22-أغسطس-2024
طفل يرتدي شعار نادي الهلال السوداني

ربما لإطلاق بالونة الاختبار، طرحت دوائر مقربة من نادي الهلال السوداني إمكانية خصخصة أحد أعرق الأندية في أفريقيا، كونه يعتمد على التبرعات المالية من رجال الأعمال، الأمر الذي يهدد بتوقف النشاط الرياضي بسبب التمويل.

للموسم الثاني على التوالي، يتوقف النشاط الرياضي في السودان بسبب الحرب

تداول في الأسبوعين الأخيرين بعض أقطاب النادي والمشجعين مقترحات أولية بخصخصة نادي الهلال السوداني، الذي يقع مقره في أم درمان ويضم البنية التحتية مثل الملعب الرئيسي "الجوهرة الزرقاء" في شارع العرضة، الذي سيطر عليه الجيش قبل ثلاثة إلى خمسة أشهر.

اشتراطات الخصخصة

ما هي الخصخصة؟ للإجابة على هذا السؤال، تحدث "الترا سودان" مع المستشار المالي عوض أبو حمد، الذي يرى أن الحديث عن خصخصة أندية كرة القدم في هذا الوقت يعتبر تحايلًا على الرأي العام والمشجعين للانفراد بالقرار من خلال الهيمنة على الشركة التي ستدير النادي حال إكمال مشروع الخصخصة. بمعنى أن القرار وراءه نوايا ذاتية، وقد تنجرف الشركة إلى ممارسة أنشطة تجارية ومالية والحصول على امتيازات كونه نادٍ عريق ولديه قاعدة جماهيرية.

وأضاف: "لا ضير في خصخصة النادي وتحويله إلى شركة تضم مجموعة مستثمرين، لكن في الوضع الراهن، والبلاد تشهد حربًا، لا تتوافر اشتراطاتها، وأبرزها الرقابة المالية والمحاسبة. وتفتقر غالبية الشركات العاملة إلى الشفافية ولا توجد أطر للمحاسبة. بالتالي، الوقت ليس مناسبًا للمضي في هذا الأمر".

خسائر الجوهرة الزرقاء

لدى نادي الهلال السوداني أصول تتمثل في الملعب الرئيسي "الجوهرة الزرقاء"، الذي شهد تحديثًا قبل خمس سنوات بتركيب المقاعد وتغيير أرضية الملعب باستيراد نجيل طبيعي بمواصفات عالية. على الرغم من ذلك، فإن الحرب دمرت بعض الأصول في الملعب والنادي جراء سيطرة قوات الدعم السريع على هذه المنطقة لنحو ثمانية أشهر.

يعتقد الباحث في الشؤون الإدارية النذير أحمد في حديث لـ"الترا سودان" أن طرح مشروع خصخصة نادي الهلال السوداني لم يأتِ رسميًا من مجلس الإدارة، لأن القرار ينبغي أن يأتي عبر الجمعية العمومية لمجلس إدارة النادي.

خبير: مع استمرار الحرب وتوقف النشاط الرياضي والإداري في مقر النادي أو الملعب في أم درمان، لا يمكن عقد اجتماع طارئ للجمعية العمومية لاتخاذ قرار الخصخصة

وأضاف: "في هذه الظروف، ومع استمرار الحرب وتوقف النشاط الرياضي والإداري في مقر النادي أو الملعب في أم درمان، لا يمكن عقد اجتماع طارئ للجمعية العمومية لاتخاذ قرار الخصخصة".

ويقول النذير أحمد: "إن الخصخصة المعنية، هل هي خصخصة إلى شركة مساهمة عامة، أم شركة حكومية مثل شركات الكهرباء في السودان، أم سيتحول إلى قطاع خاص مملوك لمجموعة رجال أعمال مستثمرين؟".

وتابع: "في حالة الخصخصة إلى شركة خاصة مملوكة لمجموعة بعينها، يتعين عليهم طرح العرض على الجمعية العمومية لإدارة نادي الهلال، ومن ثم تقييم الأصول والمقار والمساحات حول الملعب والمحلات التجارية في استاد الجوهرة الزرقاء في أم درمان".

