17-نوفمبر-2019

لجنة السوق

تعتبر سوق أميت المشتركة؛ الواقعة في منطقة أبيي الحدودية المتنازعة عليها بين جنوب السودان والسودان، من أنشط قنوات التبادل التجاري الشعبي بين مواطني البلدين المتجاورين؛ ولا تخضع للإشراف الرسمي من السلطات في الدولتين، بل تشرف عليها لجنة أهلية تعرف بلجنة السلام تتألف من (20) عضوًا ينتمون بالتساوي إلى قبيلتي الدينكا نقوك والمسيرية. تقع السوق ضمن دائرة المنطقة منزوعة السلاح التي تراقبها قوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة بأبيي (يونيسفا). وتعتبر الشريان الرئيسي التي ترفد المناطق الواقعة على طول الشريط الحدودي بالبضائع والسلع الضرورية التي تأتي من السودان وجنوب السودان.

التأسيس

رئيس الغرفة التجارية بالسوق: "تستقبل السوق يوميًا حوالي (20) إلى (30) عربة محملة بالبضائع، أغلبها تأتي من شمال السودان"

تأسست السوق بعد مؤتمر السلام بين الدينكا نقوك والمسيرية في العام 2016، عقب توقف النشاط التجاري في السوق الرئيسية بمنطقة (نونق) المعروفة أيضًا بـ (النعام). وتشرف عليه لجنة السلام المشتركة التي تعرف كذلك بـ(لجنة عشرة). ويتألف من محال تجارية، مخازن، ودكاكين، و"رواكيب" صغيرة متناثرة هنا وهناك، تبيع؛ السلع التموينية، الأقمشة، وقود المحركات، ورؤوس الماشية من الأبقار، والخرفان، والأغنام، إلى جانب، المطاعم، مقاهي الشاي، وأكشاك لتغذية الهواتف بالكهرباء وتحويل الأرصدة للهواتف النقالة، ويعتمد بشكل أساسي على البضائع التي تنساب من السودان عبر مدينة الأبيض، بشمال كردفان ومناطق أخرى.

اقرأ/ي أيضًا: موسى هلال.. قصة رجل خلف القضبان قبل وبعد سقوط البشير

ويقول رئيس الغرفة التجارية باميت، فضل الله آدم حمودة لـ"الترا سودان": "السوق تعمل بشكل طبيعي، تدخل يوميًا حوالي (20) إلى (30) شاحنة محملة بالبضائع من الشمال والجنوب، وأغلب هذه العربات تأتي من مدن الأبيض والمجلد والدبب" بالسودان.

ويضيف حمودة :"السوق تشهد نشاطً ملحوظًا، وارتفاع في حجم الاستهلاك، وهنالك وفرة في السلع وهي في متناول جميع المواطنين".

حجم التبادل التجاري

تصل إلى السوق يوميًا أعداد من الشاحنات، والعربات والركشات "تكتك"، المحملة بالبضائع والسلع القادمة من الشمال، بعضها تفرغ شحنتها في أميت، وأخرى تتوغل جنوبا إلى أبيي، ومن ثم إلى مناطق بحر الغزال المختلفة.

من جانبه، كشف رئيس الغرفة التجارية بإدارة منطقة أبيي الخاصة شول دينق شول، عن تراجع في كميات البضائع التي تنساب إلى السوق من شمال السودان، بسبب وعورة الطرق، وتحدث لـ"الترا سودان": "نتيجة وعورة الطريق الرابط بين المجلد وأبيي، كنا نستقبل أثناء فصل الخريف حوالي (10) إلى (15) عربة صغيرة على مثل التويوتا لاند كروزر "التاتشر" والتك تك؛ ولكن حاليًا بعد توقف الأمطار أصبحت الشاحنات الكبيرة تصل باستمرار إلى السوق من الشمال والجنوب معًا، وانتعش حجم التبادل التجاري، ولم يتبق سوى التحدي الأمني".

اقرأ/ي أيضًا: بين التأجيل و التمديد.. هل سيصمد سلام جنوب السودان؟

تحديات تواجه السوق الحدودية

يواجه التجار والباعة المتجولون، وأصحاب المحلات، جملة من التحديات في ظل غياب السلطات الرسمية، أبرزها ظاهرة الإجرام والسرقة، وارتفاع تكاليف الإيجارات، إضافة إلى الضرائب الباهظة التي تفرضها لجنة "عشرة" التي تتولى الإشراف على السوق، بحسب التجار.

