02-سبتمبر-2024
شعار اللجنة الدولية للصليب الأحمر

في ظل الصراع المستمر في السودان الذي دخل شهره السادس عشر، يتفاقم الوضع الإنساني يومًا بعد يوم، مع تزايد معاناة الملايين من السودانيين الذين يواجهون نقصًا حادًا في الغذاء، والأدوية، والمأوى. وفي وقت تنهار فيه الخدمات الأساسية، ويكاد القطاع الصحي ينهار تمامًا، تقف المنظمات الإنسانية في مواجهة تحديات ضخمة لإيصال المساعدات إلى المناطق المتضررة.

المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، عدنان حزام، لـ"الترا سودان": القطاع الصحي يواجه خطر الانهيار نتيجة للصراع وشح الإمكانيات والكوادر الطبية، إذ تعمل (30%) فقط من المراكز الصحية بالسودان

في هذا الحوار، يكشف المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، عدنان حزام، لـ"الترا سودان" أوجه المعاناة وحجم الكارثة الإنسانية التي تعصف بالسودان، والتحديات الهائلة التي تواجهها فرق العمل الإنساني على الأرض، وكيفية تعاملها مع الظروف الصعبة في الميدان.

  • كيف يمكن وصف الوضع الإنساني في السودان؟

- بعد مرور أكثر من (16) شهرًا على الصراع، أوجد هذا الوضع حالة إنسانية أثرت على جميع جوانب الحياة في السودان، خاصة على مستوى الخدمات، ولا سيما القطاع الصحي الذي تضرر بشكل كبير، مما أوجد واقعًا إنسانيًا صعبًا يعاني منه جميع السودانيين.

  • ما هو حجم المساعدات الإنسانية التي تم تخصيصها للسودان في ظل الأزمات الحالية؟ وكيف يتم تنسيق دخولها إلى البلاد؟

- كل منظمة تعمل في السودان لديها تقييم للوضع واستجابتها الإنسانية. نحن في اللجنة الدولية للصليب الأحمر نعمل وفقًا للواقع الحالي على تقديم المساعدات، وأولوياتنا هي تقديم الخدمات التي تساعد في تخفيف المعاناة، خاصة في المجال الصحي والإغاثي. خلال الفترة الماضية، قامت اللجنة، بالتعاون مع الهلال الأحمر السوداني، بتقديم المواد الإغاثية والإيوائية للمتضررين من الصراع، خاصة النازحين والفئات الأكثر حاجة. كما قدمنا المواد الجراحية والدوائية للمستشفيات القريبة من خطوط القتال التي تقدم الخدمات الطبية والإسعافية. الجدير بالذكر أن المراكز الصحية تأثرت بشكل كبير، حيث يعمل (30%) فقط منها، والقطاع الصحي يواجه خطر الانهيار نتيجة للصراع وشح الإمكانيات والكوادر الطبية.

  • ما هو التقدير الحالي لعدد المتضررين من السيول والحرب في السودان؟ وكيف يتم تحديد الأولويات في تقديم المساعدة؟

- السودان يعاني من صراع مستمر، وتأتي السيول والفيضانات لتزيد من المعاناة الإنسانية وتزيد عدد النازحين. تعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالتعاون مع الهلال الأحمر السوداني وبعض المنظمات الأخرى لتحسين الأوضاع الكارثية الناتجة عن السيول، مثل جرف المنازل والضحايا، وضمان حصول المتضررين على المواد الإيوائية والاحتياجات الأساسية. نفذ الصليب الأحمر الأسبوع الماضي زيارة لمنطقة أربعات التي تأثرت بانهيار السد، بالتعاون مع منظمات أخرى لتقييم الوضع والاستجابة السريعة لهذه الكارثة.

  • ما هي الولايات السودانية الأكثر تضررًا من السيول والحرب؟ وكيف يتم التعامل مع هذه المناطق على وجه الخصوص؟

- لا توجد أرقام محددة بعدد الضحايا نتيجة لهذه الكوارث، بسبب صعوبة الحصول على إحصائيات مؤكدة. ولكن ما قامت به السيول أدى إلى تدمير المئات من المنازل، وجرف العديد من القرى، وقطع الطرق، مما جعل من الصعب الوصول إلى المواد الغذائية والتنقل من منطقة لأخرى. إلى جانب ذلك، خلقت هذه السيول بيئة تتسبب في انتشار الأمراض. تقييمنا الأولي يشير إلى أن هذه السيول تتطلب تضافر جميع الجهود للاستجابة السريعة وتخفيف معاناة المتضررين. للأسف، هناك انهيار في الخدمات الأساسية، وجاءت السيول لتضاعف من معاناة السودانيين.

المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر عدنان حزام
المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر عدنان حزام

 

  • ما هي التحديات اللوجستية التي تواجه اللجنة الدولية للصليب الأحمر في إيصال المساعدات إلى المناطق النائية والمتضررة؟ وهل هناك صعوبات في الوصول إلى بعض المناطق؟

- هناك تحديات كبيرة في الجانب الإنساني، من ضمنها طبيعة الصراع نفسه والوضع الأمني الصعب. هذا الوضع أوجد احتياجات هائلة لملايين السودانيين في مختلف المجالات، الذين يحتاجون للمساعدات. ما نقدمه يعتبر نقطة في محيط. نواجه تحديات في الوصول إلى المتضررين، ونحاول في اللجنة الدولية للصليب الأحمر من خلال تواصلنا مع جميع الأطراف تسهيل وصول الناس لاحتياجاتهم الأساسية.

