لم تكن صباح سنهوري (1990) معروفة قبل العام 2009، يومها فازت بـ"جائزة الطيب صالح للشباب" في القصة القصيرة، لتدخل مباشرة بعدها إلى دائرة الضوء في الوسط الثقافي السوداني، ومن ثمَّ لتصبح اسمًا له حضوره في مشهد السرد، بعد أن جذبت الانتباه إلى موهبتها. نشرت مجموعة قصص بعنوان "مرايا" (دار ميريت، 2014)، ثم تحولت قصتها "العزلة" الفائزة بجائزة الطيب صالح؛ إلى فيلم سينمائي على يد المخرج الأردني برهان سعادة. هنا وقفة سريعة معها في هذا الحوار الخاص مع ألترا صوت.
- نشرت أول كتبك مبكرًا جدًا، البعض يظن أن لهذا أثرًا سلبيًا على مسيرتك؟
مبكرًا جدًا؟ رجوعًا إلى ماذا بالضبط؟ إذا قلنا مثلًا إنني قد بدأت مسيرتي الأدبية في العام 2009، فأنا قد قمت بطباعة مجموعتي الأولى في العام 2014! هل لا زلت تعتقد أنها مبكرة؟ أنا أظنّها كانت متأخرةً بعض الشيء. في العام 2009 كنت قد فزت بالجائزة الأولى في مسابقة الطيب صالح للقصة القصيرة، التي ينظمها مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي، أذكر بعدها أنني أصبت بجمود ما، لم أستطع الكتابة بعد الجائزة، انهالت عليّ أسئلة محورية، مثل: هل أنا كاتبة؟ هل أريد أن أصبح كذلك؟ هل أدرك حقًا معنى الكتابة؟ هل لها معنى؟ هل سأواصل؟ هل ما زلت حقًا أملك إجابات؟ هل ستتغير إجاباتي هذه بعد مضي مرحلة ودخولي أخرى؟ هل حقًا أنا في حاجة إلى إجابات؟ أسئلة كثيرة زاحمت أخرى كانت موجودة، وأنا على وشك أن أبلغ التاسعة عشرة، ولك أن تتخيل كم مربكة هذه السن... وهكذا! بالرغم من هذا كله، إلا أنها كانت فترة جيدة بالنسبة إليّ، اخترت ما اخترته، أكتب ولا أبالي، أتعرَّف على عالم الكتابة، أستمتع بالرفض، بالنجاحات، بالمضي قدمًا، بالخطوات الثابتة وبالمترنحة أيضًا.
اقرأ/ي أيضًا: السودان.. أدباء مصححو صحف!
- قلتِ من قبل، إنّك لم تخططي لأن تكوني كاتبة في يوم ما، لكنك الآن تحلمين بأن تصبحي "أخطر كاتبة قصة قصيرة في العالم".. لماذا؟
آه أذكر أنني تفوهت بهذه العبارة ذات نشوةٍ ما. أجل، أحلم بصوتٍ قوي حاد، تستطيع تمييزه من على البعد، صوت لا يمكنك معه المقاومة. أحلم بامتلاك قدرات هائلة في السرد، قدرات تصيب القارئ بشللٍ جزئي، أو وقوف مؤقت. حبي للكتابة وللصوت الخاص، جعلني أقوم بمشروعي "يوم للكتابة غير الواقعية"، وهو عبارة عن ورشة لتدريب وصقل ومشاركة شباب، تتراوح أعمارهم بين الثامنة عشرة والثامنة والعشرين، فكرة الورشة في البدء كانت أن تكون في العاصمة الخرطوم، ثم بعدها أخذت تتضخّم، لأقرر بعد ذلك أن أقوم بتغطية معظم مدن وولايات السودان ما استطعت، وبالفعل بدأت الورشة في شهري فبراير ومارس الماضيين، حيث قمت بها في كلٍّ من مدن القضارف، بورتسودان، ود مدني، والخرطوم. الجولة الثانية من الورشة ستكون في شهر نوفمبر المقبل في مدن عطبرة، سنار، كوستي والأبيض.
- تكتبين بعاطفة.. أم تكتبين العاطفة؟ يلتبس عليّ هذا الأمر أحيانًا.
شيءٌ من الأولى، ورشَّةٌ من الثانية، بغض النظر عن ماهية هذه العاطفة بالطبع. دائمًا ما أذكر أنني أكتب للإنسان أينما وُجد، بغض الطرف عن جنسه وجنسيته، يهمني الإنسان، وأعمل ما استطعت لهذه الإنسانية وبقائها متوهجة.
صباح سنهوري: أحلم بامتلاك قدرات هائلة في السرد، قدرات تصيب القارئ بشللٍ جزئي، أو وقوف مؤقت
- تحولت قصتك "العزلة"، الفائزة بجائزة الطيب صالح للشباب، إلى فيلم.. حدثيني عن التجربة هذه.
قرأها المخرج والسيناريست الأردني الأستاذ برهان سعادة، أظن القصة قد لامست فكرة ما، كانت تجول في رأسه، جعلته يقوم على الفور بكتابة سيناريو لفيلم روائي قصير، اختار له الممثل الأردني حسن الشاعر، ليقوم بدور الشخصية الرئيسة في القصة. راسلني أ. برهان بعد ذلك يسأل عن موافقتي، وبالفعل وافقت على خوض تجربة كتلك؛ شخصية قمت بكتابتها على الورق فتراها ثلاثية الأبعاد لها جسد حيّ، كلّ ما رسمته لها من تجريد تراه واقعيًا حقًا، ومن ثمّ محدودًا. كانت تجربة حقًا ممتعة وإضافة أعتبرها جيدة لمسيرتي الأدبية.
- فلنتحدث قليلًا عن "المحبة". أنا لا أقصد "الحب".
ماذا عن المحبة؟ أقصد وماذا غيرها؟ المحبة ستغمر العالم يومًا ما.
- ماذا تفعلين حاليًا؟
أعمل حاليًا على كتاب، لا أدري ما جنسه الأدبي بالضبط، ولكن ليس هذا موضوعنا حتمًا، ولا يقلقني كثيرًا، المهم هو أنني أستمتع بكتابته، بغرابته وبعوالمه.
اقرأ/ي أيضًا: