08-يوليو-2020

(Middle East Monitor)

يدخل قرار الناشرين السودانيين بزيادة النسخة الورقية للصحف إلى (45) جنيهًا غدًا الخميس حيز التنفيذ، وسط تخوفات من إحجام وعزوف المواطنين عن الشراء، بعد أن أصبح سعر الصحيفة موزايًا لقيمة رطل اللبن الحليب و(22) قطعة خبز.

رغم الزيادة الكبيرة في أسعار الصحف لمقابلة التزامات الإنتاج، إلا أن بعض الناشرين أعلنوا عدم قدرتهم على الاستمرار والتوقف عن الصدور

 ولم تختصر الزيادة  الجديدة التي تمثل  ثلاثة أضعاف السعر الأول، من (15-45) جنيهًا، على النسخة الورقية فقط، وإنما امتدت إلى الإعلان الذي ارتفع بنسبة (100) % بغرض مواجهة مستلزمات الطباعة من ورق وأحبار، في وقتٍ أعلنت فيه بعض الصحف خلال الاجتماع الذي عقده الناشرون تقليص أعداد الصحفيين، والبعض الآخر توقفها عن الصدور بسبب تكاليف التشغيل. 

اقرأ/ي أيضًا: هيئة الدفاع عن معمر موسى: نتوقع ردًا من النائب العام والإفراج عن موكلنا

ناشر صحيفة إيلاف ورئيس تحريرها خالد التجاني، أقر بقسوة الإجراء الذي فرضته معادلة صناعة الصحف في ظل تدهور الوضع الاقتصادي وجائحة كورونا وركود سوق الإعلان الذي يمثل نحو (80)% من إيرادات الصحف، بينما يشكل التوزيع (20)%.

واعتبر في مقابلة مع "ألترا سودان" أن الصحافة ليست ترفًا ولا يمكن التخلي عنها تحت أي ظرف حتى لو كان نظامًا شموليًا فما بالك في وجود تحول ديمقراطي يحتاج إلى صحافة قوية ومزدهرة وقدر من الحرية، ورأى أن ذلك يتطلب من الحكومة أن تفهم بأن صناعة الصحف تمر بمخاطر حقيقية لتأثرها بمدخلات الإنتاج المستوردة وما يترتب على ذلك من ارتفاع الدولار ومنافسة الصحافة الإلكترونية.

رئيس تحرير "إيلاف" خالد التجاني
رئيس تحرير "إيلاف" خالد التجاني

وقال التجاني  الصحف لم تجد بديلًا منطقيًا آخرًا غير رفع الأسعار أو التوقف نهائيًا عن الصدور"وشدد على الدولة بتحمل مسئولياتها تجاه السلطة الرابعة عبر مبادرة يقودها وزير الإعلام بخلفيته الصحفية  المعروفة لإعفاء الصحف من الضرائب والجمارك والرسوم فعلًا لا ادعاءً كما كان يفعل النظام السابق والذي كان من مصلحته خروج الصحف من السوق.

وحسب مصدر مطلع فقد تباينت آراء الناشرين خلال الاجتماع في التعامل مع الوضع الراهن، حيث اقترح البعض زيادة النسخة إلى (45) جنيهًا، والصدور في (12) صفحة، بينما اقترح آخرون (مابين 25-35) جنيها مع تقليل الصفحات إلى ثماني صفحات.

فيما عدد ناشر صحيفة التيار ورئيس تحريرها عثمان ميرغني، الدوافع التي حدت بالناشرين إلى رفع القيمة، وأكد أن الدولار قفز بأسعار الأوراق والأحبار إلى سبعة أضعاف، وبرميل الجازولين من ثلاثة آلاف جنيه إلى (20) ألفًا مع عدم توفره، حيث يستخدم في تشغيل المولدات ليلًا جراء انقطاع التيار الكهربائي.

اقرأ/ي أيضًا: حاكم الجزيرة يوقف عمل كمائن الطوب بجميع محليات الولاية

وأشار ميرغني في حديثه لـ"ألترا سودان" إلى أن الناشرين في اجتماعهم أمس الأول الذي ضم كل الجهات ذات الصلة بصناعة الصحافة، ناقشوا تكلفة النسخة مع المطابع والتوزيع، وتوصلوا إلى أن مبلغ (45) جنيهًا للنسخة الورقية من (12) صفحة بالكاد يغطي تكلفة الطباعة والتوزيع، وتوقع احتمال التراجع عنها بسبب تكاليف التشغيل الإداري وعبر عن الزيادة الوشيكة بعبارة "تنفس لكي تعيش".

توقعات بتكلفة جديدة للنسخة الورقية تقترب من حاجز الـ(100) جنيه جراء صعود الدولار إلى أكثر من (150) جنيه مع انتهاء أزمة كورونا

 وأشار  ميرغني إلى ان أصحاب المطابع توقعوا أن يرتفع سعر الدولار من (150) جنيهًا إلى (200) جنيه بعد رفع الحظر الشامل، مما يعني زيادات جديدة في أسعار الصحافة الورقية، وعليه ربما يبلغ سعر النسخة (100) جنيه خلال أسابيع قليلة.

