أنه بعد قطع الطريق إلى سوق النعام وتوقف البضائع التي كان يجلبها الحمر من غرب كردفان عبر التهريب، إضافة إلى توقف سوق أم عمارة، سُمح للتجار حالياً بالذهاب إلى مناطق سيطرة الحركة الشعبية، وهو ما ساعد في انخفاض الأسعار.
وقال إن ملوة الذرة التي كانت تُباع بـ30 ألفاً أصبحت الآن 15 ألفاً فقط.
يجدر بالذكر أن الكرقل اليوم تمثل منفذاً تجارياً مهماً يغذي حتى مدينة كادوقلي بالذرة والمواد الغذائية، ويُعزى ذلك إلى التحسن النسبي في الوضع الأمني والمرونة في حركة البضائع القادمة من مناطق متفرقة، بما في ذلك مناطق سيطرة الحركة الشعبية.
فمع تزايد أعداد التجار القادمين من مناطق مثل أم جمينا والرجول، بدأت الكرقل تستعيد موقعها القديم كمحطة تجارية بين قرى شمال كادوقلي وجنوب الدلنج، ومركزاً لبيع المحاصيل الزراعية وبعض الماشية.
الكلمات المفتاحية

أم روابة بين الهدوء والقلق.. بداية موسم الحصاد
في ظل تصاعد النزاعات في شمال كردفان وسيطرة قوات الدعم السريع على محليتي بارا وأم دم حاج أحمد في أواخر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، يعيش سكان أم روابة حالة من الهدوء الحذر. المدينة، التي لم تشهد عمليات عسكرية مباشرة، ما زالت توازن بين استمرار الحياة اليومية من الأسواق والمزارع، وبين الخوف من تمدد النزاع نحو مناطقها الزراعية الحيوية.

نازحو الفاشر في الدبة.. مأساة الفقد والتشريد
"زار رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، مراكز إيواء منطقة الدبة شمالي السودان، حيث يقيم نازحو مدينة الفاشر الفارون من الاشتباكات المسلحة. وأظهرت صور انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي أمس السبت هذا اللقاء أثناء الاطلاع على أوضاع النازحين.

صمد لـ 30 شهرًا.. طبيب سوداني يُضيء الظلام بالحصول على جائزة دولية
بعد 30 شهرًا، توّجت منظمة أورورا الدولية الطبيب السوداني جمال الطيب بطلًا للقطاع الطبي والصحي والإنساني، من بين 900 شخصية حول العالم نافسوا على الجائزة التي أُعلن عنها الخميس 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2025.

السودان.. النزوح ترفُ الناجين من المذابح في بارا والفاشر
أدّت هجمات قوات الدعم السريع خلال نهاية تشرين الأول/أكتوبر ومطلع تشرين الثاني/نوفمبر 2025 إلى نزوح قرابة 100 ألف شخص من مدينتَي بارا والفاشر في كردفان ودارفور، إضافةً إلى القرى والبلدات الصغيرة التي تشعر بالتوتر من تهديد هذه القوات في شمال كردفان.

مرصد حقوقي: أكثر من 11 ألف قتيل و32 ألف جريح في هجمات الدعم السريع على الفاشر
أعلن مرصد مشاد لحقوق الإنسان أنه وثّق مقتل أكثر من 11,700 مدني وإصابة نحو 32,000 آخرين خلال ما وصفها بـ"المجازر الواسعة" التي شهدتها مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، عقب سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة في تشرين الأول/ أكتوبر 2025.

الخرطوم وكسلا تعلنان فتح المعسكرات لمساندة الجيش في المعارك
أعلنت ولايتا الخرطوم وكسلا تجهيز معسكرات التجنيد لدعم الجيش السوداني في الحرب ضد قوات الدعم السريع، في المعارك الجارية غربي البلاد.

أردوغان: نواصل الجهود لوقف الصراع السوداني ولن نكتفي بالمتابعة
قال أردوغان، في تصريحات نقلتها وكالة الأناضول: "سنواصل جهودنا الدبلوماسية لضمان السلام والأمن في السودان ولا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري هناك".

غرفة طوارئ: مدينة بابنوسة خالية من السكان تمامًا
قالت غرفة طوارئ بابنوسة بولاية غرب كردفان إن المدينة خالية من السكان بنسبة 100% بعد نزوح قرابة 177 ألف شخص جراء الاشتباكات المسلحة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ كانون الثاني/يناير 2024.
