مع الانتشار الأمني الواسع على طول شارع النيل بالقرب مقر البرلمان في أم درمان، لم تكن الفتيات والنساء اللائي درجن على المشاركة في التظاهرات بمنأى عن "مليونية 8 مارس" التي تتزامن مع اليوم العالمي للمرأة، فبينما اختلف احتفال بعض الفتيات قليلًا عن قريناتهن، إلا أن جميع مظاهر الاحتفال في السودان بهذا اليوم اتفقت على مناصرة النساء في الانتهاكات التي يتعرضن لها في شتى أنحاء البلاد بصورة شبه يومية، بسبب انتشار السلاح والجماعات المسلحة.
من الأحكام القضائية التي كانت تعاقب النساء على ارتداء البنطال إلى ثائرات في شوارع المدن ضد الأنظمة العسكرية
من الأحكام القضائية التي كانت تمنع ارتداء النساء للسراويل الرجالية "البنطال" إلى فتيات يتظاهرن ضد الانقلاب العسكري في العاصمة الخرطوم، في تحول كبير حققته ثورة ديسمبر – حسب ما تقول الحركات النسائية.
التحولات الاجتماعية لثورة ديسمبر في نظر الكثير من الفتيات اللائي يشاركن في الاحتجاجات تتقدم على التحولات السياسية والقانونية بحق النساء في السودان بسبب تآكل مؤسسات الدولة.
لم تشارك نادين محمد في موكب 8 آذار/مارس اليوم في مدينة أم درمان لأول مرة منذ انطلاق الثورة، والسبب أن هذه الفتاة غادرت إلى القاهرة للاحتفال باليوم العالمي للمرأة مع صديقاتها.
قبل سنوات قليلة كان سفر النساء على انفراد من المسائل المكبلة بالقيود، لكن اليوم ربما دفعت ثورة ديسمبر بتعزيزات معنوية في صفوف النساء في السودان واللائي انخرطن بقوة في العمل العام والأنشطة التجارية الخاصة وحتى قيادة السيارات والعمل في مهن ميكانيكا السيارات.
تقول نادين محمد لـ"الترا سودان" إنها على حزنها لعدم مشاركتها في "موكب 8 مارس" اليوم في العاصمة السودانية، لكنها أيضًا حققت "انتصارًا صغيرًا" لنفسها بالسفر لوحدها على متن الطائرة، ووصلت إلى العاصمة المصرية قبل ساعات.
في موكب أم درمان الذي وصل إلى قرب البرلمان اليوم الأربعاء، شوهدت النساء والفتيات يعتمرن القبعات ويلوحن بعلم السودان، ويطلقن الزغاريد.. هذا هو حال الفتيات اللائي شاركن في "موكب 8 مارس" بمدينة أم درمان. ولم تتغيب النساء اللائي يرتدين "الثوب السوداني"، تلك الثقافة الصحراوية البدوية، عن المشاركة في "موكب 8 مارس" أيضًا.
وافتتح الموكب فعالياته بإقامة منصة في سوق أم درمان، تحدث فيها نشطاء المقاومة حول ضرورة إنهاء الانقلاب العسكري وتشكيل حكومة مدنية لديها السلطة على القوات المسلحة.
كما تطرق متحدث المنصة إلى صعوبة الحصول على التعليم والدواء، ولفت إلى إغلاق صيدلية الإمدادات الطبية الحكومية أبوابها في مدينة أم درمان، وقال إن هذه مؤشرات لـ"تسليع الأدوية" وتوقف الدعم الحكومي.
وحذر المتحدث من أن التصريحات بشأن مخاوف من وقوع الصدام بين الجيش وقوات الدعم السريع متعمدة لإخماد الثورة والحراك السلمي، وقال إن لجان المقاومة لن تقف عند محطة هذه التصريحات.
خلال "مليونية 8 مارس" ارتفعت هتافات "سلم شركاتك.. وارجع ثكناتك" و"السلطة سلطة شعب، والعسكر للثكنات، والجنجويد يتحل"، كما تصدرت هتافات "صحة وتعليم مجان"، وهي هتافات المحتجين في الشهور الأخيرة متأثرةً بالإضرابات التي طالت المدارس الحكومية بسبب تدني أجور المعلمين.
خلال "موكب 8 مارس" ارتفعت هتافات "السلطة سلطة شعب، والعسكر للثكنات، والجنجويد يتحل"
ثورة ديسمبر التي بدأت بأجيال سرعان ما تلاقت مع كتلة أخرى بعد مجزرة القيادة العامة، ثم "تولدت كتلة جديدة" بعد انقلاب 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021؛ لتتشكل ثلاث كتل تقود الاحتجاجات ضد الانقلاب العسكري، تتقاسم الفتيات والنساء بقوة هذه الكتل بصورة مؤثرة جدًا إلى درجة مشاركتهن في تخطيط مسارات المواكب في الشوارع.