رئيس تحرير "التيار" عثمان ميرغني
رئيس تحرير "التيار" عثمان ميرغني

الزيادة الكبيرة المقترحة تفتح باب التساؤلات حول انعكاساتها على أوضاع الصحفيين الذين لا يتجاوز الحد الادنى لأجورهم (1500) جنيه.

الصحفية عضو اللجنة التمهيدية لنقابة الصحفيين السودانيين، درة قمبو، قالت لـ"ألترا سودان" إن الزيادة مرتبطة بوحشية الناشرين في السودان، والتي لن يستفيد منها إلا الناشرون وحدهم بمعزلٍ عن "الضحايا" القراء والصحفيين، واتهمت قمبو ملاك الصحف بالمماطلة في الالتزام بالحد الأدنى للأجور المعدل من قبل ثلاث سنوات، بينما لديهم الجرأة لزيادة الأسعار ومضاعفة الإعلان دون مكسبٍ واضحٍ للعاملين والقراء.

وانتقدت قمبو، ضعف الأجهزة الرسمية التي تراقب غياب جسم مهني يمثل الصحفيين واستسلام القارئ لتواتر الأسعار والذي لن يستمر طويلًا، واعتبرت أن الناشرين في طريقهم "لقبر" الصحافة الورقية بعيدًا عن الاتجاه العالمي للصحافة المكتوبة الذي يندرج نحو خنق الورقية والتخلص منها، وأضافت: "الناشرون بسياستهم تلك تأكد أنهم مجرد تجار لا صلة لهم بالمهنة، وقالت إن اللجنة ستسعي مع السلطات الرسمية المعنية بصناعة الصحافة، لكف التلاعب بمستقبل الصحف وأرزاق العاملين فيها لانها خطوات ستستتبع بمخاطر تهدد الصحافة، مثل التخلص من الصحفيين وانصراف القارئ عن الصحافة الورقية، والاكتفاء بالنسخة الإلكترونية. وشددت على ضرورة مواجهة ذلك بقوانين وإجراءات تجعل الصحافة للمهنة والمهنيين فقط.

درة قمبو
درة قمبو

من جانبه طالب رئيس تحرير صحيفة الجريدة، أشرف عبد العزيز، بضرورة زيادة أجور منسوبي الصحف إلى ثلاثة أضعاف بعد أن ظلت ثابتة رغم الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، وأن تصدر وزارة المالية موجهات للقطاع الخاص بمواكبة القطاع العام فيما يتعلق برفع المرتبات مما ينعكس إيجابًا على أوضاع الصحفيين.  

ناشر التيار أكد أن ناشري الصحف أقروا بأن الأجور الحالية للصحفيين لا تمكنهم من الخروج من المنزل ناهيك عن مزاولة أي نشاطات أخرى قبل أن يتوافقوا على اتجاه تقليص العمالة، وهو الخيار الذي لا تقبل به مؤسسته البالغ عدد العاملين فيها (40) صحفيًا، وشدد ميرغني على المؤسسات الصحفية للبحث عن استثمارات إضافية خلال الوضع الراهن بخلاف الإعلان الذي لا يعود على الصحف بمكاسب كبيرة غير رفع قيمة الضريبة، لكونه لا يدفع فورًا ولايساعد في سد الفجوة.

اقرأ/ي أيضًا: مصدر حكومي رفيع: أمجد فريد وأردول في زيارة غير معلنة إلى الإمارات

وكشف آخر تقرير رسمي في السودان أصدره مجلس الصحافة والمطبوعات في العام 2019، عن تراجع كبير في توزيع الصحف الورقية، وذكر أن توزيع الصحف في السودان انخفض من (59) مليون نسخة في العام 2017 إلى (36.424) مليون نسخة في العام 2018، توزع منها (36) مليون نسخة.

ارتفع عدد الصحف الورقية بالسودان بعد ثورة كانون الأول/ديسمبر إلى (37) صحيفة يومية، وأقر مجلس الصحافة والمطبوعات بأن الظروف الاقتصادية من أسباب تراجع توزيع الصحف

وارتفع عدد الصحف الورقية بالسودان بعد ثورة كانون الأول/ديسمبر إلى (37) صحيفة يومية، وأقر المجلس بأن الظروف الاقتصادية من أسباب تراجع توزيع الصحف، فضلاً عن عوامل أخرى تتعلق بالمحتوى الصحفي واتجاهات الصحيفة نفسها، ومنافسة المواقع الإلكترونية.

ولم يتسن لـ"ألترا سودان" الحصول على تعليق من وكيل وزارة الإعلام الرشيد سعيد، بشأن الزيادة المرتقبة في أسعار الصحف. 

اقرأ/ي أيضًا

ولاية الخرطوم تعلن الرفع التدريجي للحظر وتفرض اشتراطات عامة لعودة العمل

الوساطة: توقيع اتفاقية السلام بعد أسبوع من الآن