حذّر المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، فولكر تورك، من أن الحرب في السودان تأخذ منعطفًا أكثر خطورة على المدنيين بعد ورود تقارير عن مقتل العشرات بوحشية في هجمات استهدفت جماعات عرقية في ولاية الجزيرة، إضافة إلى تقارير عن معركة وشيكة للسيطرة على العاصمة الخرطوم.
فولكر تورك: أصبحت الهجمات المباشرة والموجهة عرقيًا ضد المدنيين أكثر شيوعًا
ومنذ شهر أيلول/سبتمبر 2024 تصاعدت حدة المواجهات العسكرية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، إذ اتسع نطاق المعارك في كل من ولايات الخرطوم والجزيرة وشمال دارفور، ما عرض مئات المدنيين للقتل والإصابة والنزوح الجماعي في ظروف بالغة الصعوبة.
وقال تورك، اليوم الجمعة 17 كانون الثاني/يناير 2025: "بينما تتصارع القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على السيطرة بأي ثمن في هذه الحرب العبثية التي استمرت لما يقارب السنتين، أصبحت الهجمات المباشرة والموجهة عرقيًا ضد المدنيين أكثر شيوعًا".
وأضاف مفوض حقوق الإنسان أن الوضع بالنسبة للمدنيين في السودان بالفعل يائس، وهناك أدلة على ارتكاب جرائم حرب وجرائم فظيعة أخرى. أخشى أن الوضع الآن يأخذ منعطفًا أكثر خطورة.
ووفقًا للبيان وثقت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، في الأسبوع الماضي فقط،، مقتل ما لا يقل عن 21 شخصًا في هجمتين بولاية الجزيرة، على الرغم من أن العدد الفعلي للهجمات وعدد المدنيين الذين قتلوا قد يكون أعلى بكثير.
وتابع البيان: ففي هجوم وقع في 10 كانون الثاني/يناير، قُتل ما لا يقل عن ثمانية مدنيين في مخيم طيبة، وتم اختطاف ما لا يقل عن 13 امرأة ورجل واحد. كما أُحرقت المنازل، ونهبت الماشية والمحاصيل والممتلكات الأخرى، وتعرضت عشرات الأسر للنزوح.
وأضاف: في اليوم التالي، قُتل ما لا يقل عن 13 مدنيًا، من بينهم صبيان، في هجوم على مخيم خمسة. يقع كلا المخيمين على بعد حوالي 40 كيلومترًا من مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة.
وأردف البيان أن التقارير تشير إلى أن الهجمات نفذتها قوات درع السودان بقيادة أبو عقلة كيكل، القائد السابق في قوات الدعم السريع الذي انشق عنهم في تشرين الأول/أكتوبر الماضي لينضم إلى القوات المسلحة السودانية. واستهدفت مجموعة الكنابي، وهي مجموعة مهمشة تاريخيًا تتألف أساسًا من النوبة وقبائل أفريقية أخرى.
وأشار تورك إلى تأكيدات السلطات السودانية بأن هذه الهجمات، التي جاءت في سياق استعادة ود مدني من قبل القوات المسلحة السودانية، سيتم التحقيق فيها بشكل كامل وسيُحاسب المسؤولون عنها، وأن لجنة تحقيق قد تم تشكيلها لهذا الغرض.
وتابع البقول: "الهجمات الانتقامية – ذات القسوة الصادمة – على مجتمعات بأكملها بناءً على الهوية العرقية الحقيقية أو المتصورة في ازدياد، وكذلك خطاب الكراهية والتحريض على العنف. يجب أن يتوقف ذلك بشكل عاجل".
وأوضح البيان أن مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، حصلت على ثلاثة مقاطع فيديو، توثق مشاهد عنف، بما في ذلك عمليات قتل غير قانونية، تم تجريد الضحايا من إنسانيتهم وتسميتهم بـ"وسخ"، "عفن"، "بهيمة"، و"أبناء الضيف"، كما تم الاحتفاء بعمليات الإعدام المختصرة من قبل الجناة باعتبارها "عملية تنظيف". وبحسب البيان يُعتقد أن الفيديوهات صُورت في ود مدني، مع ظهور رجال بزي القوات المسلحة السودانية بشكل واضح.
وأكد البيان أنه لا تزال هناك مخاوف جدية بشأن المدنيين في شمال دارفور، حيث تستمر الهجمات العرقية التي تنفذها قوات الدعم السريع وميليشياتها العربية المتحالفة ضد المجموعات العرقية الأفريقية، خاصة الزغاوة والفور، في فرض حصيلة مرعبة.
وأوضح البيان أن التقارير أفادت بمقتل حوالي 120 مدنيًا وإصابة أكثر من 150 آخرين في هجمات بطائرات مسيرة يوم 13 كانون الثاني/يناير، نُسبت إلى القوات المسلحة السودانية، واستهدفت سوقًا في ساحة أمبدة دار السلام، وهي منطقة تسيطر عليها قوات الدعم السريع.
ودعا تورك رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد قوات الدعم السريع إلى إنهاء القتال، مجددًا دعوته للطرفين بالالتزام بالواجبات المترتبة عليهما بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وألا تُوجه الهجمات ضد المدنيين.
وحذر من أن انتشار تجنيد الميليشيات وحشد المقاتلين، إلى حد كبير على أسس عرقية، يهدد بإشعال حرب أهلية أوسع وعنف بين المجتمعات.