10-أكتوبر-2024
قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو

قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الشهير بـ"حميدتي"

عقب معارك ضارية خسرت فيها قواته مواقع إستراتيجية وأخرى لم تُهزم فيها منذ اندلاع الحرب في نيسان/أبريل من العام الماضي، خرج قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، الشهير بـ"حميدتي"، في خطاب مطول مساء الأربعاء 9 نيسان/أبريل 2024، جدد فيه اتهاماته للإسلاميين بالوقوف خلف الجيش، وطاف فيه على خلفيات للصراع رأى فيها أسبابًا لاندلاع الحرب في السودان.

بما كان أبرز ما ورد في خطاب حميدتي الذي امتد لحوالي (40) دقيقة، اتهامه لسلاح الجو المصري بقصف قواته

ربما كان أبرز ما ورد في خطاب حميدتي الذي امتد لحوالي (40) دقيقة، اتهامه لسلاح الجو المصري بقصف قواته مرتين على الأقل خلال الحرب السودانية؛ أولاها في منطقة كرري العسكرية في الساعات الأولى لاندلاع الصراع، والثانية أثناء المعارك الأخيرة في منطقة جبل موية.

حميدتي لم يكتفِ بذلك، بل قال إن الجيش المصري يزود الجيش السوداني بالقنابل الضخمة والطائرات التي تستخدم في استهداف قواته. وربما لهذه الأسباب كان رد فعل الخارجية المصرية هو الأول والأبرز على خطاب الرجل الذي وصفته الخارجية المصرية في بيان لها تنفي فيه مشاركتها في حرب السودان، بـ"قائد ميليشيا الدعم السريع"، وتعد هذه أول مرة تستخدم فيها جهة خارجية من هذا العيار وصف الميليشيا في الحديث عن قوات الدعم السريع شبه العسكرية في السودان.

الخارجية المصرية قالت في بيانها الذي اطلع عليه "الترا سودان"، إن مزاعم دقلو تأتي فى خضم "تحركات مصرية حثيثة لوقف الحرب وحماية المدنيين وتعزيز الاستجابة الدولية لخطط الإغاثة الإنسانية للمتضررين من الحرب الجارية بالسودان"، داعية في الوقت ذاته المجتمع الدولي "للوقوف على الأدلة التي تثبت حقيقة ما ذكره قائد ميلشيا الدعم السريع"، بحسب تعبير البيان.

مصر أكدت في بيانها حرصها على أمن واستقرار ووحدة السودان، مشددة على أنها لن تألو جهدًا لتوفير كل سبل الدعم للأشقاء في السودان لمواجهة الأضرار الجسيمة الناتجة عن الحرب.

حميدتي في خطابه الذي بدا مرتجلًا وفوضويًا، تطرق للحركات المسلحة التي تحالفت مع الجيش عقب أن اتخذت موقف الحياد بادئ الأمر. خاطب دقلو قائد حركة جيش تحرير السودان مني أركو مناوي بشيء من اللوم، قائلًا إنه لم يكن لهم أن يتقاتلوا في دارفور وهم من نفس المناطق.

تدافع حركة جيش تحرير السودان التي يقودها حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي عن مدينة الفاشر بالتحالف مع الجيش السوداني وحركة العدل المساواة. شهدت المعارك في الفاشر صمودًا كبيرًا لهذه القوات المتحالفة في ظل حصار مستمر تفرضه قوات الدعم السريع على المدينة منذ أشهر، مكبدة الدعم السريع خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، أسفرت عن مقتل قادة كبار من محاربيها المعروفين.

قائد الدعم السريع في خطابه كان قد قال إن الاتفاق الإطاري هو سبب الحرب في السودان، وهذا ما تطرق إليه حاكم إقليم دارفور، قائد حركة جيش تحرير السودان مني أركو مناوي في منشور بثه على موقع التواصل الاجتماعي "إكس"، حيث قال إن حميدتي أثبت بأن "الإطاري هو سبب الحرب"، مؤكدًا على أن "مفاصل المؤامرة على السودان" قد بدأت بالظهور، ومشددًا في الوقت ذاته بأن "الحل الوحيد هو الاعتراف بالأخطاء من أجل حل يتقدمه أبناء الوطن".

