يبدو أن الأزمة الاقتصادية واتساع نطاق الاضطرابات في البلاد انعكست على القطاع الصحي، وخلفت انحسارًا لـ "الأعمال الروتينية" للكوادر الصحية في الأحياء والأسواق فيما يتعلق بالحملات الحكومية لمكافحة النواقل.
خلال هذا الشهر رصدت السلطات الصحية بولاية الخرطوم (110) حالة إيجابية من (169) حالة اشتباه بحمى الضنك بمحليتي أمبدة وكرري، بمدينة أم درمان حسب ما أكدت وزارة الصحة الاتحادية.
انتقل الفيروس المسبب لحمى الضنك إلى 12 ولاية من بينها الخرطوم
وينقل فيروس حمى الضنك نوع من البعوض فيروس يُطلق عليه اسم "الزاعجة المصرية، وتركزت في مناطق شرق السودان خاصة كسلا والبحر الأحمر قبل أن تنتقل هذا العام إلى (12) ولاية سودانية بسبب تدهور صحة البيئة وزيادة تخزين المياه في المنازل لأسباب متعلقة بالندرة والانقطاع. وتشمل هذه المشكلة ولاية الخرطوم التي انتقلت إليها "الزاعجة المصرية" لأول مرة هذا الشهر، بحسب إفادات وزير الصحة الاتحادي هيثم محمد إبراهيم في مؤتمر صحفي أمس الأربعاء.
وعزا وزير الصحة هيثم محمد إبراهيم انتقال "الزاعجة المصرية" المسببة لحمى الضنك إلى ولاية الخرطوم نتيجة كثافة الحركة نحو العاصمة.
وكانت حمى الضنك ظهرت في ولايات دارفور وشمال كردفان في تشرين الثاني/نوفمبر 2022 لأول مرة في تطور لافت لانتشار هذا الفيروس بسبب تدهور الصحة العامة في البلاد منذ سنوات بسبب قلة الصرف الحكومي.
وأوضح وزير الصحة الاتحادية أن هناك ارتفاع لمستوى تخزين المياه في محلية أمبدة بسبب قطوعات المياه، وهذا أدى إلى زيادة توالد "الزاعجة المصرية" إلى جانب توالدها في النفايات الرطبة بالمنازل أو الشوارع.
وبلغت نسبة المنازل التي سجلت حالات إيجابية لتوالد "الزاعجة المصرية" بولاية الخرطوم حوالي (47)%، وبلغ تركيز اليرقات في الغرف (7.12). واعتبرتها وزارة الصحة الاتحادية "نسبة كبيرة".
وأوضح هيثم محمد إبراهيم أن الحالات الإيجابية لحمى الضنك "لا تدعو إلى القلق" لأن الأغلبية يعالجون بالبندول والسوائل.
بالمقابل أقر وزير الصحة الاتحادية بوفاة مريض بحمى الضنك بولاية القضارف هذا الشهر، من (80) حالة سجلتها الولاية لأول مرة وتأكيد (59) حالة.
ويحذر الخبير في مجال البيئة حسن عبد الرحمن من تدهور الصحة العامة بسبب شح التمويل الحكومي، مشيرًا في حديث لـ"الترا سودان" إلى غياب الرعاية الصحية الأولية في الأحياء بسبب إغلاقات طالت المراكز الصحية وتشريد عمال الصحة وعمال الرش وتدني الأجور.
ويرى عبد الرحمن أن الوضع في السودان يمكن أن نطلق عليه حاليًا "حالة ما قبل اللا دولة" بسبب المؤشرات التي أمامنا من مكاتب الصحة الخالية من الموظفين، وعدم وجود نظام فعال لنظافة الأحياء.
وتابع: "من الطبيعي أن يبحث ناقل حمى الضنك عن المناطق الرطبة إذا كانت شبكة الصرف الصحي في وسط العاصمة منفجرة ولا أحد يقترب منها من أجل الصيانة".
وكان السودان تقدم بخطة مالية نهاية العام الماضي لزيادة الصرف على القطاع الصحي متوقعًا ارتفاع الوبائيات بسبب تضرر نحو (140) ألف شخص في فيضانات العام الماضي.
وأكد مصدر من وزارة الصحة لـ"الترا سودان"، أن شح الموارد لا يساعد على تفعيل الأعمال الروتينية مثل مكافحة النواقل، وقال: "كان من الطبيعي انتقال حمى الضنك إلى العاصمة هذا العام و(11) ولاية أخرى لأول مرة منذ العام الماضي".
مصدر من الصحة: من الطبيعي انتقال الفيروس لشح التمويل وغياب التخطيط
وأكد هذا المصدر في حديثه لـ"الترا سودان" عدم انتظام الحكومة في تمويل قطاع الصحة منذ ثلاث سنوات، وغياب التخطيط.
وتُشكل نسبة الصرف الحكومي على قطاع الصحة في الموازنة العامة أقل من 3% منذ سنوات طويلة، ويعتمد هذا القطاع على التمويل الدولي من المنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة.