26-سبتمبر-2020

جوازات سودانية (الجزيرة)

يدفع الآلاف من العراقيين والسوريين واليمنيين في السودان ثمنًا باهظًا جراء قرار وزارة الداخلية السودانية منذ حوالي الشهر، بمنع الأجانب المجنسين من السفر عبر المطارات والمعابر، وذلك ضمن إجراءات مراجعة الجنسيات السودانية للفئات التي حصلت عليها بالتجنيس إبان فترة حكم النظام البائد، حيث ترتبط الإجراءات بالتحقيقات مع الرئيس المخلوع عمر البشير، عما إذا ما كان قد استخدم نفوذه لمنح جنسيات وجوازات سفر سودانية لأجانب دون استيفاء الشروط القانونية للحصول على الجنسية السودانية.

رئيس الجالية العراقية: السودان أصبح طاردًا بسبب الإجراءات التعسفية

وكانت وزارة الداخلية قد شكلت لجنة لمراجعة الجنسيات التي منحت للأجانب، بالتركيز على السوريين والعراقيين واليمنيين في الفترة من 2014 وحتى 2020، وشككت أن الرئيس المخلوع منح الجنسية السودانية لبعض العراقيين والسوريين واليمنيين دون استيفاء الشروط.

اقرأ/ي أيضًا: الإفراج عن (15) من متظاهري موكب الشهيد حنفي واتهامات للشرطة بضربهم

وتجري وزارة الداخلية مراجعات شاملة للجنسيات التي منحت للأجانب في عهد المخلوع، وأبلغ مسؤول في الداخلية رئيس الجالية العراقية بالسودان، فيصل عبيد عدنان الدليمي، أن القرار مرتبط بتحقيقات مع الرئيس المخلوع البشير، لأن هناك شكوكًا حول منحه الجنسية السودانية لرعايا هذه الدول دون استيفاء الشروط.

لكن رئيس الجالية العراقية في السودان، فيصل عبيد عدنان الدليمي، أكد في مقابلة مع "الترا سودان"، أن قرار حظر العراقيين من السفر شمل حتى من لم يحصلوا على الجنسية السودانية، واعتبره قرارًا مجحفًا، معربًا عن قلقه من تغييرات طرأت على معاملة العراقيين خلال هذه الفترة السياسية.

رئيس الجالية العراقية في السودان
رئيس الجالية العراقية في السودان

وقال: "أصبحنا غرباء في بلدنا السودان، ونشعر أن الأمور ليست كما كانت في الماضي. أنا سوداني بالتجنس، حصلت على الجنسية في العام 2015 بعد (15) عامًا من مكوثي في الخرطوم".

ويعتقد الدليمي، والذي يعمل في الاستثمار الزراعي، أن السلطات السودانية لم تراعِ تبعات تقييد حركة الأشخاص، ويضيف: "نحن لا نرفض مراجعة الجنسيات ووثائق السفر، لكن يجب أن لا يشمل الحظر العراقيين الذين لديهم جواز سفر عراقي، لأن المراجعة خاصة بالذين حصلوا على الجنسية السودانية بالتجنس".

ويقيم نحو (3500) عراقي في السودان، وتقلص العدد عقب جائحة كورونا وإغلاق الأعمال والجامعات إلى النصف، بينهم (700) طالب عراقي في الجامعات السودانية.

ومنعت سلطات الهجرة بمطار الخرطوم، عشرات السوريين والعراقيين من مغادرة البلاد، وطلبت منهم إحضار وثائق تثبت عدم حصولهم على الجنسية السودانية بالتجنس، واضطروا إلى مراجعة وزارة الداخلية للسماح لهم بالسفر الأسبوع الماضي.

وينتقد الدليمي الإجراءات التي اتخذتها السلطات السودانية، ويعتبرها قرارات خاطئة. مشيرًا إلى أن إجراءات الحظر شملت الممتلكات مثل السيارات التي يمتلكها المستهدفون بالحظر، ولا يمكن تسوية أي معاملة مالية أو استخراج رخصة قيادة أو نقل ملكية في ظل سريان الحظر، على حد قوله.

اقرأ/ي أيضًا: لجنة الفيضانات: انخفاض في معظم الأحباس وارتفاع في قطاع خشم القربة - عطبرة

وقال رئيس الجالية العراقية في السودان، إن مسؤول السجل المدني أبلغه أن القرار مرتبط بالتحقيقات مع الرئيس المخلوع حول منحه الجنسية السودانية لرعايا بعض الدول المشمولة بحظر الجنسية. وتابع: "إجراءات التقاضي، خاصةً في الأمور السياسية؛ تستغرق وقتًا طويلًا، ما يعني أن الآلاف من العراقيين وبقية الجاليات الأخرى ستواجه الحظر من السفر لفترة أطول".

ويُتهم شقيق المخلوع، عبدالله البشير، بلعب دور بارز في منح الجنسيات السودانية لرعايا بعض الدول

ويُتهم شقيق المخلوع، عبدالله البشير، بلعب دور بارز في منح الجنسيات السودانية لرعايا بعض الدول في الخمسة أعوام السابقة مقابل مبالغ مالية تصل إلى (10) آلاف دولار للشخص، كما يتهم المخلوع نفسه بلعب دور وحماية شقيقه وتقديم تسهيلات له بالمصادقة على قرار منح الجنسية للأجانب، حيث يسمح القانون له بذلك في بعض الحالات.

