19-أغسطس-2021

تعبيرية (Getty)

دفع خمسة من كبار  الأطباء الشرعيين باعتذار رسمي للنائب العام والمسؤولين في الحكومة الانتقالية، عن العمل ضمن لجان تشريح وإعادة تشريح الجثامين المتكدسة بمشارح ولاية الخرطوم.

وتحصل "الترا سودان" على المذكرة التي مهرت بتوقيع الأطباء الشرعيين وهم: "البروفيسور عقيل النور سوار الدهب كبير الأطباء الشرعيين بالسودان ونقيب الأطباء الشرعيين العرب،  د. محمد أحمد الشيخ استشاري الطب الشرعي، د. عامر صادق محمود استشاري الطب الشرعي والسموم الإكلينيكية، د. محجوب بابكر محمد استشاري الطب الشرعي والسموم الإكلينيكية، ود. خالد محمد خالد استشاري طب الأسنان الشرعي".

مذكرة الأطباء الشرعيين تكشف تفاصيل خطيرة حول أوضاع الجثث بالمشارح وملابسات دفن (53) جثة دون التعرف عليها بجانب استبدال أرقام الموتى

ورفضت المذكرة ما أسمته باستخدام الأطباء الشرعيين كأداة لطمس الحقائق من خلال عملية التغول والتدخل السياسي، عبر فرض نفوذ وزارة صحة ولاية الخرطوم في عمل الأطباء الشرعيين من خلال شروعها في استخدامها للسلطة في السير نحو إجراءات لا غرض منها سوى تهديد الطبيب الشرعي أو إذلاله، ومضت بالقول: "الوزارة التي كان من المفترض أن تكون حيادية تجاه نتائج تقارير الطب الشرعي، شرعت عبر هيئة الطب العدلي الولائية في استصدار التعميمات الصحفية لدحض المعلومات وخلق الشكوك في تقارير طبية أصدرتها لجان خبرة بمثل ما حدث في قضية الشهيد ود عكر".

اقرأ/ي أيضا: كيانات التعدين لـ"الترا سودان": حمدوك وجه بالتنازل عن أسهم حكومية لشركة الجنيد

وأيدت المذكرة الرفض القاطع لاستخدام الأطباء الشرعيين كأداة لطمس وتضييع حقوق مجهولي الهوية داخل تلك المشارح.

حفظ مئتي جثة في العراء أمام أعين المارة  في حاوية تسع فقط لثلاثين جثة ما أدى إلى تفسخ وتحلل وتعفن كل تلك الجثامين

وكشفت المذكرة عن وقائع مثيرة أوردتها ضمن حيثياتها من خلال معايشة الأطباء الشرعيين لتفاصيل ما يحدث داخل المشارح، وقال الأطباء الشرعيون فيها: "ما عايشناه ووثقته كاميراتنا في الفترة من 25 نيسان/أبريل وحتى الأول من آب/ أغسطس من العام الجاري، هناك مخالفة لكل القوانين، والأعراف، والقيم، والأخلاق، والمثل، وتجاهل حقوق الموتى بوضع حاوية، تستخدم كثلاجة موتى في فناء مشرحة التميز دون غطاء أو ساتر من أشعة الشمس، أو من عيون المارة في الطريق. بالاضافة لوضع عدد أكثر من مئتي جثة بداخلها رغم تعطلها، وعلم المسؤولون عنها أن سعتها التخزينية لا يجب أن تتعدى الثلاثين جثمانًا، مما أدى ذلك إلى تفسخ وتحلل وتعفن كل تلك الجثامين، في أكبر كارثة عدلية، ومهنية، وبيئية، وأخلاقية في تاريخ السودان، ما أدى إلى طمس تفاصيل تلك الجثامين".

اقرأ/ي أيضا: محامي شركة زين لـ"الترا سودان": المحكمة لم توجه التهمة لمناع بعد

وأكدت المذكرة على إهمال المشارح طوال الفترة السابقة منذ كانون الثاني/ يناير من العام الماضي  بصورة ممنهجة ومرتبة بقصد تشويه وطمس الحقائق التي تخبر عنها جثامين مجهولي الهوية في تلك المشارح، بجانب تبني وزارة الصحة ولاية الخرطوم عبر هيئة الطب العدلي وعلى لسان مديرها  وعبر تعميم صحفي خطأ في آيار/مايو، بغرض التشكيك في عملية الاستعراف على الشهيد محمد إسماعيل الشهير بـ"ودعكر"، إضافة لتشكيك مدير هيئة الطب العدلي في نتائج اللجنة الثانية للتشريح ما أثر سلبًا على سير القضية التي ما تزال قيد التحقيق، بحسب المذكرة.

