سماع أصوات المارة جوار باب منزلها بحي كافوري شمال العاصمة السودانية الخرطوم أشعَرَ سارة بالاطمئنان قليلًا بعد ليلة طويلة عاشها سكان الخرطوم على أصوات الانفجارات وإطلاق الرصاص في المعارك المندلعة منذ السبت الماضي بين الجيش والدعم السريع.
تقول سارة: "أخيرًا سمعت أصواتًا قرب باب المنزل؛ هذا شعور جميل فقدناه طيلة ستة أيام من المعارك العسكرية". "أتمنى أن نسمع الأصوات حتى وإن كانت مزعجة، المهم أن تأتي من شوارع مليئة بالسلام لا الحرب" – تضيف سارة.
أعلنت قوات الدعم السريع عن هدنة ووقف لإطلاق النار لثلاثة أيام بدأت من الساعة السادسة صباحًا بالتوقيت المحلي للخرطوم
الجيش لم يرد على مقترح الدعم السريع بحسب المتابعات، وسط دعوات غربية وإقليمية للدخول في الهدنة خلال عطلة العيد؛ لإتاحة الفرصة للمدنيين بممارسة حياتهم وقضاء الاحتياجات وإسعاف المصابين والمرضى.
لم يكن العيد هذا العام في العاصمة السودانية الخرطوم والمدن المتأثرة بالقتال كما كان عليه في الأعوام السابقة.. عيد ظهرت ملامحه على وجوه المصلين في المساجد، حيث انحصرت الدعوات على إيقاف الحرب وجلب السلام.
قال منتصر الذي يقيم في حي بري في حديث إلى "الترا سودان" إنه لم يمارس طقوسه المعتادة في كل عيد؛ لأن الحرب قللت من رغبته في الاحتفال إلى حد بعيد.
ويشعر منتصر بالقلق من انعدام حالة اليقين إزاء إمكانية مضيّ الجيش والدعم السريع إلى محادثات لتسوية هذه الأزمة سلميًا عبر الحوار، فهو يعتقد أن هذا كان ممكنًا ضمن العملية السياسية التي كانت جارية في سودان ما قبل الحرب.
بعض الشوارع جنوب العاصمة السودانية وشرقها وفي أم درمان كانت أفضل حالًا من اليومين الماضيين. هناك مظاهر احتفال بالعيد في بعض أحياء العاصمة، وشوهدت في بعض الطرقات صبية ورجال في صلاة العيد بالمساجد، ولكن الساحات الرئيسية التي كانت تقام فيها صلاة العيد والشعائر الدينية خلت من المظاهر المعتادة بسبب العمليات العسكرية.
يقول السودانيون إن هذا العيد ربما يكون خاليًا من صناعة المخبوزات والمعجنات في المنازل نتيجة لظروف الحرب والمعارك العسكرية وسط الأحياء، خاصة في العاصمة وبعض المدن مثل الأبيض والفاشر ونيالا وزالنجي غربي البلاد.
درجت مها المقيمة في حي الامتداد جنوب العاصمة الخرطوم قرب شارع قريب نسبيًا من مطار الخرطوم على إعداد المخبوزات والمعجنات في كل عيد. وقالت إن حالتها النفسية لم تسمح لها بفعل ما كانت تفعله في كل عيد؛ لأنها فقدت الشعور بالأمان واختل روتينها اليومي.
تضيف هذه السيدة التي تخشى على حياة أطفالها: "لم نتوقع الحرب.. نحن الآن أمام الأمر الواقع، وهو واقع مرير جدًا". "علينا مواجهة هذه الظروف بما لدينا من طاقة متبقية وأن نتحلى بالإيجابية والتضامن بين أفراد المجتمع" – تردف مها.
صباح العيد لم تتوقف حركة السفر من الخرطوم إلى الولايات، خاصةً في المعبرين الواقعين شرقًا وجنوبًا، إذ يفضل السكان الذين يقيمون بالقرب من القيادة العامة للجيش ووسط العاصمة مغادرة هذه المناطق نتيجة معارك مستعرة منذ السبت الماضي دون توقف حتى في أوقات الهدنة.
علاء الدين الذي لم يغادر العاصمة إلا قليلًا خلال سني حياته الـ(22)، عاش طقوس العيد صباح اليوم في مدينة ود مدني بولاية الجزيرة.
ذكر علاء الدين في حديث إلى "الترا سودان" عبر الهاتف أنه حصل على المأوى في ود مدني عن طريق متطوعين يعملون على مدار الساعة لاستقبال القادمين من الخرطوم وتوفير الطعام والاحتياجات الأساسية، "حتى الملابس يمكن الحصول عليها لمن غادروا منازلهم بصورة طارئة" – يضيف هذا الشاب.
الحرب المستعرة بين الجيش والدعم السريع تدخل يومها السابع اليوم الجمعة بالتزامن مع أول أيام عيد الفطر، وهي حرب لم تتضح معالمها بعد، ولا يعلم أحد ما إذا كانت ستتوقف ويمضي الطرفان إلى التفاوض بضغوط دولية وإقليمية أم ستستمر على أمل كل واحد منهما في القضاء على الآخر.