وحول كيفية الحصول على الجنسية السودانية للعراقيين، يجيب عدنان الدليمي بالقول: "كان الرئيس السابق يحضر إلى بعض المناسبات، ونطلب منه التصديق بالجنسية، فيسمح فورًا بذلك، وهذا إجراء طبيعي، أما بعض العراقيين حصلوا بالاستيفاء القانوني وإكمال الفترة المطلوبة للتجنس".

ودخلت وزارة الخارجية العراقية على خط الأزمة، حيث تعتزم التواصل مع وزارة الخارجية السودانية الأحد للاستفسار حول حظر العراقيين من مغادرة الخرطوم، بجانب البرلمان العراقي الذي يعتزم إثارة المسألة مع سلطات الهجرة في العراق والسودان، وفقًا لرئيس الجالية العراقية في السودان.

واستفسر "الترا سودان" المكتب الصحفي للشرطة للتعليق على قرار حظر الأجانب الحاصلين على الجنسية السودانية بالتجنس، وأكد المكتب الصحفي للشرطة أن الحظر جاء على خلفية تكوين لجنة لمراجعة الجنسيات التي منحت بالتجنس للأجانب. وقال " هذه الإجراءات طبيعية في ظل ظروف الانتقال السياسي".

وحول القيود التي فُرضت على حركة الأجانب من العراق وسوريا واليمن من السفر والتنقل جراء الحظر، علق المكتب الصحفي للشرطة قائلًا: "المسألة مرتبطة بتوقيت عمل اللجنة التي ستُوصي بإلغاء الحظر لمن يثبت حصوله على الجنسية بشكل طبيعي وقانوني فور انتهاء عملها".

وتتفاقم مشكلة الفئات المشمولة بالحظر، وأغلبها من العراق واليمن وسوريا، بعدم منح الأبناء جواز سفر منفصل حينما يتجاوزون السن القانونية، وهي (18) عامًا. ويؤكد الدليمي أن كريمته التي تستحق الحصول على جواز سفر حتى الآن تُدرج اسمها مع جواز سفره نتيجة للقرار الأخير. 

وعبر الدليمي عن أسفه أن السودان بات طاردًا للأجانب والمجنسين من مختلف الدول في الآونة الأخيرة نسبة للقرارات التي تتخذها سلطات الهجرة. وقال: "أعمل في الاستثمار في الزراعي بصفتي سوداني حصل على الجنسية بالتجنس، لكن أعمالي معطلة بسبب الحظر ومتابعة الإجراءات مع الداخلية".

الجاالية العراقية في السودان
الجاالية العراقية في السودان

ويسمح قانون الجنسية في السودان بالحصول على الجنسية بالتجنس عقب استيفاء الشروط، أو الحصول على قرار سيادي بشكل استثنائي، ويمكن الحصول على الجنسية السودانية بشكل مزدوج مع جنسية أخرى، وهي نفس الحالات التي شملت العراقيين كما يقول الدليمي.

ويشير الدليمي إلى أن الغالبية من الجالية العراقية حصلوا على الجنسية السودانية بالتجنس، وكنا نناقش إمكانية مشاركتهم في الانتخابات السودانية حتى نُساهم في بناء البلد، لكن ما يحدث حاليًا غير مشجع.

وأضاف: "نطلق نداء واستغاثة للسلطات السودانية بمراعاة حقوقنا، ونحن سودانيون حصلنا على الجنسية بالطرق الشرعية، وإن كانت هناك فئات حصلت عليها بطرق ملتوية على اللجنة أن ترصدهم وتلغي قرار حظر السفر حتى لا يتضرر الآلاف". 

اقرأ/ي أيضًا: مبادرة لإعادة تدوير البلاستيك لاستخراج الديزل

وكان وزير الداخلية، الفريق أول شرطة حقوقي الطريفي إدريس دفع الله، قد أصدر قرارًا بحظر مؤقت للأرقام الوطنية لأغراض المراجعة، وأوقف تجديد جوازات السودانيين من أصول أجنبية الحاصلين على الجنسية السودانية بالتجنس منذ كانون الثاني/يناير 2014 وحتى 11 نيسان/أبريل 2019.

أوقف وزير الداخلية المعاملات الهجرية كافة لحين مراجعة السلطات المختصة

وذكر الوزير في تعميمٍ صحفي في 25 تموز/يوليو الماضي، بأنه أصدر قرارًا بوقف المعاملات الهجرية كافة لحين مراجعة السلطات المختصة، ودعا الجهات التي يشملها القرار مراجعة الإدارة العامة للسجل المدني "دائرة الهوية والتسجيل" اعتبارًا من يوم الخميس 13 آب/أغسطس المنصرم.

 اقرأ/ي أيضًا

 تجميد أرصدة ولاة بالنظام البائد وآخر وزير مالية في عهد المخلوع

فرنسا تحقق مع بنك ساعد النظام البائد إبان الإبادة الجماعية في دارفور