أشارت المذكرة إلى  اكتشاف عملية تغيير ديباجات (أرقام) الجثامين بطرق مختلفة في مشرحة التميز

وأشارت المذكرة إلى  اكتشاف عملية تغيير ديباجات (أرقام) الجثامين بطرق مختلفة في مشرحة التميز، ما اعتبرته استبدالًا للجثامين مع مفقودين ليتم دفنهم خارج إطار القانون، مؤكدة قيام اللجنة المكلفة من النيابة العامة بدفن عدد (53) جثمانًا في 11 أيلول/يوليو من العام الجاري دون استكمال عملية الاستعراف، وأردفت: "بعض الجثث ورد في تقاريرها الشرعية توصية صريحة بعدم دفنها ما أدى لإصدار لجنة المفقودين لقرار رسمي بعدم دفنها حتى استكمال التحريات".

وأكدت المذكرة على وجود تضارب في اختيار اللجان ما بين النيابة العامة وهيئة الطب العدلي والمدير العام لوزارة الصحة الولائية، ما أثر سلبًا على الأطباء الشرعيين وسير عمل بالمشارح.

واتهمت المذكرة هيئة الطب العدلي وإدارة مشرحة التميز بتعطيل العمل وخلق المعوقات بوضع المتاريس من خلال الشكاوى، الاستيضاحات،  المضايقات الإدارية، والاستقطاعات المالية ضد أطباء بعينهم  ممن شكلوا جبهة الحق داخل تلك المشارح لحفظ حقوق مجهولي الهوية، بحسب ما ورد بالمذكرة.

وقالت المذكرة إن وزارة الصحة بولاية الخرطوم قامت باستبعاد بعض الأطباء من عملية التشريح رغم خبراتهم التراكمية الممتدة لأكثر من (18) عامًا دون إبداء أية أسباب، وعملهم لسنوات طويلة بكل مهنية وشفافية بينهم د. صابر مكي حسن.

اقرأ/ي أيضًا: لجان مقاومة الصافية تُعلن الامتناع عن المشاركة في المجلس التشريعي

واتهمت المذكرة أحد وكلاء النيابة المكلفين بواسطة النائب العام، والذي قام بعملية دفن (53) جثمان دون إكمال عملية الاستعراف، باستبدال أرقام بعض الجثامين بطريقة خلقت عدم ثقة من الأطباء الشرعيين في مقاصده، وأدت إلى التشكيك في نواياه  على مواصلة العمل في مشرحة بشائر.

مذكرة الأطباء الشرعيين: أحد وكلاء النيابة صرح بتعرضه للضغط في تنفيذ عملية الدفن الأولى

قاطعة بتصريح وكيل النيابة أمام شهود في وقت سابق بأنه تعرض لضغوط لتنفيذ عملية الدفن الأولى، بجانب تهديده لطبيب الأسنان العدلي خلال الاستجواب من قبل اللجنة المكلفة من النائب العام في التحقيق حول ملابسات استبدال أرقام الجثامين خاصة رقم ( 103)، ما قاد الطبيب لرفض الإدلاء بشهادته في وجود وكيل النيابة المذكور وأحد المحامين، وهما عضوان في اللجنة، معللًا بأن إفادته قد ترتبط بهذين العضوين مما يخلق تعارضًا للمصالح بين تفاصيل الشهادة ووجودهما كعضوين في لجنة التحقيق نفسها، بحسب المذكرة.

واعتبرت المذكرة وجود وكيل النيابة محمد عبدالله، على رأس العمل في اللجان، هو أحد الأسباب الرئيسية في الانسحاب، مبينة عدم انصياعهم لأية ضغوط خارجية، ومضت بالقول: "عليه، ولخشيتنا من عدم القدرة على القيام بأعمالنا بنزاهة ودون ضغط من جهات ذات سطوة وسلطة، وحفاظًا على حقوق مجاهيل الهوية والمفقودين والشهداء داخل هذه المشارح، واستقلاليتنا كأطباء شرعيين دون تأثير من أي جهة أيًا كانت، ولقناعتنا بأن لا نكون جزءًا من مخطط يهدف إلى إضاعة حقوق أبناء هذا الوطن في معرفة الحقائق، فإننا نتقدم لسيادتكم باعتذارنا عن مواصلة العمل ضمن هذه اللجان، مع الالتزام بعملنا الروتيني كأطباء شرعيين داخل مشارحنا إلى أن يستقيم هذا الأمر".

وأرسل الأطباء بصورة من المذكرة لكل من عضو مجلس السيادة محمد الفكي سليمان،  ورئيس الوزراء عبدالله حمدوك، وكل من وزير العدل ووزير الصحة الاتحادي، مدير عام قوات الشرطة، حاكم ولاية الخرطوم، مدير عام الصحة بولاية الخرطوم، ورئيس لجنة المفقودين، إلى جانب ممثل تجمع أسر المفقودين ولجنة الاتهام في قضية الشهيد ود عكر.

اقرأ/ي أيضًا

والدة الشهيد محجوب تطالب بالعدالة في محكمة قتلة ابنها

بالوثائق.. تجاوزات خطيرة في عقد مبرم بين الدعم السريع والتأمين الصحي