تتزايد حالات الإصابة بوباء كورونا بشكل مقلق في السودان، حيث اقتربت البلاد من تسجيل الحالة رقم أربعة آلاف حالة، مع تأكيدات من خبراء إن العدد الحقيقي للحالات أكبر من ذلك بكثير، ولكن أغلبها يمر دون فحص، وهو ما تؤكده الزيادة الغامضة في الوفيات بين كبار السن، الأمر الذي كان ملحوظًا لدرجة رد الفعل الحكومي في شمال دارفور، بحيث منعت الحكومة الدفن دون تصريح، وطالبت لجان المقاومة والمواطنين التبليغ عن أي عمليات دفنٍ أو تحركاتٍ مشبوهةٍ في المقابر.
كورونا لا يضرب المواطنين وحدهم، الوباء لا يعترف بالألقاب أو المكانة الاجتماعية ويصيب الجميع على حدٍ سواء، وهو ما سماه البعض بديمقراطية الأوبئة
ولكن كورونا لا يضرب المواطنين وحدهم، الوباء لا يعترف بالألقاب أو المكانة الاجتماعية ويصيب الجميع على حدٍ سواء، وهو ما سماه البعض بديمقراطية الأوبئة، ولربما كانت تلك تسميةٌ اختزاليةٌ نوعًا ما، فالبعض لا يملك رفاهية العزل المنزلي، والبعض لا يملك المنزل حتى، ولكنه الحال مع أي ديمقراطية، فحتى الديمقراطية السياسية تميل لتمييز وحماية أصحاب المال والنفوذ. ولكن هذا التمييز لا ينطبق بأي حال من الأحوال على مسؤولينا في الحكومة الانتقالية، فأغلبهم مواطنون عاديون لم يعرف لهم مالٌ ولا حتى نفوذ من قبل الثورة، وقد يضيف البعض ولا حتى بعدها.
اقرأ/ي أيضًا: بنيامين نتنياهو: تحدثت مع الرئيس السوداني هاتفيًا وهنأته بعيد الفطر
ومنذ آذار/مارس الماضي، وحتى قبل أن ينتشر المرض بين المواطنين الانتشار الذي نراه اليوم، بدأ فيروس كورونا بالتسلل للقياديين في الحكومة الانتقالية، وكان أول الضحايا هو وكيل أول وزارة الإعلام، الرشيد سعيد، والذي تضاربت الأنباء في منتصف آذار/مارس بالتزامن مع أوائل الحالات في البلاد حول إصابته بالفيروس الجديد بعد مخالطته أحد المصابين ودخوله الحجر المنزلي، إثر عودته من رحلة عملٍ خارجية.
تلى الرشيد سعيد بعدها بأيام وزير الطاقة والتعدين، عادل علي إبراهيم، والذي أدخل نفسه الحجر المنزلي الاختياري بعد مخالطته مصاب كورونا رقم أربعة، حيث صرح الوزير أنه صادف المريض مؤكد الإصابة، وكان على بعد متر منه ومرتديًا كمامة، ولكنه رغمًا عن ذلك اختار الدخول في العزل حرصًا على سلامة الناس.
تلاهم بعدها في مطلع نيسان/أبريل، وزير الدولة بوزارة الخارجية، عمر قمر الدين، والذي هو الآخر أعلن دخوله العزل المنزلي من باب الاحتياط بعد مخالطته أحد المصابين ولم ترد أي أنباء عن إصابته بالفيروس.
ثم جاء الدور على وزير الثقافة والإعلام، فيصل محمد صالح، والذي دخل العزل المنزلي باختياره بعد أن شارك في حلقةٍ في التلفزيون وتبين له لاحقًا أن أحد الضيوف كان مصابًا بفيروس كورونا.
انتشرت في نفس الوقت على الصحف ووسائل الإعلام، أخبار إصابة وزير الدولة بوزارة النقل، هاشم ابن عوف، والذي غرد مؤكدًا تلك الأخبار وشاكرًا كل من آزره في محنته وهو الذي أصيب أفرادٌ من عائلته بكورونا فكانت المحنة مضاعفة.
المهندسة ولاء ليست الأولى، ولكنها لقيت تضامنًا غير مسبوقٍ على وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصًا أنها وزيرة الشباب ومن بين الوزراء الأكثر نشاطًا بظهوراها المستمر على وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي التي نشرت عبرها خبر إصابتها ونصحت رفاقها في جولتها الولائية بالدخول في العزل المنزلي تفاديًا لانتشار الفيروس.
وكان عضو المجلس السيادي الانتقالي محمد الفكي سليمان أول المستجيبين لندائها، وأعلن دخوله الحجر الصحي وشروعه في إجراءات الفحص، وذلك بعد أن طمأن الجميع أنه بخير.
ليس السودان وحده الذي يشهد تهديدات لحكومته نتيجة لانتشار فيروس كورونا بين المسؤولين، وربما وضع الجنوب الشقيق أصعب وأكثر تعقيدًا بعد تأكيد إصابة نائب الرئيس، قائد الحركة المسلحة السابق، ريك مشار، بالفيروس الجديد، هو وزوجته وزيرة الدفاع أنجلينا تنج، وعددًا من المسؤولين الرفيعين في الحكومة.
اقرأ/ي أيضًا
متى كان "الصادق المهدي" مع الثورة؟
الدقير: ما حققناه متواضع وأقل من تطلعات الثورة ويجب الاعتراف بالأخطاء