ضربت أزمة حادة في الخبز ولاية الخرطوم منذ نهاية الأسبوع الماضي، وعزا ملاك المخابز الأزمة لقطوعات الكهرباء وفواتيرها الجديدة الباهظة وتحرير الجازولين ليصل لـ(23) ألف جنيه للبرميل، إضافة لندرة الدقيق والغاز وخروج الحكومة من دعم تكلفة نقل الدقيق من المطاحن إلى المخابز.
قطوعات الكهرباء وفواتيرها المرتفعة والدقيق والغاز كلها مشاكل تواجه المخابز
ويُقضي العشرات من المواطنين ساعات طويلة قرب المخابز في مناطق الصحافة وجبرة والامتداد والعمارات والرياض وأركويت شرق وجنوب العاصمة، بينما شكا مواطنون من مدينة أم درمان أن الأزمة بلغت ذروتها اليوم السبت وخرجت عشرات المخابز عن الخدمة حيث تباع قطعة الخبز بسعر (25) جنيهًا في المنطقة الواقعة غربي العاصمة، واضطر بعض المواطنين إلى شراء الخبز من المطاعم بسعر (30) جنيهًا للقطعة.
اقرأ/ي أيضًا: الهلال والمريخ يتأهلان من مجموعة الأبيض في دوري السيدات
ومنذ ثلاثة أسابيع توقفت شحنات الغاز والدقيق إلى المخابز وفق ما ذكر ملاك مخابز لـ"الترا سودان"، وأشار صاحب مخبز في منطقة الشجرة جنوب الخرطوم إلى أن مخبزه لم يحصل على الغاز وشحنات الدقيق منذ ثلاثة أسابيع.
ويطرح مدافعون عن تحرير السلع الأساسية مقترحًا داخل أروقة وزارة المالية برفع الدعم المتدرج عن الخبز، برفع سعر القطعة إلى خمسة جنيهات، بينما قوبل المقترح بالرفض من اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير.
وتحاول المالية تمرير المقترح عبر التشريعي المؤقت بين مجلسي السيادة والوزراء مع مشروع موازنة 2021.
وذكر حسان أحمد (24) عامًا لـ"الترا سودان"، أنه خرج من منزله الساعة الرابعة صباحًا لـ"حجز موقعه" في صف المخبز، وعندما اشترى الخبز كانت الساعة تشير إلى التاسعة صباحًا.
وتتفاوت المشاكل التي تواجه المخابز بين شح الدقيق والغاز وقطوعات الكهرباء وزيادة تكلفة نقل الدقيق من المطاحن إلى المخابز والتي تعتبر عوامل رئيسية في خروج آلاف المخابز من الخدمة، ولفت عضو في اتحاد المخابز في تصريح لـ"الترا سودان"، أنه من (2.5) ألف مخبز خرج (1.5) مخبز من الخدمة الأسابيع الماضية، وتقلص العدد قبل شهور من أربعة آلاف إلى (2.5) ألف.
ورغم محاولات الحكومة لإسعاف الوضع المتأزم في قطاع المخابز بتشغيل المخابز المصرية، لكنها تحتاج إلى كميات كبيرة من الدقيق ولا تزال خطوط التوزيع لم تحسم بعد، وفق ما ذكر مصدر من وزارة التجارة والصناعة لـ"ألترا سودان"، مشيرًا إلى أن "مصانع وادي النيل للخبز تحتاج إلى بعض الوقت لترتيب أوضاعها وتحديد منافذ التوزيع والنقل والتكلفة والعمالة".
ولجأ المواطنون إلى الخبز التجاري، حيث تٌباع القطعة بسعر (25) جنيهًا في بعض المراكز التجارية. وأبلغ أحد العاملين في المراكز "الترا سودان" أن الخبز التجاري أصبح ينفذ في دقائق، لأن الخبز معدوم في الأحياء.
اقرأ/ي أيضًا: الألماني فولكر بيرتيس رئيسًا لبعثة الأمم المتحدة الجديدة في السودان
وأوضح ابراهيم يوسف، (43) عامًا وهو من سكان حي جبرة جنوب الخرطوم، لـ"ألترا سودان"، أنه يشتري الخبز التجاري لأن الوقوف في صفوف الخبز يستغرق أربع إلى ثلاث ساعات يوميًا.
