تضم 5 آلاف كتاب.. الحزن يخيم على أسرة الروائي عيسى الحلو بعد حرق مكتبته

خيّم الحزن والغضب على أسرة وأصدقاء الكاتب والروائي الراحل عيسى الحلو عقب إحراق مكتبته الخاصة في منزله بحي الجامعة في أم درمان، التي تحتوي على نحو 5 آلاف كتاب، وذلك على يد عناصر تابعة لقوات الدعم السريع.

وأحرقت مجموعة تتبع لقوات الدعم السريع كانت تتخذ من منزل الراحل مكاتب لها مئات الكتب التي كان جمعها الروائي عيسى الحلو على مدار نصف قرن، وبينها كتب نادرة و إهداءات خاصة من أصدقائه من الكتاب السودانيين والعرب، وقد استخدمتها عناصر الدعم السريع كوقود لطهي الطعام، ولم تُكترث لقيمتها المعرفية.

نون عيسى الحلو: كنا نخطط لجعل المكتبة وقفًا لروح والدي ولكن الحرب قطعت علينا ذلك وأضاعت علينا الحلم الذي كنا نريد تحقيقه

 

 

تقول ابنة  الراحل عيسى الحلو لـ"الترا سودان": إن مجموعة من قوات الدعم السريع كانت تستخدم منزلنا كمكاتب لها، وعملت على حرق المكتبة التي تحتوي على 5 آلاف كتاب من الكتب النادرة وغير الموجودة في عدد من المكتبات السودانية، ظل يجمعها والدي لأكثر من 60 عامًا.

وأشارت إلى أن أفراد الدعم السريع لم يكتفوا بحرق الكتب لطهي الطعام، بل قاموا بالعبث بما تبقى منها في فناء المنزل والتبرز فيها، كما أصابه الضرر والإتلاف بسبب الأمطار.

وأوضحت أنهم كانوا يخططون لجعل المكتبة وقفًا لروح الراحل عيسى الحلو، ولكن الحرب قطعت عليهم أحلامهم وأضاعت عليهم الحلم الذي كانوا يريدون تنفيذه.

ولفتت نون عيسى الحلو إلى أن المجموعة التي كانت توجد في المنزل عمدت إلى محو آثار الراحل، حيث أحرقت جميع الصور التي كانت موجودة على جدران المنزل.

وقالت إن هناك صورًا نادرة تجمعه مع المثقفين والأدباء والكتاب في السودان والوطن العربي والأفريقي، وصورًا نادرة له عندما كان يعمل مدرسًا قبل أن يتحول إلى العمل الصحفي.

وأضافت: كما أحرقت جميع المجلات والصحف التي كان يحتفظ بها في أرشيف للصحف التي عمل فيها مشرفًا على الملفات الثقافية.

وختمت نون بحسرة: "لم يكتف هؤلاء الجنود بحرق المكتبة ومقتنيات الراحل، إذ عثرنا على صورة إطارية له كان يضعها في أعلى رف صغير خصصه والدي للكتب الإنجليزية بالصالة، حيث أطلق أحد الجنود الرصاص عليها، إلا أن زجاج البرواز لم يتهشم كليًا ليصبح شاهدًا على حقد هؤلاء الجنود". وتابعت: "هذه الطلقة كأنها اخترقت صدري".

وتوفي الروائي عيسى الحلو، في تموز/يوليو 2021 بالخرطوم، عن عمر ناهز الـ"77" عامًا، بعد صراع مع المرض.

وألف  الحلو عددًا من المجموعات القصصية، أهمها ريش الببغاء، الوهم، وردة حمراء من أجل مريم "أصدرتها دار مدلايت بلندن"، قيامة الجسد "الدار السودانية للكتب 2005م"، وعجوز فوق الأرجوحة "مدارك للنشر 2010م".

كما أصدر روايات "حمّى الفوضى والتماسك"، و"صباح الخير أيها الوجه اللا مرئي الجميل"، وقبل رحيله  بأشهر أصدر الحلو رواية "نسيان ما لم يحدث" عن دار مدارك للطباعة والنشر.

ونشرت للحلو ثلاث روايات بالصحف السودانية هي "مداخل العصافير إلى الحدائق، الجنة بأعلى التل، والبرتقالة".
ووصف النقاد مجموعته القصصية "ريش الببغاء"، وهي باكورة أعماله في العام 1963م الصادرة عن دار الحياة ببيروت، بأنها تجربة مُغايرة في المشهد السردي السّائد، وبشّرت بميلاد كاتب برؤية مختلفة.

وقبل ثلاث سنوات، وفي عامه الرابع والسبعين، احتفل الكاتب الكبير باليوبيل الذهبي ومرور خمسين عامًا على حياته القصصية والروائية والنقدية.

ولد الحلو بكوستي في ولاية النيل الأبيض في 1944م وتخرج في معهد التربية ببخت الرضا عام 1971م بعدما نال الدبلوم العالي. والتحق مبكرا بمجال الصحافة وتخصص في الصحافة الثقافية، وأشرف على العديد من الملاحق الثقافية بالصحف اليومية.

ولم تكن مكتبة الراحل عيسى الحلو هي المكتبة الوحيدة التي أصابها الحريق والتخريب، بل هناك عشرات المكتبات العامة والخاصة التي لحقها التدمير الممنهج في حرب منتصف نيسان/أبريل 2023.

ومنذ اندلاع حرب منتصف نيسان/ أبريل 2023 فقد السودانيون ذاكرتهم المكتوبة والمرئية والمسموعة سواء في المكتبات العامة أو الخاصة، وأرشيف الإذاعة والتلفزيون، والصحف اليومية التي كانت شاهدة ومؤرخة لتاريخ السودان الحديث، فضلًا عن دار الوثائق القومية، ودور النشر، ومخازن الكتب النادرة التي تقلب صفحاتها كل صباح بين يدي باعة الكتب على أرصفة العاصمة، والمتاحف متنوعة الطابع.