منوعات

قاعة الصداقة.. مبنى التحولات السياسية والثقافية في السودان

13 فبراير 2025
Friendship hall khartoum.jpg
قاعة الصداقة (Modern Sudan)
عامر صالح
عامر صالح صحفي من السودان

تعد قاعة الصداقة في الخرطوم، واحدة من أهم معالم المدينة، وأبرز الأمثلة على العمارة الحديثة في السودان. افتتحت القاعة رسميًا في عام 1976 بدعم من جمهورية الصين الشعبية، لتصبح مركزًا للمؤتمرات والفعاليات الوطنية والدولية. تقع القاعة في موقع استراتيجي عند ملتقى النيلين الأزرق والأبيض، مقابل جزيرة توتي، ما منحها حضورًا مميزًا في مدينة الخرطوم.

موقع إستراتيجي

أقيم مجمع قاعة الصداقة في موقع إستراتيجي على شارع النيل بمنطقة المقرن، غرب القصر الجمهوري القديم، في المساحة التي كانت تشغلها سابقًا حديقة الركابي، والتي انتقلت ملكيتها لاحقًا إلى هيئة الأوقاف القومية الإسلامية. يحد الموقع من الغرب مبنى كان يستخدم سابقًا كمصنع للسكر، حيث تم تحويله إلى مستودع لتخزين السكر قبل شحنه عبر النيل إلى وجهاته المختلفة. كما كانت هناك ساحة مجاورة للمصنع يستغلها أطفال حي المقرن لممارسة كرة القدم. تولت شركة صينية تشييد المجمع، وهي ذات الشركة التي أشرفت على بناء القصر الرئاسي الجديد في الخرطوم، والذي افتتح عام 2014.

تشغل قاعة الصداقة موقعًا بارزًا في قلب منطقة سياحية واجتماعية وسياسية حيوية بالخرطوم

تشغل قاعة الصداقة موقعًا بارزًا في قلب منطقة سياحية واجتماعية وسياسية حيوية بالخرطوم، حيث يجاورها من الشرق فندق كورنثيا الخرطوم (المعروف سابقًا بفندق برج الفاتح)، بينما يقع غربها متحف السودان القومي وحدائق 6 أبريل وفندق كورال الخرطوم (هيلتون سابقًا) وجسر النيل الأبيض المؤدي إلى أم درمان. في الشمال، تطل القاعة على مرسى عبّارة جزيرة توتي، أما في الجنوب فتقع عدة مكاتب لشركات وبعثات دبلوماسية أجنبية.

معمار قاعة الصداقة

جاءت فكرة إنشاء القاعة عقب زيارة الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري إلى الصين، حيث طُرح المشروع استجابةً لطلب سوداني بإنشاء قاعة مؤتمرات متعددة الأغراض. تولى تصميم المشروع المعماري الصيني وانغ دينجزينج بالتعاون مع معهد شنغهاي للعمارة المدنية، فيما أشرفت وزارة البناء والأشغال العامة السودانية على تنفيذه، بمساعدة مئتي فني صيني.

امتد العمل على المشروع من عام 1972 حتى افتتاحه رسميًا عام 1976 بحضور الرئيس نميري ووفد صيني. وكانت القاعة جزءًا من سلسلة مشاريع مماثلة نفذتها الصين في كل من غينيا وسريلانكا، في إطار تعزيز علاقاتها الدبلوماسية مع الدول النامية.

شهدت قاعة الصداقة عدة توسعات وتجديدات عديدة، أيضًا بدعم صيني. وقد بُنيت وفق نهج معماري حداثي مستوحى من مدرسة باوهاوس

شهدت قاعة الصداقة عدة توسعات وتجديدات عديدة، أيضًا بدعم صيني. وقد بُنيت وفق نهج معماري حداثي مستوحى من مدرسة باوهاوس، مع تكامل بين التصميم الهندسي المتناسق ومتطلبات الأداء الوظيفي المتعدد. يبرز ذلك في توزيع القاعات والمساحات الداخلية، حيث تشتمل على قاعة مؤتمرات رئيسية، وسينما، وقاعة حفلات، ومرافق ضيافة.

تماشى التصميم مع الظروف المناخية الحارة والجافة في الخرطوم، إذ استُخدمت تقنيات حديثة للتحكم في الإضاءة الطبيعية والحرارة، من بينها موانع شمسية عمودية على الواجهة الشمالية، وشاشات خرسانية مجوفة تغطي المنصة الأفقية وقاعة السينما. كما تم تقليل عدد النوافذ على الواجهات الشرقية والغربية والجنوبية للحد من الإشعاع الشمسي.

تميز المشروع بإدخال تقنيات بناء غير مسبوقة في السودان، مثل نظام الكتل الإسمنتية الجاهزة للأسقف، ما استدعى تنظيم ورش عمل لنقل الخبرة إلى الفنيين السودانيين. وعكست القاعة تحولًا في الهندسة المعمارية الصينية، حيث أعيد تفسير التقاليد الإسلامية بلمسات حداثية، عبر استخدام الأقواس المدببة وتحويلها إلى أشكال هندسية مجردة.

الأهمية التاريخية

 ظلت قاعة الصداقة شاهدًا على تحولات سياسية وثقافية فارقة في تاريخ البلاد على مدى العقود الماضية، ولعبت دورًا محوريًا في استضافة الفعاليات السياسية والثقافية الكبرى، من بينها إعلان نتائج استفتاء انفصال جنوب السودان عام 2011، وتوقيع الوثيقة الدستورية عام 2019، التي مهدت لتشكيل الحكومة الانتقالية عقب الثورة السودانية.

