لم يكن من المفاجئ القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي بإنهاء تفويض البعثة الأممية لدعم الانتقال في السودان، والمعروفة اختصارًا باسم "يونيتامس"، فقد طلبت السلطات السودانية وبشكل مباشر إنهاء تفويض البعثة، وذلك عقب إعلانها رئيس البعثة -الشخصية المثيرة للجدل في الأوساط السياسية السودانية- فولكر بيرتس، شخصًا غير مرغوب فيه "Persona non grata".
وصوت الجمعة الماضية (14) من أعضاء المجلس لصالح قرار إنهاء تفويض بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان "يونيتامس"، بينما امتنعت روسيا عن التصويت. واعتمد مجلس الأمن الدولي القرار رقم (2715) الذي أنهى بمقتضاه ولاية بعثة الأمم المتحدة في السودان اعتبارًا من الأحد الثالث من كانون الأول/ديسمبر 2023.
على الرغم من أن وزير الخارجية في طلبه بإنهاء البعثة كان قد أرجع ذلك للأداء الذي وصفه بـ"المخيب للآمال"، إلا أن الإشكاليات التي صاحبت البعثة لم تكن وليدة اللحظة الحالية في الواقع السياسي السوداني الذي انتهى إلى الحرب
وكانت السلطات السودانية قد أكدت في الرسالة التي بعثها وزير الخارجية علي الصادق للأمين العام للأمم المتحدة والدول الأعضاء لطلب إنهاء تفويض البعثة في السودان بشكل "فوري" - أكدت انها "ملتزمة بالتعامل بشكل بناء مع مجلس الأمن والأمانة العامة"، مرجعة طلبها بإنهاء تفويض البعثة للأداء "المخيب اللآمال" في تنفيذ أهدافها.
ويعمل في بعثة الأمم المتحدة في السودان (245) شخصًا، بينهم (88) في بورتسودان شرقي البلاد، فضلًا عن آخرين في نيروبي وأديس أبابا، حسب ما أكد المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك الشهر الماضي.
إشكاليات البداية
وعلى الرغم من أن وزير الخارجية في طلبه بإنهاء البعثة كان قد أرجع ذلك للأداء الذي وصفه بـ"المخيب للآمال"، إلا أن الإشكاليات التي صاحبت البعثة لم تكن وليدة اللحظة الحالية في الواقع السياسي السوداني الذي انتهى إلى الحرب، وإنما منذ ضربة البداية كانت مسألة هذه البعثة الأممية نقطة تجاذب واستقطاب بين الأطراف السودانية التي غلب عليها التشتت وانفرط عقدها عدة مرات خلال الفترة الانتقالية. فمنذ أن أرسل رئيس مجلس الوزراء السابق عبدالله حمدوك في شباط/فبراير 2020 لمجلس الأمن طالبًا إنشاء عملية في السودان "لدعم السلام" في شكل "بعثة سياسية"، وُوجه هذا الاتجاه برفض وامتعاض من المكون العسكري، والذي رأى في تفويض بعثة سياسية على كامل الأراضي السودانية، وضعٌ للبلاد تحت الوصاية الدولية، كما أن تواجد الأمم المتحدة داخل حالة "الشركاء الأعداء" التي خلقتها الوثيقة الدستورية، سيحد من سلطات العسكريين ويزيد من مساحة المناورة والضغط لصالح المدنيين، وعلى رأسهم حمدوك نفسه، والذي صار قطبًا في مثلث السلطة الانتقالية الذي شمل "قحت" والعسكريين.
السجال الداخلي لم يكن كافيًا لإيقاف طلب حمدوك بإنشاء بعثة لدعم السلام في السودان، فالضغوط الدولية كانت كافية لإقرار مجلس الأمن بالإجماع إنشاءها، ولكن عقب رسالة ثانية من رئيس مجلس السيادة قائد الجيش عبدالفتاح البرهان محددًا فيها شكل التدخل المطلوب من الأمم المتحدة، حاصرًا دور البعثة في الجانب السياسي والفني واللوجستي.
