يحل عيد الأضحى على السودانيين هذا العام مع اختلاف كبير في الوضع الاقتصادي بين العام الماضي والوقت الحالي جراء الأزمة الاقتصادية، وعلى ما يبدو تبددت آمال السودانيين في الوصول إلى واقع معيشي أفضل منذ ثمانية أشهر على خلفية فراغ حكومي خيب آمالهم في وضع حلول اقتصادية.
وقد تنعكس ألأسعار الهائلة للأضاحي والتي وصلت إلى (180) ألف جنيه ما يعادل (270) دولارًا، على ممارسة السودانيين لـ"شعيرة النحر" هذا العام، وربما تٌقلص هذه التكلفة أعداد من يُقدمون على ممارستها في هذا البلد الذي يمر بمنعطفات خطيرة تهدد وحدته واستقراره.
قد تتخلى بعض العائلات عن "شعيرة الأضحية" هذا العام سبب التكلفة العالية
وهذا هو العام الأول الذي تشعر فيه عائلة "حسن" بأنها قد تتخلى عن شعيرة "التضحية" جراء الأسعار الكبيرة للأضاحي، فهذه العائلة التي تقيم جنوبي العاصمة لا تستطيع تدبير تكلفة الأضحية.
وارتفعت أسعار الخراف مع اقتراب عيد الأضحى إلى (180) جنيهًا لـ"البلدي" و(120) ألف جنيه لـ"الحمري"، وتأثرت حركة البيع بارتفاع أسعار الأعلاف والنقل من مناطق الإنتاج.
وأدى الارتفاع الكبير لأسعار الأضاحي إلى ركود في البيع في أسواق العاصمة الخرطوم، واشتكى موردو الماشية من ارتفاع غير مسبوق في النقل بواقع ثلاثة آلاف جنيه للرأس الواحد.
وقال تاجر الماشية الأمير أحمد في مقابلة مع "الترا سودان" من سوق الخراف جنوبي السوق الشعبي بالخرطوم، إن سعر الخروف "البلدي" يصل حتى (180) ألف جنيه، وهو من إنتاج ولاية الجزيرة، والسبب خلف ارتفاع السعر أنه يعتمد في العلف على الذرة.
وأوضح الأمير أحمد أن إطعام الماشية عملية مكلفة في ظل ارتفاع الأعلاف بنسبة (100)%.
وأوضح أن الركود يسيطر على السوق ورغم اقتراب العيد لم تنشط حركة البيع حتى الآن، وأضاف: "السوق لا يزال متأثرا بتأخر رواتب شهر يونيو".
وتوقع هذا التاجر ارتفاع أسعار الخراف أكثر مع اقتراب العيد، إلى درجة الانعدام كما درجوا على ذلك كل عام.
وتابع: "اعتدنا على ملاحظة نشاط السوق قبل يومين من العيد وبعد ذلك بثلاثة أيام حتى موسم عودة الحجاج، لذلك نتوقع أن يباع سعر الخروف البلدي بـ(200) ألف جنيه بدلًا عن (180) ألف جنيه".
وتعتبر تكاليف الوقود والأعلاف والنقل إلى جانب المخاوف التي تسيطر على المنتجين من تآكل رأس المال وانتشار الوسطاء التقليديين، من الأسباب الرئيسية لارتفاع الأضاحي هذا العام.
وتراجعت خطط حكومية ببيع الأضاحي بالأوزان في الميادين العامة خاصة في العاصمة والمدن التي ترتفع فيها الأسعار بشكل غير مسبوق نتيجة الفراغ الحكومي واستمرار السلطة القائمة منذ إجراءات اتخذها قائد الجيش في 25 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، والتي أطاحت بالحكومة المدنية.
ويوضح محمد المدني وهو تاجر ماشية شرق العاصمة لـ"الترا سودان"، أن زيادة الأعلاف هي التي تجبرهم على وضع هذه الأسعار، قائلًا إن قيمة الخراف قد تقلل من حركة البيع لكن مع اقتراب العيد قد يخطط الغالبية للاستغناء عن شراء الأضحية.
وقال مدني إن الشاحنة نظير نقل الماشية من مناطق كردفان تحصل على (700) ألف جنيه لنقل (200) إلى (180) رأسًا من الماشية، وفي الأسواق نحن مضطرون إلى حراستها وتوفير الأعلاف على مدار الساعة.
وأشار إلى أن الأسعار ليست في نطاق واحد بل هناك بعض الأحجام الصغيرة تباع بسعر (70) ألف جنيه في الحد الأدنى، وهذا يتناسب مع الأشخاص الذين لا يملكون قدرة مالية.
من يعتمدون على أجور القطاع العام ربما لن يكون بمقدورهم شراء الأضحية
ويصل الحد الأدنى للأجور في القطاع العام في هذا البلد إلى (14) ألف جنيه "ما يعادل (28) دولارًا" في حين أن عائلة واحدة قد تنفق حوالي (180) ألف جنيه لشراء الأضحية "ما يعادل (270) دولارًا"، ما يعني أن عمال القطاع العام سيواجهون صعوبة في شراء الأضحية.
وإذا قررت العائلات شراء اللحوم المبردة بدلًا عن الأضحية أصبح هذا الأمر صعبًا بعض الشيء في العامين الأخيرين، لأن الفواتير الأخرى مثل الكهرباء والخبز والمسكن والهواتف تلتهم مصروفاتهم الشهرية.