ويشدد النذير أحمد على أن خصخصة النادي أو أي مرفق عام مملوك لقطاع عريض من المواطنين، وبالتالي تعود ملكيته إلى الدولة، ليس بالأمر السهل، ويحتاج إلى سلسلة من الإجراءات لضمان سلامة الموقف القانوني.

ويقول إن نادي الهلال العاصمي يُدار عن طريق مجلس إدارة أغلبه من المتطوعين في العمل العام، ولديهم ولاء للشعار. هذا ليس على سبيل الحصر، لكن بشكل عام، هكذا تُدار إدارات الأندية لقطبي الكرة السودانية، الهلال والمريخ.

ويشير أحمد إلى أن أعضاء مجلس الإدارة، على سبيل المثال، يتكفلون بتأمين الموارد المالية لتمويل نشاط فريق كرة القدم، خاصة خلال الحرب. يُقيم النادي معسكره في عدد من الدول الأفريقية كما يشارك اعتبارًا من هذا الموسم إلى جانب المريخ في الدوري الموريتاني، ويشارك في تصفيات أندية أبطال أفريقيا.

معسكرات خارجية مكلفة

وكانت بعثة نادي المريخ قد وصلت إلى جوبا لأداء مباراته في تصفيات أندية أبطال أفريقيا لمباراة الإياب ضد الفريق الليبي على ملعب "جوبا ستاديوم" الذي افتتح رسميًا قبل شهرين.

وخلال الحرب، التي تدخل شهرها الـ16، اضطر قطبا الكرة السودانية، الهلال والمريخ، إلى نقل بعثة اللاعبين لعدد من الدول الأفريقية، حيث أقام الأحمر معسكرًا في تنزانيا، كما شارك في بطولة سيكافا في نيجيريا. ويقول رجال أعمال يتولون شأن إدارة الفريق إن التمويل يصل إلى مائة ألف دولار لشراء تذاكر الطيران والإقامة في الفنادق.

ويهدد نقص التمويل جراء الحرب، التي أوقفت النشاط الاقتصادي لرجال الأعمال والشركات في العاصمة الخرطوم، أندية الهلال والمريخ بتحديات خلال التنقل لإقامة معسكرات تدريبية بين دول الجوار وشرق أفريقيا ومصر والخليج والمغرب.

لن يصمد الممولون طويلًا

ويقول المستشار المالي عوض أبو حمد إن تمويل المعسكرات التدريبية والفنادق وتذاكر الطيران لأندية القمة السودانية قد يصل خلال نصف عام فقط إلى مليوني دولار.

ويعتقد أن الحكومة مُطالبة بالتدخل لتمويل أندية الهلال والمريخ وفق إجراءات تبرر هذا الصرف، سيما أن الظروف الراهنة تستدعي التدخل الحكومي لغرض التمويل المالي، وعدم التأثير على القرارات الإدارية وضمان استقلاليتها.

وأردف: "الهلال والمريخ يعتبران ضمن أعرق أندية أفريقيا، وشح التمويل قد يهدد بتوقف نشاطهما قاريًا، مما يعني اختفاء اسم السودان من المحافل القارية والدولية والإقليمية".

تعد العاصمة الخرطوم بمثابة مركز النشاط الرياضي في البلاد

وتسببت الحرب في توقف النشاط الرياضي، خاصة كرة القدم، اللعبة الأكثر شعبية. وتأثرت نحو 12 ولاية سودانية بتوقف النشاط بسبب القتال وتراجع الحياة العامة ونزوح اللاعبين والمهتمين بالنشاط الرياضي إلى الولايات الآمنة أو خارج البلاد.

وتعد العاصمة الخرطوم بمثابة مركز النشاط الرياضي في البلاد، وجراء الصراع المسلح، هجرت ملاعبها لموسمين على التوالي، بما في ذلك مباني اتحاد كرة القدم السوداني التي تقع في حي الخرطوم 2 تحت سيطرة قوات الدعم السريع.