ولد غي في بلدة أكوبو في التاسع من تشرين الثاني/نوفمبر 1978، والتي تقع حاليًا ضمن منطقة جونقلي الكبرى شمال شرقي العاصمة جوبا، لكنه لم يستمتع بطفولته مثله مثل بقية أقرانه الذين ولدوا خلال فترة الحرب الأهلية التي اندلعت في ثمانينيات القرن المنصرم، حيث التحق بصفوف الأطفال المحاربين بعد أن تم تجنيده للقتال في الحرب ضمن صفوف مقاتلي الجيش الشعبي لتحرير السودان آنذاك. ونسبةً لتلك الظروف البائسة، انفصل عن بقية أفراد أسرته وعمره (13) عامًا، لكنه تمكن بعد عام واحد من الفرار إلى دولة إثيوبيا المجاورة، التي سرعان ما غادرها إلى كينيا بحثًا عن حياةٍ أفضل، وذلك قبل أن يتم قبوله ضمن برنامج إعادة التوطين بالولايات المتحدة الأمريكية التي قصدها من مخيم "داداب" للاجئين في كينيا. وغادر الفتي اليافع معسكرات اللجوء إلى العالم الأول وهو ما يزال بعد غض الإهاب، لم يتجاوز عمره (15) ربيعًا.
حرمت الحرب التي شهدتها بلاده الطفل دوانغ من الحصول على فرصة للالتحاق بإحدى المدارس والتي تحولت إلى ركامٍ بسبب الحرب
وحرمت الحرب التي شهدتها بلاده الطفل دوانغ من الحصول على فرصة للالتحاق بإحدى المدارس التي تحولت إلى ركامٍ بسبب اندلاع الحرب مجددًا بين الجنوب والشمال، لذلك لم يتمكن من تعلم القراءة أو الكتابة باللغة الإنجليزية، لكنه استطاع أن يواصل تعليمه في موطنه الجديد بالولايات المتحدة الأمريكية وتخرج في إحدى جامعاتها الراقية وهي جامعة بريدجبورت.
اقرأ/ي أيضًا: أوضاع الصحفيين بالسودان.. انتهاكات مستمرة وآمال معلقة على النقابة
ظهر دوانج لأول مرة على شاشة السينما كممثل في الفيلم الكوميدي الفلسفي (I Heart Huckabees)، الذي لعب فيه دور لاجئ يدعى ستيفن نميري. تم اختيار دوانج لهذا الدور لأن منتج الفيلم ومديره ديفيد راسل، أراد شخصًا كان قد عانى من تجربة الحياة الحقيقية في معسكرات اللاجئين، وقد كان ذلك في منتصف العام 2011.
وأظهر هذا الفيلم الوثائقي عن تجربة حياته، عودة دوانج لموطنه جنوب السودان بعد تلك السنوات المليئة بالمغامرة والانجازات، تلك العودة التي قوبلت بفرحة عارمة من أهله وأعضاء أسرته الذين انفصل عنهم لسنواتٍ عديدة. وتزامن موعد تصوير الفيلم مع تصويت مواطني جنوب السودان على استفتاء تقرير المصير التاريخي، فشارك في صناعة الحدث التاريخي في التصويت، كما احتفى باستقلال بلاده في 9 تموز/يوليو 2011، فقابل بتلك الفرحة الأسى الذي خلفته سنوات الغياب والانقطاع عن الأهل، سنوات الضياع والحرمان الطويلة كما ظل يردد.
اقرأ/ي أيضًا: في ذكرى تأسيس الحركة الشعبية.. سلفاكير يقر بأخطاء القادة ويدعو لتصحيح المسار
في العام 2012 شارك دوانج بالتمثيل في فيلم بعنوان (Isn't It Delicious)، من إخراج مايكل باتريك كيلي، والذي لعب فيه دور سائق سيارة أجرة ليموزين. وفي عام 2014 ظهر جنبًا إلى جنب مع اللاجئين الآخرين والممثلة الكبيرة ريس ويذرسبون في (The Good Lie)، والذي يحكي قصة ثلاث لاجئين تم توطينهم بالولايات المتحدة من معسكر كاكوما للاجئين بدولة كينيا، والصراع من أجل الاندماج في المجتمع الجديد، مثلهم مثل العديد من "الأولاد الضائعون" والعديد من اللاجئين الذين قدموا لأمريكا من عدة بلدان حول العالم . كما ظهر دوانج كعارض أزياء على غلاف العديد من المجلات العالمية.
تم تعيين الممثل وعارض الأزياء الجنوب سوداني المولد غير دوانج سفيرًا إقليميًا للنوايا الحسنة للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في منطقة القرن الأفريقي وشرق أفريقيا في حزيران/يونيو 2015 لزيادة الوعي والفهم حول التحديات التي تواجه الملايين من المشردين قسرًا في جميع أنحاء العالم باعتباره أحد آلاف الأطفال الضائعين وكشخص مؤهل ساعدته المفوضية مباشرة، حيث قام بتوظيف قصة حياته كنموذج ملهم لبقية الأشخاص الذين عانوا من تجربة النزوح والتشرد واللجوء.
ويقول دوانج: "أنا أقوم باستخدام قصة حياتي والدعم الذي أجده من الذين يستمعون لها للمساعدة في توعية الناس بخصوص العمل الذي تقدمه مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين". كما عمل من أجل مناصرة قضايا وحقوق اللاجئين في العديد من مناطق العالم عن طريق زيارات ميدانية لمعسكراتهم وإقامة محاضرات عامة وأنشطة اسفيرية في العديد من المواقع. وفي حزيران/يونيو 2016 استطاع أن يقدم من خلال حصيلة تجربته الشخصية باعتبارها نموذجا للتعلم كواحدة من التجارب والمبادرات الناجحة للاجئين بدولة أوغندا.
تعتبر تجربة غير دوانج واحدة من التجارب التي استطاعت أن تقفز فوق آلام حقبة الحرب وما ترتب عليها من أوضاع مأساوية، لكنه تجاوز جميع تلك المصاعب بعزيمته ورغبته القوية في توظيف جميع تلك التحديات لصالح تحقيق أحلامه وتطلعاته المستقبلية، ليصبح بذلك نجمًا عالميًا وسفيرًا للنوايا الحسنة في الأمم المتحدة.
غير دوانج عن دوره في فيلم (The Good Lie): "التجربة قاسية ومريرة، لكنني سعيدٌ لما قمت به في هذا الفيلم، والذي يربطني مع عديد من الناس حول العالم"
وعن تجربته ودوره في فيلم (The Good Lie) يقول غير دوانج، في حوار أجرته معه صحيفة الغارديان البريطانية:"إن التجربة قاسية ومريرة، لكنني سعيدٌ لما قمت به في هذا الفيلم والذي سيربطني مع عديد من الناس حول العالم. فإذا ألقيت نظرة على ما يدور في كثير من البلدان، فإنك ستجد عددًا منها يمر بذات التجربة التي سبق وأن عشناها في الحرب الأهلية السودانية، ففي سوريا وأوكرانيا تجد نفس الشئ يتكرر، فالشيء الوحيد الذي يشترك فيه الناس جميعا هو الألم. هذا ما جعلني أعتقد أن الفيلم يعتبر تجربة مهمة، ليس لأنه يحكي قصة الأولاد الضائعين في السودان، لكن لأنه يحكي قصص ومآسي جميع اللاجئين حول العالم".
اقرأ/ي أيضًا
الجيش: ترقيات لضباط (28) رمضان واعتبارهم من شهداء القوات المسلحة
مبادرة إعلاميي جنوب السودان لمجابهة كورونا تنطلق بوحدات الشرطة