بعد أن تحولت أسواق العاصمة الخرطوم إلى خراب بسبب الحرب الطاحنة الدائرة هناك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف نيسان/أبريل الماضي، فقد التجار بضائعهم وممتلكاتهم التي تعرضت للنهب والسلب، ولم تسلم جميع الأسواق الكبيرة بالعاصمة بمدنها الثلاث من آلة الحرب والدمار والتي حولت بعضها إلى رماد، وأصبحت خاوية تمامًا من الباعة والمواطنين في مشهد لم يسبق للسودانيين أن يروه من قبل. وفي ظل هذه الأزمة التي تمر بها البلاد، وجدت ولاية الجزيرة نفسها تستقبل العدد الأكبر من النازحين بحسب إحصائيات، فانطلقت عدد من المبادرات الحكومية الرامية لعمل سوق كبير موازي لأسواق الخرطوم وذلك لاستقبال التجار المتضررين من الحرب.
أسعار رمزية
برئاسة الوزارة بمدينة ودمدني تسلم وزير التخطيط العمراني بولاية الجزيرة فضل المولى أبوسالف، قوائم المستحقين من التجار الذين تضرروا بأسواق العاصمة الخرطوم جراء الحرب، وذلك بجانب الخارطة النهائية للسوق وقيمة رسوم الخدمات إضافة إلى المقدم المخصص للمحال التجارية، ويأتي ذلك بحضور مدير عام مصلحة الأراضي ورئيس اللجنة الفنية العليا للدكاكين الأستاذ صلاح الدين محمد أحمد المدني وأعضاء لجنة النظر في طلبات استيعاب التجار بود مدني برئاسة الأستاذ أحمد الحافظ، والجدير بالذكر أن عدد المستحقين من الكشوفات بلغ عددهم (4243) تاجرًا، ووزعت المحال التجارية حسب الأنشطة المرفوعة.
أكد وزير التخطيط العمراني أن الأولوية في الحصول على المحال التجارية بالسوق الجديد ستكون للمتضررين من أبناء ولاية الجزيرة الذين كانوا يملكون دكاكين في أسواق الخرطوم
وفي تصريح لمدير عام مصلحة الأراضي أكد أن أسعار المحال التجارية ستكون رمزية، وذلك للمساهمة في تشكيل مركز تجاري عالمي من شأنه أن يخلق فرص عمل جديدة لأبناء الولاية.
أبناء ولاية الجزيرة
في تصريح صحفي أكد وزير التخطيط العمراني أن الأولوية في الحصول على المحال التجارية بالسوق الجديد ستكون للمتضررين من أبناء ولاية الجزيرة الذين كانوا يملكون دكاكين في أسواق الخرطوم وتحديدًا أسواق ليبيا، أمدرمان، وبحري سعد قشرة. وأكد على العمل وفقًا لإجراءات وضوابط محددة، وذلك لمنع تدخل أي جهة أخرى في سير العمل عدا اللجان المعنية بالمشروع من أجل استقرار رؤوس الأموال في الولاية.
وشدد على ضرورة حسم الوسطاء وعدم تدخلهم في مجريات العمل، والجدير بالذكر أن السوق سيكون في الجهة الغربية لمنطقة الكريبة والذي سيصمم بمواصفات عالية لاستيعاب جميع الوافدين.
وأكد أن مشروع السوق التجاري حمل معالجات لكل السلبيات التي صاحبت المشاريع السابقة والأسواق المشابهة، وذلك من أجل الوصول إلى صيغة مرضية من شأنها أن تهيئ البيئة المناسبة لرؤوس الأعمال.
خطوة ممتازة
وفي حديث لـ"الترا سودان" يقول الخبير الاقتصادي محمد عمر إن خطوة تشييد أسواق لاستيعاب تجار الخرطوم بمدينة ود مدني من شأنها أن تكون خطوة ممتازة، وذلك لما سيلعبه من دور كبير في خلق فرص عمل جديدة، وإتاحة مساحات جديدة لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة فيما يعزز من فرص النمو الاقتصادي للولاية، ويساعد أيضًا في تحفيز الابتكار من خلال المنافسة بين التجار.
خبير اقتصادي: هذه الخطوة من شأنها أن تحفز الاستثمار بالولاية
ويضيف عمر أن هذه الخطوة من شأنها أن تحفز الاستثمار بالولاية، وذلك لأن ازدياد النشاط التجاري من شأنه أن يشجع المستثمرين لعمل منشآت ومشاريع استثمارية جديدة في المدينة بحسبما أفاد، وفي ظل الحرب الدائرة في البلاد والنزوح الكبير الذي شهدته الولاية سيسهم هذا السوق في محاربة الاحتكار إضافة إلى توفير السلع بشكل كبير في ظل الكثافة السكانية الكبيرة التي تشهدها الولاية، الأمر الذي من شأنه أن يساهم كثيرا في تسهيل حياة المواطن اليومية.
وبحسب خبراء إنشاء سوق تجاري للوافدين من أبناء ولاية الجزيرة سينتعش النشاط الاقتصادي بالولاية بالرغم من الحرب وتحدياتها، بحيث سيكون هذا السوق بذرة جيدة ستُجنى ثمارها إذا ما تم الاعتناء بها بالصورة المطلوبة.