منذ منتصف شباط/فبراير الجاري، لم يعد سكان حي منطقة بانت في مدينة أم درمان يشعرون بوجود قلق من البقاء في المنطقة، وذلك جراء استعادة الجيش لجزء كبير من المنطقة بعد معارك ضارية مع قوات الدعم السريع.
يخشى بعض المواطنين مغادرة المناطق الساخنة لوجود مخاوف من تعرضهم إلى الاعتداء أو الاعتقال لا سيما في ارتكازات الدعم السريع
"لمى" الفتاة التي لم تتوقف عن التظاهر ضد الانقلاب العسكري منذ 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021، والذي نفذه الجنرال عبدالفتاح البرهان متحالفًا مع خصمه الحالي الجنرال محمد حمدان دقلو - غادرت حي بانت في أم درمان مستغلة وجود شوارع قد تكون سالكة تحت سيطرة الجيش، وسردت لـ"لترا سودان" الوقائع حول الأوضاع في المنطقة التي استعادها الجيش الأسبوع الماضي، حيث تمكنت من المغادرة بعد أن ظلت عالقة لعشرة أشهر.
تجنبت هذه الفتاة الخروج من المنزل في حي بانت أثناء سيطرة الدعم السريع بطلب من والدها، والذي كان يخشى عليها من الاعتداء في الحواجز العسكرية خاصة تلك التابعة لقوات الدعم السريع.
لكن قوات الدعم السريع تنفي الأنباء عن تقدم الجيش، وتقول إن المنطقة تحت سيطرتها وهي تقع على مقربة من مستشفى السلاح الطبي العسكري التابع للجيش، حيث تشن هجمات على سلاح المهندسين مستخدمة مواقع قربها.
كما ترفض الدعم السريع الاتهامات التي وجهت إليها بشأن ارتكاب جنودها أعمال عنف بما في ذلك العنف على أساس النوع ضد النساء، وقال قائد الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو إنه على استعداد للسماح بلجنة تقصي الحقائق من جنيف للعمل في مناطق سيطرته والتحقق من هذه التقارير أو الانتهاكات التي وقعت بحق المدنيين.
وفي منتصف شباط/فبراير الجاري تمكنت وحدات عسكرية من نخبة الجيش فتح خط الإمداد بين منطقة كرري العسكرية ومقر سلاح المهندسين على ضفاف النيل الأبيض، أي ربط الإمداد من عمق أم درمان إلى أقصى شرق المدينة. خلال هذه العملية العسكرية تمكنت القوات المسلحة السودانية من استعادة سيطرتها على أحياء بانت وأجزاء من أم درمان القديمة التي تشمل حي بيت المال وودنوباوي.
تركت "لمى" حي بانت والسكان ما زالوا يعانون جراء انعدام أساسيات الحياة مثل الغذاء والأدوية، لكن بالنسبة لهذه الفتاة فإن الأمل موجود لدخول إمدادات إغاثة للسكان.
آثار المعارك الضارية لخصتها "لمى" في السيارات المحترقة التي لم تنجُ من القذائف الصاروخية، وبعض المنازل المدمرة جزئيًا وكليًا بسبب طول أمد الاشتباكات.
وتقر قوات الدعم السريع بوجود عناصر من منسوبيها تصفهم بالـ"متفلتين"، ورغم تفعيل عمل لجنة الانضباط التي تتكون من جنرالات في هذه القوات، لكن ما تزال هذه الأزمة تعد من المشاكل التي تثير حفيظة الرأي العام.
وتقول منظمات حقوقية محلية ودولية إن الطرفين المتحاربين لم يلتزما باتفاق جدة الموقع في منتصف أيار/مايو 2023 بشأن حماية المدنيين أثناء الحرب وفتح الممرات الآمنة وإدخال الإغاثة.
تقول "لمى" لـ"الترا سودان" إنها بقيت عشرة أشهر في منطقة ساخنة في أم درمان وغادرت العاصمة الخرطوم لأنها تود متابعة حياتها في الولايات خارج دائرة الحرب، معربة عن أملها في توقف الصراع المسلح والعودة إلى المنزل.