مواطن: كنا نأمل من الحكومة أن تنهي أزمة الخبز لأنها واحدة من الأسباب التي أدت إلى اندلاع الاحتجاجات الشعبية
وتابع: "كنا نأمل من الحكومة أن تنهي أزمة الخبز لأنها واحدة من الأسباب التي أدت إلى اندلاع الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بالرئيس المعزول، لكن الأزمة حاليًا أسوأ مما كانت عليه قبل عام، وتتدهور يوميًا لأن الحكومة لم تصمم نظامًا جديدًا لصناعة الخبز على مستوى ولايات البلاد".
وفي الوقت الراهن يتصدر السوق التجاري للخبز الأسواق عقب تعليق (60)% من المخابز عملها بولاية الخرطوم بسبب ندرة الغاز وقطوعات الكهرباء وارتفاع تكلفة الجازولين وشح طحين القمح.
وأضاف يحي حسن، وهو مالك مخبز في الخرطوم: "الجازولين المخصص للمخابز تم تحرير أسعاره بالكامل، ويباع البرميل بـ(23) ألف جنيه ولا يمكن أن تشتري بهذا السعر وتجبر على بيع القطعة بسعر جنيهين، هل أنا جمعية خيرية أم مستثمر؟".
وأردف: "حتى نقل الدقيق من المطاحن إلى المخابز يتحمل تكلفته الملاك، لأن الحكومة خرجت من الخدمة ولم تتركها كما هي، بل حررت سعر الجازولين الذي يفاقم الترحيل".
أما في مدينة أم درمان لاحظ "الترا سودان" أن غالبية المخابز مغلقة منذ الجمعة وحتى اليوم السبت، وتزايدت طوابير المواطنين أمام مخبز جوار محطة سراج، وشوهد لجوء بعض المواطنين إلى طلب وجبات من المطاعم نتيجة لشح الخبز.
ويوضح مهيلم عبدالرحمن لـ"الترا سودان" أنه طاف على سبعة مخابز من مقر إقامته في "الفتيحاب المربعات" بأم درمان والأحياء المجاورة صباح اليوم السبت ولم يجد الخبز لأن المخابز متوقفة، لافتًا إلى أنه قلق جدًا جراء انعدام الخبز، لأنهم يشترون الدقيق لعمل الخبز المنزلي "القراصة"، ويتساءل هل يمكن شراء عبوة بسعر (150) جنيهًا، واستدرك "نحتاج إلى عبوتين يوميًا".
اقرأ/ي أيضًا: جبريل إبراهيم: لا انتمي للحركة الإسلامية حاليًا ومتردد في تولي الوزارة
ويرى عبدالرحمن أن الأوضاع تقترب من لحظة الانفجار الشعبي لأن الخبز يُعتبر سلعة أساسية ويجب أن تتوفر على مدار الساعة، مشيرًا إلى أن الحكومة لم تبذل جهود حثيثة لوضع أرضية متينة لصناعة الخبز، وتركته لقطاع خاص هش جدًا وغرقت الحكومة من أزمة إلى أزمة.
مواطن: أصبحت ساخطًا على الحكومة بعد أن كنت أحد مؤيديها
وأردف: "أنا أحد مؤيدي هذه الحكومة لأنها جاءت نتيجة الحراك السلمي، لكن في ظل الوضع الاقتصادي المزري أصبحت ساخطًا عليها".
ومضى قائلًا: "عندما ذهبت إلى مخبز بعيد نسبيًا من المنزل؛ كان طول الصف أكثر من (400) متر، حيث اصطف المواطنون في انتظار شراء الخبز، وعدت إلى المنزل وقررنا طهي المعكرونة لوجبة الإفطار"، وزاد بالقول: "نحن على أعتاب ثورة جياع".
ولم يتمكن "الترا سودان" من الحصول على تعليق فوري وزارة المالية والمستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء، فيما تقول الحكومة الانتقالية إنها تدعم السلع الأساسية بـ(200) مليون دولار شهريًا ولا يمكنها أن تستمر في ذلك لأنها تود دعم الإنتاج لا القطاع الاستهلاكي، ويشترط مانحون دوليون عليها عدم دعم السلع الأساسية لمنحها نحو (1.7) مليار دولار هذا العام لإنقاذ اقتصادها المتعثر.
اقرأ/ي أيضًا: