قال متطوعون إن السلطات الصحية قامت بإغلاق صيدلية توزع الأدوية مجانًا في مستشفى النو بأم درمان، وقررت فتح صيدلية جديدة وتحويل الخدمة المجانية إلى خدمة مدفوعة الثمن.
الشح وارتفاع الأسعار من المشكلات التي تواجه المرضى الباحثين عن الأدوية في السودان
فيما يقول عاملون في هذا قطاع الأدوية في السودان إن الملايين معرضون للخطر بسبب شح الأدوية وارتفاع أسعارها وعودة نشاط "مافيا الأدوية منتهية الصلاحية".
ونوه مؤمن ود زينب وهو متطوع في مستشفى النو في أم درمان والذي يقع في منطقة خاضعة لسيطرة الجيش، وفق تدوينة على حسابه الشخصي في "فيسبوك"، إلى إغلاق الصيدلية التي توزع الأدوية مجانًا وفتح أخرى تقوم ببيع الأدوية لمرضى في منطقة حرب لا يملكون دخلًا ماليًا أو عملًا، على حد تعبيره.
أزمة الدواء في السودان
نشر هذا المتطوع لهذا الخبر فتح الباب واسعًا أمام جملة من الأسئلة المتعلقة بأزمة الدواء في السودان خلال الحرب، خاصة بعد إغلاق المصانع المحلية أبوابها بسبب القتال والنهب وتدمير المعامل والأصول.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن (80%) من المستشفيات في السودان توقفت عن العمل منذ بداية الحرب منتصف نيسان/أبريل 2023، ووصفت الأوضاع الصحية بأنها كارثية.
ويعد توقف المصانع المحلية العاملة في الصناعات الدوائية بالعاصمة الخرطوم مؤثرًا في هذا القطاع لجهة أن الأدوية المصنعة محليًا كانت تشكل نحو (60%) من الاستهلاك المحلي، إلى جانب تأثيرها على الأسعار في وقت يحتاج السودان فيه إلى (300) مليون دولار سنويًا لاستيراد الأدوية وتغطية الاستهلاك المحلي.
فوضى قطاع الأدوية
وقال أحمد عيسى العامل بمنظمات تعمل في القطاع الصحي في السودان، إن الأمور في الوقت الراهن فوضوية ولا يمكن معرفة الإمدادات الدوائية كيف يتم توفيرها لملايين السودانيين في مناطق النزاعات وخارجها بالولايات الآمنة نسبيًا. مشيرًا إلى أن الحكومة لا تملك إمكانيات لتوفير الأدوية بالأسعار المعتادة والتي تكون في متناول الجميع.
وحذر عيسى من أن الفوضوية قد تكون مدخلًا لاستيراد أدوية منتهية الصلاحية، وهو "قطاع تديره مافيا" لتحقيق أرباح سريعة وكبيرة.
ويرى أحمد عيسى أن قطاع الصيدلة والأدوية من القطاعات المهمة في أي بلد، خاصة تلك التي تنتشر فيها الأوبئة، لكن في السودان خلال الحرب الحالية لا يمكن وضع تصورات واضحة في قطاع الصيدلة لأن الدولة تراجعت رقابيًا كما خسر السودان عشرات المصانع في الخرطوم.
في مدينة القضارف مثلًا عندما تفشت فيها الكوليرا، الشاب الأربعيني "محسن" بالكاد حصل على المحاليل التي مكنته من التعافي، حيث تحصل عليها عن طريق أحد الأصدقاء، بينما لم يكن بمقدوره الشراء من الصيدلية لارتفاع الأسعار وشحها في ذات الوقت.
يقول محسن لـ"الترا سودان" إن مشكلة الدواء والتكلفة الباهظة تتزامن مع تفشي وبائيات في السودان، من الكوليرا إلى الحميات النزفية والملاريا.
تفشي الوبائيات
تقدر منظمة الصحة العالمية عدد المصابين بالكوليرا في السودان بين عامي 2023 و2024 بـ(10) آلاف شخص، توفي منهم أكثر من (220) شخصًا، فيما تفتك الملاريا بـ(1.5) مليون شخص، ووصلت الوفيات إلى أكثر من (180) شخصًا، بينما بلغت الإصابات بالحمى النزفية إلى أكثر من أربعة آلاف حالة، بينهم (300) حالة وفاة.
في مدينة كوستي الواقعة بولاية النيل الأبيض غربي البلاد تتردد "كريمة" على الصيدليات، وهي أم لطفل مصاب بنوبات الصرع كان يحصل على الأدوية الخاصة به قبل الحرب عن طريق الأقارب في الخرطوم، لكن في الأشهر الأخيرة نفدت أدويته. تقول هذه الأم، لـ"الترا سودان"، إنها تطلق مناشدات على الشبكات الاجتماعية مثل "فيسبوك" في بعض الأحيان للحصول على الأدوية، ومؤخرًا تم إرسالها من السعودية عن طريق أحد المعارف.
تضيف: "إذا لم يحصل ابني على الأدوية يدخل في نوبات صرع متكررة. في بعض الأحيان نفكر في السفر إلى خارج السودان لكن هذا الخيار صعب ومكلف".
مصدر بوزارة الصحة لـ"الترا سودان": خطط حكومية لتشجيع القطاع الخاص على بناء مصانع أدوية في ولاية البحر الأحمر ونهر النيل لتغطية الاستهلاك المحلي
فيما يقول مصدر حكومي من وزارة الصحة الاتحادية في بورتسودان مقر العاصمة الإدارية المؤقتة، إن هناك خطط حكومية لتشجيع القطاع الخاص على بناء مصانع أدوية في ولاية البحر الأحمر ونهر النيل لتغطية الاستهلاك المحلي.
وقال المصدر الحكومي لـ"الترا سودان"، إن خطوة بناء مصانع للأدوية في البحر الأحمر ممكنة لأن المستثمرين وافقوا على المقترحات التي دفعت بها الجهات المختصة في القطاع الصحي.
وأضاف: "وزير الصحة هيثم إبراهيم شجع الشركات على بناء مصانع في المنطقة حرة في بورتسودان، وهناك شركات وصلت بالفعل إلى مدينة القضارف شرق البلاد لافتتاح مقار ومعامل ومستودعات توزيع وسلاسل تبريد".