04-نوفمبر-2024
مجلس السيادة الانتقالي

مجلس السيادة الانتقالي

طالت التغييرات الوزارية في الحكومة المدعومة من الجيش بمقر العاصمة البديلة، مدينة بورتسودان، والتي تضمنت أربع وزارات حسب قرارات مجلس السيادة الانتقالي مساء الأحد، الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر 2024 وزارتي الإعلام بتعيين خالد الإعيسر وزيرًا مكلفًا وإعفاء الوزير جراهام عبدالقادر، ووزارة الخارجية بإعفاء حسين عوض علي محمد وتعيين الدبلوماسي علي يوسف أحمد الشريف.

صعود الإعيسر إلى واجهة الإعلام يتزامن مع فترة سيئة يعيشها السودانيون بسبب الحرب

جاءت التغييرات بضغوط أعضاء مجلس السيادة الانتقالي لتطوير العمل الإعلامي والملف الخارجي، واستباق مطالب الحركات بمراجعة اتفاق جوبا. حسب قرار رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، قرر مجلس السيادة إنهاء تكليف جراهام عبد القادر، وتعيين خالد الإعيسر وزيرًا مكلفًا لوزارة الثقافة والإعلام.

اشتهر الإعيسر من خلال قنوات التواصل الاجتماعي، من مقر إقامته في بريطانيا. وخلال الحرب أظهر دعمه اللامحدود للجيش، ودعا إلى تصنيف قوات الدعم السريع إلى "مليشيا إرهابية" في أكثر من مناسبة.

جرت استضافة الإعيسر على المحطات التلفزيونية، خاصة القنوات التي تبث من دول المنطقة العربية، كما تحدث في تلفزيون "بي بي سي عربية" من لندن عن الحرب في السودان، وعن الفترة الانتقالية. وخلال الحرب أسس بعض المتابعين لخطابات الإعيسر على الشبكات الاجتماعية، حسابات باسم "كلنا الإعيسر".

صعود الإعيسر إلى واجهة الإعلام يتزامن مع فترة سيئة يعيشها السودانيون بسبب الحرب، وتراجع نشاط القوى المدنية داخل البلاد، وتوقف نحو (30) صحيفة ورقية في العاصمة الخرطوم، وإغلاق جميع المحطات التلفزيونية والإذاعية بسبب القتال، وتلاشي الحياة العامة في الخرطوم منذ الأسبوع الأول للقتال منتصف نيسان/أبريل 2023.

بدأ الإعيسر عمله مهتمًا بالنشاط الرياضي، ثم تحول لاحقًا إلى تغطية النشاط السياسي من مقر إقامته في بريطانيا، التي لجأ إليها قبل أكثر من 10 أعوام إبان نظام البشير، أما خلال حكومة الفترة الانتقالية وقف على النقيض منها، وانتقد أحزابًا سياسية واتهمها بالهيمنة على السلطة الانتقالية.

لم يرد الإعيسر على أسئلة مراسل "الترا سودان"، عما كان قد أبلغ رسميًا بقرار تعيينه وزيرًا مكلفًا للثقافة والإعلام، وموعد عودته إلى البلاد، وخططه حول العمل الإعلامي والثقافي.

بدأت خلال السنوات الأخيرة حقبة جديدة في السودان عقب الإطاحة بالرئيس عمر البشير، منذ 11 نيسان/أبريل 2019، وعين الكاتب الصحفي فيصل محمد صالح وزيرًا للثقافة والإعلام في الحكومة الانتقالية، والتي يسميها المدنيون "حكومة الثورة"، وجاءت نتيجة شراكة بين المدنيين والعسكريين منذ آب/أغسطس 2019 واستمرت حتى 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021، وأطاح بها العسكريون في انقلاب عسكري بالتحالف بين البرهان وحميدتي الخصمين اللدودين اليوم.

أجرى حمدوك تعديلات وزارية على حكومته في شباط/فبراير 2021 خلال حكومة الفترة الانتقالية، لتنفيذ بنود اتفاق جوبا مع الحركات المسلحة، والتي نصت على تعيين وزراء جدد بالتراجع عن حكومة الكفاءات المستقلة، وتعيين حكومة محاصصة حزبية.

وعين حمزة بلول وزيرًا للثقافة والإعلام خلال الفترة الانتقالية قبيل تنفيذ الانقلاب العسكري على حكومة حمدوك،، وتم إعفاء فيصل محمد صالح في شباط/فبراير 2021.

طوال هذه الفترة، كانت الحقائب الوزارية تواجه مشكلة الاضطرابات السياسية والتقلبات، ومنذ اندلاع الحرب استمر وزير الإعلام والثقافة المكلف، جراهام عبد القادر في منصبه، وكان قد رُفع إلى المنصب منذ الانقلاب العسكري في تشرين الأول/أكتوبر 2024.

استمر جراهام عبد القادر في منصب الوزير المكلف بوزارة الثقافة والإعلام حتى قرار إعفاءه الذي صدر أمس الأحد، 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 ضمن تعديلات محدودة على الحقائب الوزارية التي شملت الخارجية أيضًا.

