بالرغم من أن حكومة الفترة الانتقالية قطعت الشك باليقين عن عزمها على رفع الدعم عن الوقود مقبل الأيام، بحسب تصريح رسمي من وزير الطاقة والتعدين المكلف خيري عبدالرحمن، ومصادر صحفية متعددة، إلا أن الإعلان عن الخطوة قاد إلى نقاش مكثف ما بين ناشطين ومهتمين سودانيين حول الخطوة، بشكل ينبئ بأنه ربما تجد الخطوة رفضًا شعبيًا واسعًا، حيث قام مجموعة من السودانيين، بتفنيد عدد من الحجج التي كانت تلقي بها الحكومة ومساندين للخطوة.
أسعار الوقود المنخفضة نسبيًا كانت حجة مؤيدي رفع الدعم لجهة أنه لا يذهب للفقراء
وتبادل المؤيدون والرافضون للخطوة صورة منسوبة لوزارة المالية والتخطيط الاقتصادي تبين الفرق الشاسع في السعر بين عدد من السلع الاستهلاكية الأساسية والبنزين، وتوضح أن السلع العادية تبدو عالية التكلفة أمام سلعة كالبنزين، لا يعدها مساندو رفع الدعم سلعة أساسية.
ورغم أن الصورة المروجة للخطوة، لم تؤكدها جهات رسمية، إلا أنها ظلّت الحجة الأكثر استخدامًا وسط المساندين للخطوة، قائلين بأن غالبية الشعب السوداني لا يستفيد من الدعم لهذه السلعة، موضحين أن المستفيدين من الدعم هم ملاك السيارات الخاصة، في إشارة إلى رفاههم.
اقرأ/ي أيضًا: حمدوك يرفض مقايضة إزالة السودان من قائمة الإرهاب بالتطبيع
وحاجج الناشط السياسي حسام قريش، عبر إفادة سابقة لـ"الترا سودان"، أن رفع الدعم، يخفف العبء على الحكومة التي تبيع الوقود بأرخص الأسعار العالمية بالنسبة للمستهلك قائلًا: "لا يمكن أن يكون سعر الوقود لدينا من أرخص الأسعار في العالم لأن الدولة توجه كل إيراداتها بل وتطبع العملة من أجل تمويل استهلاك وقود رخيص لا يستفيد منه قطاع الإنتاج".
لكن هناك من يرى أن رفع الدعم عن الوقود سينعكس بشكل ميكانيكي على مجمل الأوضاع الاقتصادية والإنتاجية في السودان، حسب ما كتب حسام عابدين عبر حسابه على فيسبوك منشورًا مطولًا شاركه مجموعة كبيرة من رواد التواصل الاجتماعي:
وفي جانب آخر، قال أيمن بيك على حسابه، إنهم لم يستفيدوا أصلًا من الدعم للسلع، كونها لا تتوفر في السوق الرسمية، فيضطرون للوصول لها عبر تجار موازيين للسوق الرسمي، قائلًا إنه يفضل أن يدفع للحكومة على أن يدفع للسوق الموازية، كونه أصلًا يدفع السعر غير الرسمي لمثل هذه السلع:
يشار إلى خطوة رفع الدعم عن السلع ظلّت إحدى الأسباب التي كانت تثير الشارع السوداني في عهد النظام المُباد، حيث كان السودانيون يخرجون إلى الشوارع، طوال أعوام، كلما أعلنت حكومة المؤتمر الوطني نيتها رفع الدعم.
وفي السياق استعاد السودانيون منشورًا قديمًا لوزير الصناعة والتجارة مدني عباس مدني، يبين فيه رفضه لسياسات رفع الدعم أثناء فترات سابقة من عهد النظام المُباد:
وتلجأ حكومة الفترة الانتقالية إلى هذه الخطوة وسط اتهامات أطلقتها جهات سياسية، عن أن الحكومة تطبق سياسات إعادة الهيكلة الاقتصادية للاقتصاد السوداني بما يتماشى وسياسات المنظمات النقدية والمالية العالمية، حيث برفع الدعم عن الوقود، تفتح الحكومة السودانية باب استيراد وبيع الوقود للحكومة وللقطاع الخاص بما يتماشى والسياسات التحريرية المالية العالمية.
وتزامنًا مع توجهات الحكومة التحريرية، أعلنت في آب/أغسطس الماضي عن فتح باب استيراد الوقود للشركات الخاصة والأفراد. وفي الأثناء أعلنت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، اليوم الإثنين، عن دعم مقدم من البنك الدولي يبلغ (400) مليون دولار، عبارة عن منح جزاء ما أسمتها الوزارة بـ"الإصلاحات الاقتصادية".
اقرأ/ي أيضًا: شهود الاتهام في مجزرة الأبيض: قوة من الدعم السريع أطلقت الرصاص على الطلاب
لكن يرى الصحفي محمد سعيد حلفاوي، معلقًا على خبر منحة البنك الدولي، أن المساعدات المقدمة رهينة بتحرير الاقتصاد لصالح القطاع الخاص، الذي يرى أنه ليس مؤهلًا للعب دور وطني يسهم في رفعة الاقتصاد السوداني. حيث كتب قائلًا:
انتشرت أنباء عن رفض السودان للتطبيع نتيجة لعدم الاتفاق على المقابل المادي للتطبيع
ويعيش السودان وسط تجاذب سياسي حاد حول توجهات الحكومة الانتقالية، عبر ميل رئيس وزرائها ومجموعة من القوى السياسية للانفتاح على المجتمع الدولي الغربي، تزامنًا مع أزمة سياسية يشهدها شريكا الحكم حول قضية التطبيع مع إسرائيل المرتبطة بعدد من الملفات الاقتصادية، من ضمنها الاستفادة التي عول عليها أحد الشركاء في الحكم الانتقالي، والتي لم تتضح حتى الآن الأسباب الكامنة لتوقف اتمامها، لكن تشير آخر تصريحات رئيس الوزراء عن رفضه ربط إزالة السودان عن قائمة أمريكا للإرهاب بالتطبيع مع إسرائيل، وسط أقاويل أن المقابل المادي للتطبيع لم يكن كما طلبت حكومة السودان المتفاوضة على التطبيع.
اقرأ/ي أيضًا