وفقًا للتقاليد في كثير من بلدان العام، يعد الأول من أيار/مايو عطلة رسمية، احتفاءً بالعمال والعاملات فيما يعرف بـ"يوم العمال العالمي"، وتشهد الشوارع مظاهرات ومسيرات تنظمها جمعيات عمالية إلى جانب ندوات سياسية عامة.
تعود بداية عيد العمال للقرن التاسع عشر، حيث خرج العاملون مطالبين بتخفيض ساعات العمل إلى ثماني ساعات، وتوالت المسيرات لاحقًا لتحسين بيئة العمل.
الاعتراف بالقيمة الاقتصادية للعمل المنزلي يُنصف شريحة واسعة من العاملات
وللمرأة العاملة دور بارز في جميع القضايا العمالية، ومع التحولات الكبرى التي يشهدها العالم اليوم، برزت أصوات نسوية تطالب بإعطاء النساء العاملات بالمنازل "ربات البيوت" أجرًا ماديًا، نظير أعمالهن المنزلية.
اقرأ/ي أيضًا: جدل في المعسكرين.. السودان يجيز الانضمام لاتفاقية "سيداو" مع بعض التحفظات
وبحسب مصادر نسوية، فإن الاعتراف بالقيمة الاقتصادية للعمل المنزلي يُنصف شريحة واسعة من العاملات المهاجرات واللاجئات اللواتي يعملن في ظروف غير عادلة، بسبب عدم الاعتراف بالعمل المنزلي كعمل يستلزم ضمانات وحقوق العامل فيها.
وتشير عدة تقارير في الدول العربية وجنوب آسيا وشمال أفريقيا، إلى أن نسب النساء المسنات اللواتي يتلقين معاشًا أقل من (10)%، وذلك بسبب تدني معدلات مشاركة المرأة في العمل النظامي، إلى جانب التنمية المحدودة للمعاشات غير القائمة على الاشتراك، فضلًا عن أن (60)% من النساء العاملات في العالم لا يستفدن من الحق القانوني في إجازة الأمومة.
أكثر من وظيفة
وشددت نائب رئيس اتحاد الغرف الصناعية، سارة عبدالكريم، على حق المرأة في العمل بمختلف المجالات أسوةً بالرجال. وأشارت إلى الصعوبات التي تواجه المرأة العاملة، والتي تبدأ عملًا إضافيًا بالمنزل من تحضير الوجبات ومتابعة الأطفال. وقالت: "تؤدي المرأة أكثر من وظيفة خلال اليوم"، في إشارة إلى المسؤوليات والأعباء الملقاة على كاهل النساء.
مشاهد يومية بشوارع الخرطوم
امرأة في عقدها الثالث من العمر، ترتدي ثوبًا سودانيًا تقليديًا، تجلس تحت إحدى الأشجار، وبجوارها موقد فحم وأباريق مياه ساخنة، لتعد أكوابًا من الشاي والقهوة للحضور، وتقوم من مجلسها لتناولهم أكواب الماء بابتسامة.
خلفها يقف جيش غير مرئي من الأطفال والمرضى بالمنزل الذي تستأجره، تعمل هذه السيدة وأخريات طوال النهار وبعضهن لساعاتٍ متأخرة من الليل، لتأمين الرزق.
اقرأ/ي أيضًا: حينما يحاكم الإعلام نفسه.. الحلول المطروحة إعلاميًا لمشكلات الفترة الانتقالية
ومن جانبها، وصفت مؤسسة منظمة "كل المهن"، عوضية كوكو، النساء العاملات بالمكافحات والصبورات والمختلفات في أعمارهن وطبقاتهن الاجتماعية، ويشتركن في الهم اليومي الواحد.
تقدر نسبة النساء العاملات ببيع الشاي والأطعمة في السودان بحوالي (50) ألف عاملة
وتقدر نسبة النساء العاملات ببيع الشاي والمأكولات، بحوالي (50) ألف عاملة إبان موجة جائحة كورونا الأولى في العام 2020، وبحسب عوضية كوكو، فإن مناطق مختلفة من السودان شهدت تدهورًا في الأوضاع الأمنية مثل شرق وغرب البلاد، وقدرت ارتفاع عدد العاملات إلى (75) ألف عاملة. وأوضحت أن (450) فتاة تلقين تدريبًا مهنيًا للعمل في الحدادة والنجارة والكهرباء وإصلاح السيارات.
عوضية كوكو: تواجه النساء النازحات العاملات صعوبة في الحصول على سلع برنامج "سلعتي" بسبب عدم امتلاكهن إثبات شخصية
وشكت مؤسسة منظمة "كل المهن"، من الصعوبات التي تواجه النساء العاملات النازحات، عدم امتلاكهن أرقامًا وطنية، وصعوبة الحصول على الخدمات المقدمة مثل الشراء من برنامج "سلعتي" الحكومي للسلع المخفضة نتيجة لذلك. وطالبت عوضية كوكو، الدولة بالتدخل للنظر في قضايا المرأة العاملة وتذليل الصعاب التي تواجهها.
"بتقدري".. نحو تمكين النساء اقتصاديًا
برزت الحاجة إلى الأعمال المهنية التطبيقية، لما لهذا القطاع من أهمية كبيرة في تسيير عجلة الإنتاج الوطني وزيادة الدخل القومي والحد من البطالة. وجاءت مؤسسة "بتقدري" الاجتماعية لتدريب النساء بمجال التدريب المهني، فأقامت خلال العام 2021 حوالي (50) ورشة تدريب مهني لعدد (700) سيدة في (25) مجال مهني، لبناء نساء قادرات على دخول سوق العمل والمنافسة بمهنية.
وقالت المديرة التنفيذية للمؤسسة، منتهى عبدالله، إن الهدف من تدريب النساء هو تمكينهن اقتصاديًا والحصول على عمل مجزٍ، وإدراك المرأة لدورها الاجتماعي الفاعل داخل عملية الإنتاج.
اقرأ/ي أيضًا: الخارجية السودانية تعرب عن قلقها إزاء تطورات الأوضاع بالأراضي الفلسطينية
وأشارت منتهى عبدالله، إلى تصريحات حكومية سابقة تقول إن (82)% من السكان على عتبات الفقر خلال 2021، وتابعت قائلة: "لتحقيق تنمية مستدامة والسلام والديمقراطية، لا بد من دخول النساء لعجلة الإنتاج"، وشددت على أهمية تقديم الدعم النفسي للنساء اللواتي يتعرضن للتنمر والاضطهاد.
لم تقرر الحكومة الانتقالية يوم العمال إجازة رسمية
وأشارت المديرة التنفيذية لمؤسسة يتقدري الاجتماعية، إلى أهمية التربية الاجتماعية التي تدفع بالرجل منذ عمر مبكر للدخول في السوق. وتراه منتهى عبدالله، سوقًا ذكوريًا. في حين أشادت ببروز مفهوم ريادة الأعمال النسوية والشركات النسائية الناجحة.
ولم تقرر الدولة "يوم العمال" إجازة رسمية، وربما لم تسمع قطاعات كبيرة من النساء العاملات بعيدهن. مع ذلك، تبقى حبيبات العرق شاهدة على كفاحهن اليومي المستمر في الحياة.
اقرأ/ي أيضًا
"التراث غير المادي".. كنز سوداني مهمل في الفترة الانتقالية
فيديو القبض على امرأة متهمة بخطف أطفالها يثير جدلًا في الأوساط النسوية