09-أكتوبر-2024
جبل البركل في السودان

جبل البركل في السودان

يعتبر جبل البركل في السودان أحد أهم المواقع الأثريةوالتاريخية، بالرغم من أنه جبل صغير لا يتعدى طوله الـ (98) مترًا. يقع الجبل ذو القيمة التراثية ضمن نطاق الولاية الشمالية، جوار مدينة كريمة، ويتميز الجبل بأن قمته تأخذ شكلًا مسطحًا.

تأتي أهمية جبل البركل من كونه ضمن المناطق التي أقيمت عليها الحضارة الكوشية التي امتدت لأكثر من خمسة آلاف عام

تأتي أهمية جبل البركل من كونه ضمن المناطق التي أقيمت عليها الحضارة الكوشية التي امتدت لأكثر من خمسة آلاف عام، بحيث نشأت حضارة نبتة على سفح هذا الجبل. وكان قبلة مقدسة للكوشيين.وتم تسجيل البركل كأحد مواقع التراث العالمي الإنساني التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" في العام 2003.


وفي ثمانينات القرن الماضي، اكتشفت بعثة أوروبية حول الجبل ثلاثة قصور بجانب (13) معبدًا، ومن أشهر المعابد على جبل البركل كان معبد "آمون الكبير". وأطلق الكوشيون على جبل البركل اسم "الجبل الطاهر المقدس".

البركل وآمون الكبير

تشير الدراسات إلى وجود تداخل كبير بين الحضارتين الكوشية والمصرية، بحيث تنحدر أغلب التعاليم الدينية في مملكة كوش من مصر. ومن هذا المنطلق، يعتبر الكوشيون "آمون" ربهم الذي يستمدون منه الحق في العرش والملك.
انتشرت معابد الملك آمون في معظم مناطق المملكة الكوشية، إلا أن أعظمها تم بناؤه في جبل البركل. وتشير النصوص الكوشية، رغم قلة عددها، إلى أن الكوشيين أضفوا نفس الصفات المصرية على آمون، بحيث اعتبروه خالق الوجود ومانح النصر والملكية.
يحتضن جبل البركل معبد آمون الكبير، والذي كان من أعظم المقدسات لدى الكوشيين. وفي الفترة الأولى من عمر مملكة كوش، كانت مراسم تتويج الملوك تتم في هذا المعبد. وبعدما انتقل ثقل المملكة السياسي جنوبًا في اتجاه مروي، ظل المعبد محتفظًا بأهميته الدينية بالنسبة للسكان.وجدير بالذكر أن الموقع الجغرافي للجبل أكسبه أهمية كبيرة من الناحية الاقتصادية، بحيث يربط الطرق التجارية من صحاري بيوضة والعتمور ووسط إفريقيا بمصر ومنطقة النوبة السفلى.

مهرجان البركل

أقيم على سفح الجبل لسنوات مهرجان البركل للسياحة والثقافة والاستثمار، والذي يأتي في إطار تذكير الشعب السوداني بإرثهم الحضاري الكبير المتمثل في الحضارة الكوشية التي تعتبر من أهم الحضارات في العالم وأقدمها. وبعد اشتعال ثورة ديسمبر المجيد، سرعان ما توقف المهرجان الذي كان يمثل تظاهرة فنية وثقافية.
وكانت أمسيات المهرجان دائمًا ما تتضمن عروضًا نيلية فلكلورية وأمسيات ثقافية، بحيث صممت لتعيد السودانيين إلى حضارتهم التي كانت تسود القارة الإفريقية. وكان المهرجان يهدف إلى فتح آفاق السياحة والاستثمار في شمال السودان.

وبالرغم من أن جبل البركل يتضمن مواقع مهمة وقبورًا تحتوي على أهرام وقصور ومعابد، إلا أنه لم يأخذ حقه كمزار سياحي يمكن أن يجذب السياح من كافة أنحاء العالم، على غرار مصر الجارة الشمالية للبلاد.

يعاني قطاع السياحة في السودان منذ عقود من فتور عام، بالرغم من أن البلاد لديها مقومات الدولة السياحية

ويعاني قطاع السياحة في السودان منذ عقود من فتور عام، بالرغم من أن البلاد لديها مقومات الدولة السياحية، بما فيها المناطق الأثرية والأماكن ذات الطبيعة الساحرة والخلابة. بحيث لم تستطع الحكومات المتعاقبة على البلاد منذ استقلال السودان في العام 1956 أن تتعامل مع هذا الملف بالصورة المطلوبة.

وجدير بالذكر أن حضارة كوش بدأت خلال المرحلة الأولى من انهيار العصر البرونزي، أي قبل منتصف القرن التاسع عشر قبل الميلاد، وتمركزت هذه الحضارة بشكل أساسي في نبتة التي تحتضن جبل البركل، والتي أصبحت حديثًا الأن مدينة كريمة الواقعة في الولاية الشمالية.وتضم هذه الحضارة من خلال أقصى اتساع رصد لها ، سودان وادي النيل الشمالي والأوسط، وبعض الأقاليم الواقعة شرق مروي التي كانت تعتبر عاصمة سياسية لهذه الحضارة.