وتبنى مجلس الأمن الدولي في حزيران/يونيو 2020 بالإجماع القرار رقم (2524) بإنشاء بعثة جديدة للمساعدة في الفترة الانتقالية في البلاد، حيث أوضح القرار أن البعثة تهدف "للمساعدة في تحول البلاد إلى حكم ديمقراطي" كما كلفها المجلس بدعم تعبئة المساعدة الاقتصادية والإنمائية وتنسيق عمليات المساعدة الإنسانية.
البداية الإشكالية للبعثة لم تتوقف على الصراع على فكرة البعثة نفسها، فسرعان ما انتقل السجال بين شركاء الفترة الانتقالية بعد إقرارها من قبل مجلس الأمن، إلى من يتولى رئاستها في البلاد، حيث قدم الأمين العام للأمم المتحدة مرشحين للسلطات السودانية: الدبلوماسي الجنوب أفريقي والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة السابق للسودان وجنوب السودان نيكولاس هيسوم، والدبلوماسي الفرنسي ونائب وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جان كريستوفر بليارد، حيث رفض المكون العسكري الأخير، والذي رأى فيه حمدوك المرشح الأمثل للدعم الذي قدمه للحكومة الانتقالية إبان تعيينها في العام 2019، بينما رفض حمدوك الأول لتفضيله بليارد، ولما ظهر في بعض تصريحات هيسوم ما يُفهم أنه ميل للعسكريين.
فولكر بيرتس
في كانون الثاني/يناير 2021 وبعد شد وجذب، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة تعيين الألماني فولكر بيرتس ممثلًا خاصًا له في السودان ورئيسًا لبعثة الأمم المتحدة المتكاملة لمساعدة السودان خلال الفترة الانتقالية (يونيتامس).
بيرتس الذي يتحدث العربية بطلاقة، عمل مساعدًا للأمين العام ثم كبير مستشاري المبعوث الخاص للأمين العام إلى سوريا، بما في ذلك رئيس مجموعة الدعم الدولية لمجموعة العمل المعنية بوقف إطلاق النار، نيابة عن الأمم المتحدة، وهو أكاديمي وباحث من ألمانيا يحمل الدكتوراة في العلوم السياسية.
لم يمض وقت طويل لبيرتس في منصبه حتى قام المكون العسكري بانقلاب 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021، حيث انخرط المبعوث الأممي في جهود احتواء الأزمة الناجمة عن الانقلاب، ودعم الإعلان السياسي الموقع في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2021 بين رئيس الوزراء عبدالله حمدوك والفريق عبد الفتاح البرهان. وعقب استقالة حمدوك أطلق رئيس "يونيتامس" فولكر بيرتس مشاورات واسعة مع الأطراف السودانية للوصول إلى "صيغة مشتركة" تسهل العودة إلى المسار الديمقراطي.
نتج عن مشاورات بيرتس مبادرة أطلقتها البعثة لحل الأزمة السياسية الناجمة عن الانقلاب في السودان، وبطبيعة الحال واجهت المبادرة ذات السبعة بنود رفضًا من شتى المجموعات السودانية، بما في ذلك الرافضة للتسوية مع الانقلاب، وكذلك الرافضة للعودة إلى وضعية الشراكة مع قوى الحرية والتغيير ما قبل انقلاب 25 تشرين الأول/أكتوبر.
رفض من الشارع
الاستقطاب حول البعثة هذه المرة تضمن بعض المجموعات الشبابية التي تقود الحراك في الشارع، والتي رفعت شعار اللاءات الثلاث: "لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية"، حيث أعلنت رفضها القاطع للجهود التي يقودها بيرتس للتسوية السياسية مع العسكريين، مشيرة إلى الأعداد الكبيرة من الضحايا في الاحتجاجات المناوئة لانقلاب البرهان، بجانب الشعار الشهير للاحتجاجات: "العسكر للثكنات، والجنجويد ينحل"، وهو ما لم تكن ترمي له مشاورات المبعوث الأممي، والذي يرى بأن "السودان لا يملك رفاهية المعادلات الصفرية".