ويرى الباحث السياسي مصعب عبد الله، تعليقًا على التعديلات الوزارية حسب قرارات البرهان، أن جهات داخل مجلس السيادة ومجلس الوزراء لم تكن راضية عن أداء وزارة الثقافة والإعلام خلال الحرب بين الجيش والدعم السريع. وتعتقد أنها فشلت في التعبئة الإعلامية، إلى جانب تفوق منصات على شبكات التواصل الاجتماعي على مؤسسة حكومية حسب اعتقاد المسؤولين.

ويرى عبد الله في حديث لـ"الترا سودان"، أن أداء وزارة الإعلام، انعكاس لأداء الحكومة التنفيذية، ولا ينفصل عنها مطلقًا، ولا يمكن تقديم خطاب إعلامي حكومي لأن الدول الديمقراطية عادة لا تعين وزراء للإعلام، وبمجرد الاتجاه إلى تخصيص وزارة للإعلام هذا يعني أن النظام السياسي يريد احتكار المعلومات وتوجيه الرأي العام، وهذا غير منطقي مع العالم اليوم الذي أصبح بإمكان الأشخاص التعبير عن أنفسهم من داخل منازلهم، عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

وأضاف: "في السودان منذ عقود يتم تعيين الوزراء في الحقائب الوزارية للترضية السياسية، وهكذا درجت الدولة منذ سنوات طويلة، رغم أن العمل الإعلامي لم يشهد تطورًا لأسباب متعلقة بالتمويل ونقص التدريب والضرائب الحكومية الباهظة على المستثمرين في هذا القطاع، والحد من حرية التعبير والسجن في بعض الأحيان".

ويقول مصعب عبد الله إن قرارات البرهان جاءت نتيجة ضغوط أعضاء مجلس السيادة، خاصة العسكريين، بترديد عبارة واحدة "لازم تغيروهم"، في إشارة إلى أداء وزيري الإعلام والخارجية خلال الشهور الماضية، وضرورة استبدالهما، خاصة وأن الإجراءات تزامنت مع مطالب الحركات المسلحة، بمراجعة اتفاق قسمة السلطة والحصول على حقائب إضافية.

وعين البرهان ضمن قراراته أمس الأحد الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر 2024، علي يوسف أحمد الشريف وزيرًا للخارجية، وهذه المرة لم يرفق اسم مكلف كما ظهر في قرار تعيين وزير الثقافة والإعلام. ما يعني أن وزير الخارجية المعين حديثًا ليس مكلفًا، وتم إعفاء الوزير حسين عوض علي محمد الذي لم يكمل أكثر من نصف عام في المنصب.

الوزير الجديد علي يوسف هو دبلوماسي تخرج من جامعة الخرطوم قسم العلوم السياسية، وحصل على الدبلوم العالي في العلاقات الدولية، ونال الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة تشارلز في براغ بدولة تشيكوسلوفاكيا.

وانخرط في العمل الدبلوماسي منذ العام 1973، عمل في إدارات مختلفة بوزارة الخارجية السودانية، وتقلد العمل الدبلوماسي في عدد من الدول، وهي كينيا، المملكة العربية السعودية، تونس، واليمن. وتقلد منصب سفير السودان لدى الصين في الفترة من 1993 حتى العام 1998.

دبلوماسي سابق: ربما يضيف بعض الوزراء لبعض المؤسسات، لكن في الإطار العام يتحسن أداء البعثات الدبلوماسية بتحسن أداء الحكومة التنفيذية والمؤسسة العسكرية

وعُين سفيرًا للسودان في الاتحاد الأوروبي من العام 2001 حتى العام 2006، وسفارة السودان في جنوب إفريقيا من 2009 وحتى 2013، وشغل منصب مدير عام وكالة السودان للأنباء "سونا".

يعلق دبلوماسي سابق بوزارة الخارجية السودانية، على قرار تعيين علي يوسف أحمد شريف وزيًرا للخارجية، ويقول إن القرار جاء لأن مجلس السيادة لم يكن راضيًا عن أداء الوزير المعفي حسين عوض، ولم يحقق المطلوب منه. خاصة في المعارك الدبلوماسية لبطء تحركاته في الملفات.

ويتابع المصدر الدبلوماسي: "ربما يضيف بعض الوزراء لبعض المؤسسات، لكن في الإطار العام يتحسن أداء البعثات الدبلوماسية بتحسن أداء الحكومة التنفيذية والمؤسسة العسكرية، لأن السودان منذ سنوات يعاني من سيف العقوبات بناءً على الصراع المسلح والقرارات التي صدرت في هذا الشأن، جميعها كانت تقع على رأس وزارة الخارجية".

يعتقد الدبلوماسي السابق بوزارة الخارجية، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن التعيين هذه المرة جاء مختلفًا باختيار أحد التكنوقراط، ممن لهم خبرة طويلة في العمل الدبلوماسي، وإن بدا أن شخصيته قد لا تتمتع بالاستقلالية.