04-سبتمبر-2024
شعار جامعة بخت الرضا

تعد جامعة بخت الرضا ذات أهمية خاصة وسط الجامعات السودانية

الحرب الدائرة في السودان منذ أكثر من (15) شهرًا، أجبرت آلاف الأسر على الفرار إلى ولايتي الجزيرة والنيل الأبيض. ومع انتقال نيران القتال إلى الجزيرة، تزايدت موجات النزوح نحو النيل الأبيض، حيث ارتفعت معاناة الأهالي الذين اضطروا للجوء إلى المدارس والسكن الجامعي ضمن المرافق التي تحولت إلى مآوٍ للنازحين.

ومع مرور الوقت وتطاول أمد الحرب، أصدرت وزارة التعليم العالي قرارًا بفتح الجامعات في الولايات الآمنة، تاركة الأسر النازحة بلا بدائل ولا دعم حقيقي. في الوقت ذاته، يواجه الطلاب تحديات هائلة في العثور على مكان مناسب للدراسة والعيش، بينما تقف الحكومة عاجزة عن إيجاد حلول جذرية. فكيف يواجه هؤلاء الطلاب هذا الواقع القاسي؟ وما هي الحلول التي ستقدمها الجهات المسؤولة للتخفيف من معاناتهم؟

طالبة بجامعة بخت الرضا،  لـ"الترا سودان": الداخلية مكتظة بعدد هائل من الطالبات والأسر النازحة

وتقول الطالبة بجامعة بخت الرضا، مشارق نجم الدين، إنها جاءت إلى الدويم في شهر يوليو/تموز، ولم يكن السكن الجامعي "الداخلية" التي تتبع لكلية الاقتصاد حينها مكتظة بهذا العدد الهائل من الطالبات وأسر النازحين. وأضافت أن السكن ضيق وكان مخصصًا لطالبات كلية الاقتصاد فقط.

وأشارت مشارق لـ"الترا سودان" إلى الصعوبات التي يواجهنها، مثل انقطاع المياه، لافتة إلى وجود مشكلة بين النازحين والطالبات في الأجنحة بسبب الإضاءة، ولكن تم حلها لصالح الطالبات. وذكرت أن الطالبة قبل أن تأتي إلى السكن، يجب عليها إحضار إفادة من الجامعة بجانب جدول الامتحانات، ثم التوجه إلى رئاسة محلية الدويم، قسم الرعاية الاجتماعية، لإحضار خطاب للنزول بالداخلية.

وأوضحت مشارق أن الداخلية أصبحت ملاذًا للنازحين، مما دفع اللجنة التي تم تشكيلها في الداخلية إلى مطالبة الطالبات بمراجعة المحلية، مشيرة إلى أن الصندوق القومي لرعاية الطلاب قد رفع يده عما يحدث للطالبات.

والنزوح والدراسة

وتقول الطالبة بكلية التربية بجامعة بخت الرضا، رميساء عثمان، إنها واجهت في البداية صعوبة في السكن، فهي من الطالبات اللاتي تم تحويلهن من جامعة بخت الرضا بمنطقة نعيمة بمحلية القطينة إلى الدويم لإكمال الدراسة. وأضافت أنه بصحبتها أكثر من (13) طالبة توجهن مباشرة إلى داخلية اقتصاد بالدويم.

طالبة: الحرس منعنا من دخول الداخلية حتى وقت متأخر من الليل

وأشارت رميساء في حديثها لـ"الترا سودان" إلى أن حرس الداخلية لم يسمح لهن بالدخول، وظللن واقفات أمام باب السكن حتى وقت متأخر من الليل، وبعد محاولات، سمح لهن بالدخول وأخبرهن بضرورة إحضار خطاب من رئاسة محلية الدويم، رغم وجود ما يثبت أنهن طالبات.

وأضافت أنهن في اليوم التالي توجهن إلى رئاسة المحلية وأحضرن الخطاب للحرس، الذي سمح لهن بالبقاء على أن يغادرن السكن بعد انتهاء الامتحانات والالتزام بالضوابط واللوائح. وأشارت إلى الصعوبات التي تواجهها داخل السكن من حيث صعوبة التركيز بسبب وجود الأسر وتذبذب التيار الكهربائي والماء.

