مرة أخرى توقفت شبكات الاتصال التي تشمل الإنترنت والمحادثات الهاتفية في جميع ولايات السودان، وذلك منذ مساء الثلاثاء، ولم يعلن أي طرف المشكلة التي أدت إلى هذا الأمر الطارئ.
خبير: حرب الاتصالات قد تكون ضمن أدوات الصراع العسكري المرحلة القادمة
وهذه هي المرة الثانية خلال هذا الأسبوع تتوقف شبكات الاتصالات في السودان، ضمن مرحلة يسميها مراقبون بـ"حرب الاتصالات". وكانت الخارجية السودانية قالت إن قوات الدعم السريع قطعت الاتصالات بإيقاف المشغلات الرئيسية الواقعة في مناطق سيطرتها بالعاصمة الخرطوم.
أمجد فريد عضو فريق مكتب رئيس الوزراء السابق، قال في حديث سابق مع "الترا سودان"، إن قوات الدعم السريع قطعت الاتصالات بشكل متعمد من داخل المشغلات الرئيسية بالعاصمة الخرطوم احتجاجًا على توقف الاتصالات في إقليم دارفور منذ أشهر.
ومساء الإثنين، عادت تدريجيًا شبكات الاتصال وخدمات الإنترنت في السودان بعد انقطاع دام نحو (40) ساعة عن كافة مدن البلاد، وذلك بعد تفاهمات جرت بين شركات الاتصال والدعم السريع بشأن إعادة الشبكات إلى إقليم دارفور، حسب ما قالت المصادر.
وقال مصدر من الهيئة القومية للاتصالات، لـ"الترا سودان"، إن انقطاع الشبكات هذه المرة قد يكون متعمدًا من قوات الدعم السريع، وأضاف: "فريقنا يتقصى الوضع مع شركات الاتصال لتمليك الحقائق للشعب السوداني".
المصدر أشار إلى أن قطع خدمة الإنترنت والهواتف بشكل متعمد يحرم ملايين السودانيين من خدمات حيوية مثل التعاملات المصرفية التي يعتمد عليها السودانيون بشدة في هذه الظروف.
وخصخص السودان قطاع الاتصالات منذ بداية تسعينات القرن الماضي، وبفعل هذه الإجراءات الاقتصادية تمكنت شركات القطاع الخاص الأجنبية والمحلية من الدخول في هذا السوق العملاق الذي يمتلك نحو (35) مليون مشترك.
تعد الشركة السودانية للهاتف السيار (زين - السودان) من أهم شركات الاتصال العاملة في هذا القطاع، وتستحوذ على أكبر عدد من المشتركين. قبل عامين احتفلت هذه الشركة بتجاوز عدد المشتركين نحو (15) مليون مشترك. آلت هذه الشركة من الحكومة السودانية إلى (زين الكويتية) في صفقة أبرمت قبل عشرين عامًا، وبلغت قيمتها السوقية نحو (1.3) مليار دولار.
وأنشأت زين نحو أربعة آلاف محطة في مختلف أنحاء السودان، ورغم تأثر القطاع بالحرب لكنها استمرت في تقديم الخدمات من الحد الأدنى.
وبموجب هذه الصفقة أسس نظام البشير شركة (سوداني) التي تستحوذ على خدمات استيراد الإنترنت عبر الكابلات البحرية، إلى جانب إطلاق خدمة الإنترنت والهواتف النقالة بعد العام 2005. (سوداني) تتبع لمنظومة الصناعات الدفاعية التابعة للمؤسسة العسكرية، وتعد من الأذرع المدنية الاقتصادية داخل هذه المنظومة.
عارف أحمد الخبير في قطاع الاتصالات قال لـ"الترا سودان" إن قطع الاتصالات يعد من ناحية القانون الدولي "جريمة ضد حقوق الإنسان"، حيث وضعت الأمم المتحدة خدمات الاتصال والإنترنت ضمن الحقوق الأساسية للشعوب.
ويعبر عارف أحمد عن قلقه من تضرر السودانيين من توقف خدمات الإنترنت في "حرب الاتصالات" القائمة، خاصة في مجال التواصل الاجتماعي بين المواطنين داخل وخارج البلاد، إلى جانب توقف الخدمات المصرفية. بانقطاع الشبكات في السودان، لن يتمكن نحو (25) مليون مواطن من الوصول للمساعدات التي يحصلون عليها عبر التطبيقات البنكية لأغراض إنسانية، حيث توقفت الحياة الاقتصادية في السودان منذ اندلاع الحرب.
ويرى أحمد أن قطع الاتصالات سيلحق الضرر بخدمات الهجرة والجوازات، وسيؤدي لتوقف إصدار وثائق السفر لمئات الآلاف من السودانيين من الراغبين في مغادرة البلاد في هذا الوضع الحرج.
أكد هذا الخبير أن استمرار خروج الشركات العاملة في مجال الاتصالات من الخدمة منذ أربعة أيام "جريمة كبيرة" يجب أن يعاقب عليها الطرف الذي تعمد قطع الاتصالات. وقال: "حرب الاتصالات من الخطط القادمة في الصراع العسكري في السودان، ويبدو أن الأزمة لا علاقة لها بإعادة الاتصالات إلى إقليم دارفور، لأن هذه كلمة حق أريد بها باطل".