نعمات أحمد محمدين صاحبة مطعم تعمل في السوق منذ إفتتاحه في العام 2016، تقول لـ "الترا سودان" :"أنا أعمل هنا في بيع الطعام، وعمومًا العمل يسير بشكل جيد، ولكن نواجه مشكلة الإجرام والسرقات الليلية إلى جانب ارتفاع أسعار إيجارات المحلات".

وأضافت: "ليس هناك رادع للمجرمين، عندما تأتي ساعات الليل نلزم أماكننا، لأن الحركة في الخارج تصبح خطرة، نناشد لجنة السلام بإيجاد حل لهذه المشكلة".

لجنة "عشرة"

تكونت لجنة السلام المعروفة أيضًا بـ"لجنة عشرة" عقب مؤتمر السلام المجتمعي بين قبيلتي الدينكا نقوك والمسيرية؛ الذي عقد في 25 شباط/فبراير 2016، وتمت تسميتها بلجنة عشرة، لأنها تضم عشرة أشخاص من كل طرف، وتقوم اللجنة (العشرينية) بالنظر والبت في المنازعات التي تقع بين المواطنين، والإشراف على السوق ومتابعة سير تنفيذ مقررات مؤتمر السلام، وتشجيع ثقافة التعايش السلمي وحسن الجوار بين المجتمعين.

اقرأ/ي أيضًا: نزار النعيم.. وفاة غامضة لشرطي انحاز للثورة السودانية

ويقول، السلطان رينق دينق نيوك – عضو لجنة السلام من جانب الدينكا نقوك :"دورنا هو مخاطبة المشكلات، والبحث عن حلول لها، وتنظيم مسارات الرعاة وتشجيع التعايش السلمي بين المواطنين".

وأضاف في حديث لـ"الترا سودان": "ما زلنا متمسكين وملتزمين بالسلام المجتمعي مهما حدث، هنالك سلبيات وإيجابيات لكننا اكتسبنا الخبرة خلال السنوات الماضية، استطعنا أن نتعرف على المعوقات التي تواجه المنطقة، ونتمنى أن يشهد العام القادم تغييرًا في الأوضاع نحو الأفضل".

وشدد نيوك، على ضرورة وضع خطة لمواجهة مشكلة التردئ الأمني، مشيرًا إلى أن مؤتمر السلام الدوري المرتقب بين الدينكا نقوك والمسيرية ينتظر أن يخاطب هذه القضية.

من جهته، دعا الهادي محمد أغبش، سكرتير لجنة السلام من جانب المسيرية، المواطنين من الطرفين، بالتعاون والتكاتف، من أجل مواجهة مشكلة الأمن، لافتًا إلى أن السلام تم التوصل إليه بقناعة من المجتمعين.

وأضاف: "توصلنا إلى السلام المجتمعي مع أخواننا الدينكا نقوك بقناعة مشتركة، لأننا ظللنا نعيش سويًا، وتجمعنا الكثير من أواصر القربى والصداقة والزمالة والجيرة منذ أزمان بعيدة".

وأوضح: "نحن في لجنة السلام يهمنا فقط، موضوع التعايش السلمي، لتوفير الظروف الملائمة للمواطنين للقيام بأنشطة الزراعة والرعي وخلافه". أما قضية الأرض، فهي مسؤولية الحكومة في السودان وجنوب السودان".

وتابع: "استطعنا عبر مجهود مشترك أن نعيد بعض الاستقرار إلى المنطقة، في السابق كانت تقع حوادث قتل كثيرة، ولكن خلال الأربع سنوات الماضية تضاءلت الجرائم، بفضل عمل لجنة السلام".

في السابق كانت تقع حوادث قتل كثيرة، ولكن خلال الأربع سنوات الماضية تضاءلت الجرائم

وذكر أغبش، أن لجنتهم لا تستطيع وحدها التصدي للمجرمين وتجريدهم من السلاح وفرض القانون، مشيرًا إلى أن دورهم هو التنسيق مع قوات الأمم المتحدة المتمركزة في المنطقة، وتوفير المعلومات لهم حول نشاط المجرمين، مشيدًا في وقت ذاته بالاستقرار النسبي الذي حدث عقب نشر القوات الأممية :"الأمن هو مهمة قوات اليونيسفا لن نقول إنهم مقصرون، ولولا قوات اليونيسفا لما صمد السلام المجتمعي أربع سنوات".

 

اقرأ/ي أيضًا

مستقبل شباب الإسلاميين بعد الثورة.. أشباح الماضي تطارد الجيل الجديد

في خميس "البل".. تجميد حسابات لشركات شقيق المخلوع ونافع وحميدة وإعفاء مسؤولين