قائد حركة العدل والمساواة المتحالفة مع الجيش السوداني، وزير المالية بالحكومة السودانية جبريل إبراهيم الذي اتهمه حميدتي بأنه ينهب أموال السودانيين، لم يفوت الفرصة للرد، حيث وصف الخطاب بأنه "إعلان هزيمة"، قائلًا إن دقلو قد نعى عمليًا مغامرته لحكم السودان بالزندية.

في الجانب الآخر، نشر أيضًا قائد حركة العدل والمساواة المنشقة، سليمان صندل حقار قائلًا إن خطاب قائد الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو "أبان للشعب السوداني المكلوم كيف أن نظام المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية التابعة له خططوا ودبروا وأشعلوا هذه الحرب، وكيف أنهم وقفوا ضد أي تحول مدني ديمقراطي".

حقار شدد على أن الخطاب وضع كل القوى السياسية المؤمنة بالحرية والديمقراطية والحكم المدني وحكم الشعب والحكم الفدرالي أمام "مسؤولياتها الوطنية"، مؤكدًا أن "قوى الثورة" سوف تختار الخيار الصحيح.

محمد حمدان دقلو حاول في حديثه إثارة نعرات قبلية وعرقية، متحدثًا عن سيطرة قواته على مناطق قال إنها تمثل "حواضن الإسلاميين" في شمال السودان، ذاكرًا منطقة حجر العسل بولاية نهر النيل المتاخمة للعاصمة الخرطوم، وقال إن الطيران الحربي يقصف حواضن قواته في دارفور، ولكن لا يقصف المناطق التي يسيطر عليها في قري وحجر العسل، ليتفادى الإضرار بالمدنيين. لجان المقاومة في حجر العسل خرجت في بيان محذرة من خطورة هذا المنحى، قائلة إن "التهديدات التي أطلقها قائد الدعم السريع في خطابه بالأمس باستهداف حجر العسل والبسابير وقندتو وقري باعتبار أنها حواضن اجتماعية لأعضاء الحركة الإسلامية على حسب قوله، وفي حال استهدفت قوات الجيش حواضنهم الاجتماعية، تعتبر نذير شؤم وبداية لحرب أهلية لا تبقي ولا تذر، وإشعالًا لنار الفتنة والقبلية والجهوية"، حد قولها.

بيان لجان المقاومة في حجر العسل حذر الأطراف المتحاربة من هذا المسلك الذي وصفته اللجان بـ"المدمر"، مطالبة بـ"الجنوح لصوت الحكمة والعقل وتجنيب البلاد مزيدًا من الخراب والدمار والتشتت واللجوء والنزوح".

ختامًا، لا بد أن خطاب حميدتي المطول سيكون له ما بعده، فالرجل أمر قواته بالحشد والاستعداد لمرحلة جديدة من الحرب، مطالبًا حتى من هم في إجازات أو ذهبوا إلى بيوتهم في أذونات، بالتبليغ إلى القيادة العسكرية. دقلو شدد على المضي قدمًا في الحرب، الأمر الذي دفع البعض إلى التحذير من مرحلة صعبة قد تعني المزيد من الانتهاكات بحق المدنيين، فيما رد آخرون بأن ماذا يمكن أن يحدث أكثر مما حدث بالفعل، من قتل وتشريد وإفقار للسودانيين على يد الدعم السريع التي تُنسب إليها انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في السودان، وما يرقى لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وحتى التطهير العرقي في مناطق سيطرتها، لا سيما إقليم دارفور المكلوم، ومناطق ولاية الجزيرة وسنار التي شهدت مجازر كبرى لم تشهد مثلها في تاريخها المعاصر.

الخطاب أيضًا أكد لآخرين بداية انهيار هذه القوات شبه العسكرية التي تتلقى ضربات موجعة من الجيش السوداني الذي افترع ضدها عملية عسكرية كبرى في عدد من المحاور منذ أواخر الشهر الماضي، وفي الوقت ذاته تكبدها القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح خسائر كبرى في الأرواح والعتاد في إقليم دارفور.