  • كيف تضمن الصليب الأحمر سلامة وأمان فرق العمل الميدانية في ظل النزاع المستمر؟

- الجهود الإنسانية تكاملية، والصليب الأحمر يركز بشكل أساسي على الحماية من خلال تعزيز الحوار مع جميع الأطراف لاحترام القانون الدولي الإنساني. هذا يشمل احترام المدنيين والممتلكات المدنية وعدم استهدافهم، واحترام كرامتهم. كما تقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتقديم المواد الجراحية والدوائية للمستشفيات التي ما تزال تعمل لتساعدها في القيام بدورها الصحي للجرحى والمرضى. إضافة إلى ذلك، ندعم توفير المياه في مختلف مناطق السودان من خلال تقديم مواد تنقية المياه، وقطع الغيار، والمولدات الكهربائية لضمان توفير المياه الصالحة للشرب لملايين السودانيين. كما نقدم المساعدات النقدية للفئات الأكثر ضعفًا المتأثرة بالصراع لتلبية احتياجاتها الأساسية، بجانب تقديم المواد الغذائية والإغاثية والإيوائية للأسر النازحة في مختلف المناطق.

  • هل واجهت الفرق أي تهديدات أو عراقيل خلال أداء مهامها؟

- اللجنة الدولية للصليب الأحمر تعرضت لحادثين خلال الفترة الماضية، أوديا بحياة عدد من الزملاء. رغم ذلك، نحاول تخفيف المعاناة على الشعب السوداني من خلال التواصل مع جميع الأطراف والتعريف بعملنا الإنساني بهدف زيادة القبول وضمان الوصول إلى من يحتاجون للمساعدات أو الخدمات التي نقدمها.

  • كم عدد الذين قتلوا من فريق الصليب الأحمر بالسودان؟

- للأسف، قُتل اثنان من السائقين وأُصيب ثلاثة آخرون خلال الحادثين اللذين تعرضت لهما اللجنة خلال الفترة الماضية.

  • أين وقع هذا الحادث؟

- وقع الحادث حين كان الفريق في طريق عودته من ليبيا لتقييم الوضع الإنساني للجماعات المحلية المتضررة من النزاع المسلح في جنوب دارفور في السودان، وذلك في شهر أيار/مايو من العام الجاري.

  • كيف تتعاون السلطات المحلية والحكومة السودانية مع الصليب الأحمر في توزيع المساعدات؟ وهل هناك تنسيق كافٍ بين الطرفين؟

- نحن ننسق مع السلطات السودانية سواء في إدخال المساعدات أو توزيعها. نقوم بالتنسيق لتحركات فرقنا في الميدان، سواء من خلال الزيارات التقييمية أو حتى توزيع المساعدات. هناك تنسيق مع الحكومة السودانية.

  • ما هي الاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحًا في السودان حاليًا؟ وهل هناك نقص في بعض الموارد الأساسية التي تحتاج إلى تعزيز؟

- إذا نظرنا لتداعيات هذا الصراع وما أوجده من مآسي، نجد أن الاحتياجات الأكثر إلحاحًا تشمل الغذاء، والدواء، والإيواء. جميعها أساسية، ونحن نحاول بقدر المستطاع تقديم المساعدات للفئات الأكثر تضررًا.

  • بالنظر إلى الوضع الراهن، ما هي التحديات المستقبلية التي يتوقعها الصليب الأحمر في السودان؟ وكيف يستعد للتعامل مع أي تطورات سلبية محتملة؟

- هناك تحديات في صعوبة دخول المساعدات إلى السودان خلال الفترة الماضية. نأمل أن يكون هناك تفاهم أكبر من قبل طرفي النزاع، وأن يساعد ذلك في تسهيل وصول الفرق والمساعدات الإنسانية.

الصليب الأحمر لـ"الترا سودان": الوضع الإنساني في السودان مأساوي للغاية، والنزوح الداخلي يضاعف من هذه المعاناة ويجعل الحصول على الاحتياجات الأساسية أمرًا صعبًا.

  • كيف يؤثر النزوح الداخلي على جهود توزيع المساعدات؟ وهل هناك خطط للتعامل مع تزايد أعداد النازحين في البلاد؟

- الوضع الإنساني في السودان مأساوي للغاية، حيث تأثرت جميع جوانب الحياة بالصراع بشكل مباشر أو غير مباشر. النزوح الداخلي يضاعف من هذه المعاناة ويجعل من الحصول على الاحتياجات الأساسية صعبًا يومًا بعد يوم. نحن نحاول من خلال جهودنا كمنظمة إنسانية تعمل على الأرض التخفيف من هذه المعاناة، لكن الواقع هو أن استجابتنا تمثل نقطة في محيط. نتمنى أن تتكاتف الجهود الدولية لدعم المنظمات الإنسانية في الاستجابة لهذه المأساة. كما نأمل أن يكون هناك تفاهم مع جميع الأطراف لدعم العمل الإنساني، وتجنب تسييسه، وتسهيل وصول المساعدات إلى المناطق المتضررة، وتقديم المساعدة بقدر المستطاع دون إدخالها في أي جدل سياسي، لأنه سيؤثر على الاستجابة الإنسانية.