البرهان نفسه كان قد ضاق ذرعًا بفولكر بيرتس، متهمًا إياه بـ"عدم التزام الحياد" في الجهود التي يقودها والتصريحات التي يصدرها بخصوص الأزمة السياسية في السودان. وطالب الفريق أول البرهان من بيرتس خلال حفل تخريج للقوات المسلحة في نيسان/أبريل 2022، بأن "يكف عن التمادي في تجاوز تفويض البعثة الأممية والتدخل السافر في الشأن السوداني" قائلًا إن ذلك سيؤدي إلى طرده من البلاد. وشدد البرهان على أن مهمة الأمم المتحدة في السودان هي تسهيل الحوار بين السودانيين، وطالبها هي والاتحاد الإفريقي بتجنب تجاوز تفويضهم.
تصريحات البرهان حينها أتت على خلفية إحاطة لفولكر بيرتس أمام مجلس الأمن حذر فيها من ارتفاع منسوب الجريمة والفوضى في السودان، وقتل المتظاهرين المناهضين للانقلاب، والعنف ضد المرأة من جانب أفراد قوات الأمن، وتصعيد استهداف النشطاء.
كذلك بعض المحسوبين على النظام السابق والقوى المحافظة في السودان الداعمة لانقلاب العسكريين على حكومة الفترة الانتقالية، خرجوا في تظاهرات تطالب بطرد بيرتس، حيث رأت في العودة لفترة الحكومة الانتقالية وتسنم قوى الحرية والتغيير الحكم في البلاد، تراجعًا إلى الوراء، وفي تحركات بيرتس لحل الأزمة تدخلًا في الشأن الداخلي السوداني.
الآلية الثلاثية
فشلت مجهودات "يونيتامس" وحدها في ابتدار حوار سوداني - سوداني شامل يضم كافة أطراف الأزمة، ما اضطرها لضم جهودها إلى جهود الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيقاد) في آذار/مارس 2022، مشكلين ما عُرف باسم "الآلية الثلاثية"، والتي تهدف "للعمل بصورة جماعية لتسهيل التوصل إلى اتفاق سياسي لإنهاء الأزمة السياسية في السودان".
ويسرت الآلية الثلاثية مباحثات غير مباشرة بين الأطراف السودانية في أيار/مايو 2022، وتضمنت هذه المباحثات جلسات منفصلة بدأت بلقاء قوى إعلان الحرية والتغيير - ميثاق التوافق الوطني، تبع ذلك لقاءٌ مع قوى إعلان الحرية والتغيير - المجلس المركزي، وغيرها من المجموعات السياسية والقادة المجتمعيين، وطرحت عقب ذلك مقاربة مفصلة للحوار السوداني - السوداني، وهي ما تبلورت لاحقًا في الاتفاق الإطاري وبلوغ الأزمة السودانية ذروتها بالحرب التي تفجرت في نيسان/أبريل 2023.
مبادرة الآلية هي الأخرى لم تسلم من العقبات، حيث حددت مجموعة المجلس المركزي بقوى الحرية والتغيير الجلوس مع جهات بعينها دون غيرها، قائلة إن المجموعات الأخرى التي من المفترض أن يشملها الحوار هي مجموعات انقلابية أو تتبع للنظام القديم، مطالبة في الوقت ذاته بتهيئة المناخ للحوار برفع حالة الطوارئ التي فرضها الانقلاب، وإيقاف قمع وقتل المتظاهرين الرافضين للانقلاب في الشوارع، معلنة تعاطيها الإيجابي مع الآلية الثلاثية في إطار التفويض الممنوح لها، مع التشديد على أن هدف أي عملية سياسية يجب أن يكون إنهاء الانقلاب وما ترتب عليه والتأسيس الدستوري الجديد لمسار انتقالي يقوم على سلطة مدنية كاملة. بالمقابل وافق المكون العسكري وقوى الميثاق بالحرية والتغيير على الدخول في حوار مباشر مع أي طرف دون أي تحفظات.