المنطقة التي تقوم فيها قاعة الصداقة كانت موقع أشد الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حيث تعد من المناطق السيادية المركزية في البلاد

المنطقة التي تقوم فيها قاعة الصداقة كانت موقع أشد الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حيث تعد من المناطق السيادية المركزية في البلاد، وتتركز فيها مواقع مهمة مثل القصر الجمهوري ورئاسة مجلس الوزراء والوزارات الاتحادية، ما جعلها هدفًا أساسيًا في الصراع القائم منذ نيسان/أبريل 2023.

وتسيطر قوات الدعم السريع على هذه المواقع منذ الأسابيع الأولى للحرب، وشهدت هذه المناطق خرابًا كبيرًا جراء الاشتباكات العنيفة بين القوات المتقاتلة. وفي يوم الأربعاء، 12 شباط/فبراير 2025، قالت حسابات موالية للجيش السوداني، إن قوات الدعم السريع قامت بإحراق قاعة الصداقة. ويرى محللون أن هذه القوات شبه العسكرية قامت بهذا الفعل للتغطية على انسحاب منسوبيها من استهداف القناصة والمسيرات، عقب تقدم كبير للجيش في المناطق المجاورة.

الكلمات المفتاحية

القصر الجمهوري

سيارات القصر الجمهوري… مُحركات شاهدة على تقلبات السودان 

في مرأب يحيطه الإطار الزجاجي بالقصر الجمهوري الذي تفصله الحواجز الحديدية الشاهقة عن شارع الجامعة وسط العاصمة الخرطوم، تقبع سيارات باهظة الثمن في المتحف بعضها تعود إلى عامي 1934 و 1984، أُهديت من الدول والزعماء إلى الرؤوساء السودانيين الذين حكموا البلاد طوال السنوات الماضية.


الهلال 2.jpg

ديربي وادي النيل: الهلال في نزال شرس ضد الأهلي المصري

يخوض فريق الهلال السوداني مساء اليوم الثلاثاء 8 نيسان/أبريل 2025، عند التاسعة مساء بتوقيت السودان، مباراة شرسة ضد فريق الأهلي المصري، في دور المجموعات من منافسة البطولة الأفريقية للأندية الأبطال.


الكعك السوداني

حلويات العيد السودانية.. وصفات مختلفة ونكهات خاصة

قبيل الأعياد في السودان، عادة ما تعبق الطرقات برائحة حلويات العيد السودانية، لا سيما الكعك الذي يحمل رائحة مميزة ارتبطت في أذهان السودانيين بصباحات العيد المبهجة.


دوري اللاجئين السودانيين لكرة القدم في أوغندا

دوري السلام السوداني الرمضاني في أوغندا.. الكرة في مواجهة اللجوء

شهد دوري السلام السوداني في العاصمة الأوغندية كمبالا مشاركة واسعة من الشباب السودانيين اللاجئين، في أجواء رمضانية مفعمة بالحماس والتآخي الكروي، في حدث رياضي يعكس روح الوحدة والتعايش السلمي، خفف من مآسي الحرب واللجوء. البطولة التي ينظمها شباب سودانيون من اللاجئين في أوغندا

عامان على الحرب في السودان
سياسة

عامان من القتال: المجازر الكبرى والصغرى في حرب السودان

مع اختتام العام الثاني للحرب في السودان، ودخول العام الثالث، شهدت مناطق واسعة من ولاية شمال دارفور مجازر عنيفة ارتكبتها قوات الدعم السريع، التي تسعى لفرض سيطرتها على الإقليم المنكوب بالحروب والمجاعات، في ظل فساد الساسة والقادة.

حرب السودان بعد عامين من اندلاعها
سياسة

بعد عامين من الحرب... إلى أين يتجه المشهد العسكري في السودان؟ 

تدخل حرب السودان عامها الثالث، وسط توقعات باشتداد وتيرة العمليات العسكرية في غرب البلاد وجنوبها، مع انخفاضها في الوسط، مما يؤكد استمرارها، لا سيما في ظل عدم وجود حل سلمي  يلوح  في الأفق لإيقاف القتال الذي خلف آلاف القتلى وشرد ملايين النازحين واللاجئين.


عامان على الحرب في السودان
سياسة

السودان… أزمة إنسانية واقتصادية على أعتاب حرب ثالثة 

على أعتاب العام الثالث من حرب السودان تتنامى التحذيرات من موجات نزوح جديدة، وتفشي المجاعة في مناطق أكثر هشاشة بإقليم دارفور وكردفان، مع احتدام الصراع بين الجيش والدعم السريع خلال الشهر الماضي.

السودانيون في مصر.jpg
مجتمع

لاجئون سودانيون يبدأون رحلات شاقة لمغادرة مصر إلى بلادهم 

مع عودة آلاف اللاجئين السودانيين من المدن المصرية تشهد المعابر حركة واسعة للحافلات وفق متابعة متطوعين في غرف الطوارئ بالولاية الشمالية، بينما رجح عاملون في تنسيق هذه الرحلات عودة نصف مليون لاجئ سوداني خلال هذا العام من مصر إلى بلدهم إثر سيطرة الجيش على العاصمة الخرطوم، وعودة الحياة بشكل متدرج.

الأكثر قراءة

1
مجتمع

الفاشر… بقايا مدينة ترزح تحت الركام


2
أخبار

مقتل نازحين في الطريق بين مخيم زمزم والفاشر 


3
أخبار

قائد الجيش: قريبًا سننهي خطر المسيرات التي تقصف المرافق المدنية 


4
أخبار

أصوات انفجارات تهز محيط قاعدة وادي سيدنا بأم درمان 


5
مجتمع

السودان… العطش والظلام يخيمان على حياة المواطنين