18-أغسطس-2024
حميدتي والبرهان - حرب السودان

الحرب السودانية

دخلت المشاورات بين الحكومة السودانية المدعومة من الجيش والإدارة الأميركية مراحل حاسمة قبل الانتقال إلى جنيف للتفاوض مع قوات الدعم السريع، لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات وإنشاء مراكز المراقبة على الأرض.

دبلوماسيون يرجحون موافقة الجيش على مفاوضات جنيف 

اليوم الأحد والذي يوافق مطلع الأسبوع في السودان، بدأت حركة دؤوبة على الأرض حيث أكد إعلام مجلس السيادة الانتقالي في تصريح صحفي أن الحكومة السودانية ستقوم بإرسال وفد حكومي إلى العاصمة المصرية القاهرة، وذلك بناءًا على اتصال مع الحكومة الأميركية ممثلة في المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيريلو، واتصال آخر من الحكومة المصرية.

مفاوضات جنيف التي انطلقت 14 آب/أغسطس الجاري بحضور وفد الدعم السريع والميسرين الأميركيين والسعوديين وسويسرا البلد المضيف، إلى جانب الاتحاد الإفريقي ومصر والإمارات والإيقاد كمراقبين، ولا تزال المفاوضات تنتظر استجابة القوات المسلحة للحضور إلى جنيف.

مع إصرار الجيش على طرح شروطه المتعلقة بإنفاذ اتفاق جدة الموقع في 11 أيار/مايو 2023 مع الدعم السريع، والذي ينص على عدد من البنود من بينها خروج قوات الدعم السريع من منازل المواطنين والمرافق المدنية.

علاوة على ذلك يشدد قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، على إخلاء مدن الجنينة والجزيرة وسنجة من الدعم السريع ومع ذلك فإن المراقبين السياسيين يعتبرون شروط البرهان نقاط تفاوضية وليست نهائية.

ويجتمع وفد الحكومة السودانية في القاهرة برعاية مصر، وتأتي التطورات أيضًا عقب اتصال هاتفي من الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي تناول مواضيع ساخنة في الشرق الأوسط إلى جانب الأزمة السودانية.

يرجح محللون تدخل مصر لإقناع الجيش وتخفيف حالة التباعد بين الحكومة السودانية والولايات المتحدة من خلال مباحثات القاهرة، والتي ستنطلق اليوم أو غدا ومن ثم يعلن الوفد الحكومي موقفه من مفاوضات جنيف.

في جنيف يضع الوسطاء اللمسات الأخيرة في ثلاث لجان مختصة بالمساعدات الإنسانية، ووقف إطلاق النار وإنشاء مراكز المراقبة لعملية وقف إطلاق النار في خطوة تعمل على تفادي الأخطاء التي صاحبت منبر جدة بعدم إنشاء آليات المراقبة على الأرض.

يقول الباحث في مجال الديمقراطية والسلام مجاهد أحمد لـ"الترا سودان"، إن الجيش يود الحصول على ضمانات قبل الذهاب إلى جنيف "بشكل مجاني"، ويرى أن هذا الموقف قد يكون صحيحًا ودبلوماسيًا لكن شريطة أن يكون من أجل تأمين مصالح الشعب السوداني.

ويشكك أحمد عما إذا كان الوفد الحكومي في القاهرة سيكتفي بشواغله حول تنفيذ منبر جدة، لأن البنود التي يطالب بها تخص أيضًا الجيش، ويجب أن ينفذها جنبًا إلى جنب مع الدعم السريع.

ويرى أحمد أن المفاوضات خطوة أولية لوقف الحرب، لكن ينبغي أن تكون هناك أجندة وطنية لفترة ما بعد الحرب لمنع تفكك هذا البلد الذي يعج بالجيوش مع تداخل علاقاتها بالقوى الإقليمية، مثل حالة الدعم السريع الواضحة للعيان.

ويعتقد مجاهد أحمد أن القوى السياسية دون المستوى المطلوب، وتكتفي بحث الأطراف على الذهاب إلى التفاوض، وفي أملها أن يرعى المجتمع الدولي نفسه عملية سياسية في مرحلة ما بعد الحرب.

وأضاف: "توقف الحرب لا يعني أن الحياة ستعود وردية في السودان، ينبغي أن يفعل السياسيون ما يتوجب عليهم فعله مثل الاتفاق من الحد الأدنى للحفاظ على وحدة وسيادة البلاد، ومنع التدخل الأجنبي وتشكيل حكومة مستقلة تنظم الانتخابات خلال عام واحد شريطة أن تكون الانتخابات عقب الوصول إلى جيش موحد".

وترجح دوائر دبلوماسية تحدثت مع "الترا سودان" موافقة وفد الحكومة للذهاب إلى جنيف على رأس وفد عسكري رفيع المستوى، قد يكون بقيادة عضو مجلس سيادة من العسكريين، ويمكن أن يكون ضمن الوفد أعضاء مدنيين من الحكومة.

ويعتقد مصدر دبلوماسي تحدث لـ"الترا سودان"، أن الولايات المتحدة الأميركية رمت بثقلها في الأزمة السودانية، ولن تتراجع قبل أن تتمكن من إيقاف الحرب في السودان.

ويقول المصدر إن الجيش لا يمانع للذهاب إلى  المحادثات، وكان واضحًا ذلك منذ أن طرح القادة العسكريون الشروط المتعلقة بمنبر جدة، بمعنى أن القوات المسلحة لم توصد باب المفاوضات نهائيًا، ودائمًا ما  كانت تستبطن تصريحات أعضاء مجلس السيادة ترك الباب مواربًا.

وزاد بالقول إن جنيف خطوة نحو وقف الحرب، وقد يتفق الطرفان على وقف إطلاق النار وادخال المساعدات، لكن الاختبار الحقيقي سيكون مرحلة ما بعد جنيف لأن وقف إطلاق النار يعني بقاء القوات العسكرية المتقاتلة في مواقعها وإسكات البنادق.

يرى الدبلوماسي أن المجتمع الدولي لم يعد كما كان في السنوات الماضية قادرًا على ممارسة الضغوط على الأطراف العسكرية

وأردف الدبلوماسي: "يجب وضع مواقيت محددة وآجال لبدء تنفيذ عملية سحب القوات العسكرية من الأحياء والمنازل والمدن، وتحديد مواقعها والفصل بينها وخفض خطاب الكراهية والتخوين وإنتاج خطاب تصالحي، وهذا أيضًا يحتاج إلى فعل سياسي على الأرض".

ويرى الدبلوماسي أن المجتمع الدولي لم يعد كما كان في السنوات الماضية قادرًا على ممارسة الضغوط على الأطراف العسكرية، لأن مصالح الدول نفسها تلعب دورًا في إبقاء الوضع الهش في السودان أي حالة بين "اللاحرب واللاسلم".

وأضاف: "لا يمكن إقناع الدعم السريع بالموافقة على تسريح قواتها ودمج المؤهلين منهم في الجيش، قبل فك ارتباطها مع المحاور الخارجية وهذا الفعل يتطلب مشروع سياسي كبير غير متوفر في الوقت الراهن".

لا يرسم الدبلوماسي السابق بوزارة الخارجية السودانية حالة وردية للوضع في السودان حال موافقة الطرفين على وقف القتال، لأن النتائج الجيدة على الأرض متعلقة بمدى جديتهما وجدية الأطراف السياسية في إبعاد السودان عن شبح التفكك إلى دويلات.