في مكتب قديم يجد من يبحثون عن الدم لإنقاذ جرحاهم أبوابه مغلقة في ساعة متأخرة من الليل عندما يطلب منهم طبيب المستشفى الحكومي في مدينة "أم روابة" بولاية شمال كردفان "زجاجة من الدم" لإنقاذ مصابي النهب المسلح في أطراف هذه المدينة الواقعة على بعد (200) كيلومتر شرق الأبيض غربي السودان.
طبيب في مستشفى "أم روابة" لـ"الترا سودان": مع تزايد الإصابات جراء النهب المسلح لا يمكن تقييد الحادث ضد أي أحد بسبب توقف قسم الشرطة
يقول طبيب في مستشفى "أم روابة" الحكومي لـ"الترا سودان" إن العديد من الإصابات تصل بوتيرة شبه يومية إلى المستشفى بسبب عصابات النهب المسلح التي زاد نشاطها بالتزامن مع النزاع المسلح في العاصمة الخرطوم ومدينة الأبيض. وأضاف: "حوادث النهب أصبحت تتكرر بصورة شبه يومية، وقسم الشرطة مغلق ولا يمكن إثبات شيء أو استخراج أورنيك". "في النهاية، يتلقى المصابون العلاج ويغادرون، ولا يمكنهم تقييد الحادث ضد أي شخص أو جهة لتوقف قسم الشرطة" – أردف الطبيب.
في صيدلية المستشفى الحكومي بمدينة "أم روابة" لا يمكن الحصول على معظم الأدوية، في الغالب بعضها لن تعثر عليه سوى في المراكز الطبية الخاصة بأسعار باهظة. وقسم حضانة الأطفال متوقف عن العمل، وفي حال احتاج طفل حديث الولادة إلى الرعاية الطبية سيذهبون به إلى مدينة الأبيض في طرق محفوفة بالمخاطر.
"كل شيء هنا قد يكون منعدمًا مثل أكياس الدم، وكل شيء هنا قد يكون متوفرًا لكن لدى القطاع الخاص؛ سيوفرون لك ما تريد وما عليك إلا أن تدفع" – يقول الناير الناشط الطوعي في المدينة متحدثًا لـ"الترا سودان".
ويضيف: "عندما تندلع الحرب في بلد ما فإن سكانه قد يجدون بعض الحلول بالنزوح أو تخصيص مسارات آمنة، لكن في السودان لم يعد هذا ممكنًا". "إن كنت في أي موقع فأنت معرض للخطر، خاصةً في تلك الولايات التي تقع ضمن دائرة الصراع المسلح" – يردف الناير أبو شيبة.
ويتوقع أبو شيبة تزايد حالات العنف في ظل الأوضاع الراهنة في البلاد وغياب أجهزة الدولة، ولذلك يقترح العودة إلى تفعيل دور الإدارات الأهلية لأن "لديهم تأثير في المجتمعات" – على حد قوله.
يصف أبو شيبة الوضع في شمال كردفان بالمأساوي، ويحذر من تعمق الصراع الأمني وتوسع رقعة الحرب وتفشي الصراعات ما لم تحدث "تدخلات مؤثرة".