أما الطالبة بكلية الطب والعلوم الصحية بجامعة بخت الرضا، أمنيات حسن، فتقول إن حرس داخلية اقتصاد طلب منها ومعها أربع من زميلاتها مغادرة السكن خلال يومين. وأضافت أنه عند قدومها إلى الدويم، وجدت أن الداخلية التي كانت تسكن بها قبل اندلاع الحرب يسكن فيها قوات العمل الخاص التابعة للجيش السوداني، فتوجهت هي ورفيقاتها إلى داخلية اقتصاد.

وأشارت أمنيات في حديثها لـ"الترا سودان" إلى أن أحد أفراد الشرطة وعضو لجنة أمن المحلية طلب منهن مغادرة السكن إذا لم يحضرن خطابًا من الصندوق القومي لرعاية الطلاب أو من رئاسة محلية الدويم. وأضافت أن الوضع في السكن أصبح صعبًا عليهن، حيث يفترشن الأرض للنوم ويقمن بالوقوف في صفوف للحصول على الماء. وأوضحت أنها اضطرت للخروج للحاق بزميلاتها اللواتي طُردن من نفس الداخلية ويدفعن (50) ألف جنيه سوداني لكل طالبة كسكن خاص.

بين التعليم الإلكتروني والامتحانات الحضورية

يقول عميد كلية تنمية المجتمع في جامعة بخت الرضا، أحمد عيسى، إن الجامعة تعمل إلكترونيًا، لكنهم أخطروا الطلاب والطالبات بضرورة الحضور للامتحانات. وأضاف أنه بعد حضورهم يواجهون حاليًا مشكلة في السكن، نظرًا لأن معظم الداخليات أصبحت مراكز إيواء للنازحين.

عميد كلية تنمية المجتمع في جامعة بخت الرضا لـ"الترا سودان": هناك غياب تام من الدولة لما يحدث للطلاب والطالبات من معاناة

وقال عيسى في حديثه لـ"الترا سودان" إنهم كأعضاء هيئة تدريس يعانون بشدة من أوضاع هؤلاء الطلاب والطالبات، حيث جمد عدد كبير منهم العام الدراسي لعدم وجود معارف أو أقارب لهم في الدويم ليسكنوا معهم. واعتبرها تحديات لا يستطيعون حلها كأعضاء هيئة تدريس، وأضاف أن نسبة حضور الطلاب والطالبات مقارنة بالعدد الكلي للدفعات قليلة جدًا، وهناك مشكلة في الامتحانات، حيث إن الحضور يمثل فقط (50%) من كل دفعة.

وأوضح عميد كلية تنمية المجتمع في جامعة بخت الرضا أنهم قاموا بجمع أسر النازحين في داخليتين، وأخلوا داخليتين لبعض الطلاب، لكنهما لم تكونا كافيتان لاستيعاب جميع الطلاب، مما اضطر البعض للذهاب إلى السكن الخاص. لافتًا إلى أن الحل يكمن في توفير خيام لأسر النازحين ليتم إخلاء بقية الداخليات للطلاب، قائلًا إن التعليم العالي استضاف النازحين لمدة عام، وعلى الدولة أن توفر البدائل وتقوم بدورها. وتابع: "هناك غياب تام من الدولة لما يحدث للطلاب والطالبات من معاناة".

جامعة بخت الرضا

جامعة بخت الرضا التي في الجزء الشمالي من مدينة الدويم على الضفة الشرقية للنيل الأبيض، تعد من الجامعات السودانية ذات الأهمية الخاصة، ويجاورها المركز القومي للمناهج والبحث التربوي. تُعد الجامعة منارة تعليمية أسهمت بفاعلية في تطوير التعليم وتدريب المعلمين، إذ تعود جذورها إلى معهد التربية بخت الرضا الذي كان يعمل على تدريب المعلمين وإعداد المناهج لمراحل التعليم المختلفة في البلاد. وفي عام 1997م، تحول اسمها إلى جامعة بخت الرضا.

إدارة الجامعة تتكون من مجلس الجامعة، مدير الجامعة، نائب مدير الجامعة، وكيل الجامعة، أمين الشؤون العلمية، أمين المكتبة، عميد شؤون الطلاب، وعمداء الكليات والمراكز والإدارات المساعدة لهم. ولكن، بينما تواصل الجامعة مسيرتها التعليمية الرائدة، تواجه اليوم تحديات كبيرة تهدد رسالتها التعليمية، مما يجعل مستقبلها ومستقبل طلابها على المحك. هل ستتمكن الجامعة من تجاوز هذه الصعاب والحفاظ على دورها الفعّال في تطوير التعليم في البلاد؟ الأيام القادمة ستكشف لنا الإجابة.