"سوف أترك الجامعة" بنبرة صوت يخالطها الألم بدأ طالب جامعة سنار الرشيد محمد أحمد حديثه لـ"الترا سودان"، معبرًا عن الحيرة من قرار إدارة جامعة سنار باستئناف الدراسة بجميع الكليات في الخامس من شهر تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
بين الدراسة والعمل
وفي إفادته وصف طالب جامعة سنار الرشيد محمد أحمد قرار إدارة الجامعة بأنه "غير مدروس ومجحف في حق جميع الطلاب والطالبات الذين ما يزالون تحت رحمة الرصاص والقصف"، مؤكدًا عدم استعداده للعودة إلى الجامعة، قائلًا إن قرار استئناف الدراسة وضعه بين خيارين: إما العودة للجامعة ليكمل دراسته هو على وشك التخرج، أو مواصلة العمل من أجل إطعام أسرته.
هاجم القيادي الطلابي بجامعة سنار حمد الماحي أحمد قرار استئناف الدراسة، واصفًا إياه بأنه "محاولة لنفي وجود الحرب التي يعاني منها السودانيون في كل أنحاء البلاد"
الرشيد يسكن هو وأسرته في مدينة نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور، حيث تم تدمير منزلهم بالدانات والقذائف وحرق محل والده في الحرب الدائرة، الأمر الذي اضطره للفرار مع أسرته إلى مدينة الضعين بولاية شرق دارفور.
يعمل الرشيد حاليًا في سوق الضعين كعامل باليومية ليوفر الطعام له ولأسرته، وقال في حديثه لـ"الترا سودان" إنهم يواجهون صعوبة في توفير لقمة العيش، وتساءل عن كيف يمكنه التفكير في العودة لقاعات الدراسة؟، مؤكدًا: "سوف أترك ست سنوات من التعليم خلفي من أجل أسرتي".
وضع الرشيد يعبر عن الآلاف من الطلاب والطالبات في الولايات التي تشتعل فيها الحرب.
قرار استئناف الدراسة
وكانت إدارتا جامعتي سنار والبحر الأحمر قد قررتا استئناف الدراسة بجميع الكليات في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر القادم، وذلك بناء على توصية مجلس الوزراء باستئناف الدراسة للجامعات في الولايات التي تتيح لها الظروف الأمنية ذلك.
وحدد القرار وفقًا لتوجيهات رئيس مجلس الوزراء المكلف عثمان حسين عثمان، بأن يكون نهاية تشرين الأول/أكتوبر الجاري أقصى موعد لاستئناف الدراسة.
وفي حديث لـ"الترا سودان"، هاجم القيادي الطلابي بجامعة سنار حمد الماحي أحمد قرار استئناف الدراسة، واصفًا إياه بأنه "محاولة لنفي وجود الحرب التي يعاني منها السودانيون في كل أنحاء البلاد"، قائلًا إن الذين لم تطلهم الحرب طالتهم آثارها الجانبية من أزمة اقتصادية وفقدان للعمل. وأردف: "يجب وقفها إلى أن تعود الحياة إلى طبيعتها"، وتابع: "ولكن محاولات لي عنق الزجاجة هذه لعكس واقع أفضل في تلك الولايات لا تمت للحقيقة بصلة".
موضحًا أن الحرب طالت كل السودانيين، ومشددًا على أن قرار فتح الجامعات في هذا الوقت هو قرار سياسي مرفوض يجب مواجهته بقوة، مشيرًا إلى إن الهدف منه "محاولة عكس صورة للمجتمع الدولي"، بحسب تعبيره.
ويرجح الماحي أن (40)% من طلاب وطالبات الجامعات لن يعودوا لاستئناف الدراسة في هذا الوقت، لافتًا إلى أن أكثر من (35)% من طلاب جامعة سنار ينحدرون من المناطق الملتهبة في إقليم دارفور وكردفان، ذلك بجانب أن الطريق إلى سنار محاط بالمخاطر، حيث يمكن أن يفقد الطالب حياته أو حريته أثناء السفر.
لا تعليم في وضع أليم
وذهبت طالبة بجامعة البحر الأحمر ريان حسن في حديثها لـ"الترا سودان" في ذات الاتجاه، معلنة رفضها استئناف الدراسة قبل وقف الحرب، وقالت إن جامعة البحر الأحمر بها طلاب وطالبات من مدن وولايات تحت القصف.
وأضافت: "كثير من زملائنا يعمل من أجل توفير الغذاء والاحتياجات للأسرة، ومنهم من انتقل إلى الولايات الآمنة ويدفع إيجارات لتوفير مأوى له ولأسرته، والظروف لن تسمح لهم بالعودة إلى قاعات الدراسة في ظل رحلة النزوح المستمرة".
ريان أكدت أن داخليات جامعة البحر الأحمر كلها تحولت إلى مراكز إيواء، وبها حاليًا نازحون، مما يصعب أصلًا توفير مكان آخر لهم، وذلك لأن مدينة بورتسودان أصبحت مكتظة، ولا توجد أماكن فارغة لتحويل النازحين إليها.
كما أشارت إلى أن الموظفين في الخدمة المدنية في الولايات التي يتم وصفها بـ"المستقرة"، لم يتسلموا مرتباتهم منذ أن اشتعلت الحرب في نيسان/أبريل الماضي، متسائلة عن كيف يمكن لأسرتها دفع الرسوم ومصاريف الجامعة في ظل الظروف الراهنة؟
وتشدد ريان حسن إلى أن كل ذلك يجعل العودة إلى قاعات الدراسة أمرًا في غاية الصعوبة، مرددة الشعار الطلابي المعروف: "لا تعليم في وضع أليم".
وكانت لجنة أساتذة الجامعات السودانية (لاجسو) قد أصدرت بيانًا صحفيًا رفضت فيه قرار مجلس الوزراء باستئناف الدراسة.
قالت لجنة أساتذة الجامعات السودانيةا إن موضوع استئناف الدراسة بالجامعات يواجه معوقات عديدة
وقالت في بيانها إن موضوع استئناف الدراسة بالجامعات يواجه معوقات عديدة تتمثل في قومية الجامعات السودانية، فإذا كانت الجامعة في ولاية آمنة فإن هناك طلاب وأساتذة ينتمون إليها ربما يكونون في مناطق غير آمنة أو نازحون داخل البلاد وخارجها، مما يصعب عليهم الوصول إلى الجامعة، إضافة لزيادة الأعباء على أولياء الأمور والأساتذة الذين لم يتسلموا استحقاقاتهم.
وتابعت اللجنة: "كل هذه المعوقات ينبغي دراستها بدايةً من قبل القائمين على الأمر، حتى لا يتضرر أي طرف من أطراف العملية التعليمية".