يضطلع المتطوعون في حرب السودان بدور بارز في تخفيف معاناة المدنيين في المناطق الساخنة. وتتركز عمليات التطوع بدرجة أكبر في العاصمة الخرطوم لأنها تضم شبكات المجتمع المدني التي قاومت نظام البشير وعملت على خلق تأثير كبير بين السودانيين.
قال مسؤول في الأمم المتحدة إن الوكالات الأممية والمنظمات الدولية تثق في قدرات غرف الطوارئ في السودان وتفضل التعامل معها دائمًا خلال الحرب
ومع ذلك فإن المتطوعين يواجهون ظروفًا قاسية في ظل اشتداد المعارك العسكرية وانعدام الممرات الآمنة إلى جانب الاتهامات التي تلاحقهم بالتعاون مع أحد "طرفي النزاع" وتعرض بعضهم للاعتقال شهورًا.
محمد عصام أحد المتطوعين في منطقة الكلاكلة جنوب العاصمة الخرطوم يسرد كيفية صموده نحو ثمانية أشهر من الحرب بين الجيش والدعم السريع دون أن يفكر في مغادرة الحي إلى الولايات أو خارج السودان.
يقول عصام لـ"الترا سودان" إن التطوع "قيمة إنسانية" وعندما تعمل في مثل هذه الظروف "تختبر الحياة في أعلى مستويات العنف" – حسب تعبيره. "لذلك عندما نوفر المياه أو الأدوية أو نطهو الطعام جماعيًا فإننا نشعر بالسعادة" – أردف عصام.
ومع استمرار الحرب التي تقترب من شهرها الثامن، يساور القلق هذا المتطوع بسبب كثافة حركة النزوح مع قلة المساعدات الإنسانية لصعوبة إدخال الإغاثة إلى المناطق الساخنة.
أغلب المتطوعين في غرف الطوارئ العاملة في العاصمة الخرطوم والمدن التي تشهد قتالًا بين الجيش والدعم السريع عملوا في لجان المقاومة، واكتسبوا خبرة طويلة في كيفية التعامل مع المخاطر الأمنية. ومع ذلك تقول الأمم المتحدة إن أكثر من (20) عاملًا في المجال الإنساني لقوا مصرعهم خلال الحرب في السودان، ويرجح أن يكون بينهم متطوعون.
يقول ماهر وهو متطوع في مدينة الخرطوم بحري التي تشهد معارك أعنف بين الجيش والدعم السريع من الخرطوم وأم درمان إن المتطوعين لديهم قدر من الوعي السياسي وقدرة على التعامل مع الطوارئ، لافتًا إلى أنهم "عرضة للملاحقة الأمنية في بعض الأحيان من الطرفين المتحاربين" – حسب قوله.
ويقول هذا المتطوع إن الحرب جعلتهم أكثر دراية بقيمة الحياة، ودفعتهم إلى العمل على نشر الوعي وثقافة مشاركة الطعام بين المجتمعات المتضررة من الحرب. وأوضح أنه لاحظ من خلال عمله الطوعي أن المجتمع لن يظل على ما كان عليه قبل الحرب وسيصبح أكثر حرصًا على قيمة السلام.
وتضم الخرطوم سبع غرف طوارئ موزعة على محليات الولاية السبع، وتنسق مع بعضها البعض في كثير من الأحيان، لكن تعطل شبكات الاتصال وصعوبة التنقل تحد من استمرار العمل ضمن شبكات.
ويرى المعز وهو عضو في لجان مقاومة ومتطوع في أحياء شرق الخرطوم التي بدأت الحياة تعود إليها بعض الشيء عقب عودة بعض النازحين من الولايات – يرى أن غرف الطوارئ عملت على إبقاء المقاومة المدنية مستمرة خلال الحرب. وأردف: "عندما بدأت الحرب ارتفعت الأصوات المطالبة بالعنف ومحاربة مناحي الحياة بكل جمالها، وفي ذلك الوقت كانت غرف الطوارئ والمتطوعون يبقون على شعلة الحياة مضيئة".
بينما يقول مسؤول في وكالات الأمم المتحدة إن المنظمات الدولية والوكالات الأممية لديها ثقة كبيرة في عمل المتطوعين وغرف الطوارئ لأنها "مستقلة ولديها القدرة على تحمل المسؤوليات إلى جانب النزاهة والشفافية" – حسب قوله.