وعلى الرغم من نجاح الآلية الثلاثية في ضم أطراف رئيسية ومؤثرة للحوار المباشر، إلا أنها فشلت في حشد الإجماع الذي كانت تطمح له، فظلت كتلة كبيرة من التنظيمات السياسية والأجسام فيما عرف باسم "قوى التغيير الجذري" خارج الحوار، بجانب تعنت مجلس البجا الذي يقوده ناظر الهدندوة المناوئ لمجموعة المركزي محمد الأمين ترك، وغيرها من الجهات والمجموعات التي رأت في عدم دعوتها إقصاءً من قبل الآلية. كان عمل الآلية مهددًا بافتقادها الأرضية المشتركة والبيئة المواتية لإحداث أي توافق سياسي، فبينما يستمر الخناق الأمني في السودان وتزداد وتيرة العنف؛ رهنت قوى الحرية والتغيير "التحالف الحاكم سابقًا في السودان" التفاوض بما أسمته بـ"التعاطي الإيجابي" والذي يعني تهيئة الأجواء السياسية للتفاوض بإلغاء حالة الطوارئ وإطلاق سراح المعتقلين وعتق الحريات. في وقت ترفض فيه لجان المقاومة السودانية الانخراط في أي حوار مع العسكر، مشددة على شعارها السياسي المعروف "اللاءات الثلاث" والتي تشير إلى رفض الشراكة والتسوية والتنازل لصالح القوى المتحكمة في السلطة.
المباحثات المباشرة
وعلى الرغم من غياب أطراف رئيسية من قوى الثورة والتغيير، وبحضور ومشاركة قوى سياسية مختلفة بجانب اللجنة العسكرية التي تمثل المكوِّن العسكري، انطلقت المباحثات السودانية المباشرة الذي يسرتها الآلية الثلاثية بفندق السلام روتانا في حزيران/يونيو 2022، حيث أكد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة يونيتامس فولكر بيرتس في الجلسة الافتتاحية، بأنهم "ليسوا أصحاب العملية السياسية، وإنما السودانيون هم أصحابها"، وذلك في محاولة لمخاطبة الاتهامات بأن ما تقوم به الآلية بقيادة البعثة هو تدخل في الشأن السوداني، بالذات وسط الرفض الذي وجده الحوار من أطراف عديدة.
وحضرت قِوى الحُرية والتغيير "التوافق الوطني"، الاتّحادي الأصل، المؤتمر الشعبي، الجبهة الثورية، تحالف قوى الحراك الوطني والحزب الليبرالي جلسات الحوار المباشر، بينما امتنعت مجموعة المركزي عن الحضور، فيما تلقت تنسيقيات لجان مقاومة ولاية الخرطوم دعوة من الآلية الثلاثية للتفاوض المباشر مع قادة الانقلاب، حيث أكدت عدم التراجع عن شعار اللاءات، حيث رأت أن المعالجات السياسية التي وصفتها بـ"الفوقية" التي تتبعها الآلية الثلاثية "تتقاصر عن جذور الأزمة الحقيقية للصراع، وتحول دون معالجة جذور القضية الحقيقة التاريخية للسودان".
من جانبها أقرت الآلية الآلية بأن العملية لن تكون مُجدية بدون مشاركة بعض القوى السياسية الأساسيّة التي تغيبت عن المشاركة في الاجتماع، وعلى رأسها المجلس المركزي لقِوى الحُرية والتغيير وحزب الأمة والحزب الشيوعي السوداني ومجموعة حقوق المرأة وتجمُّع المهنيين السودانيين ولجان المقاومة، قائلة إن هذه القوى تمثل "أصحاب مصلحة رئيسيين في العملية السياسية من أجل الانتقال الديمقراطي في السودان"، فيما يشبه إعلان فشل للمحادثات المباشرة التي عوّلت عليها الآلية رغم التناقض الكبير لدرجة العداء في المواقف بين الأطراف التي كانت تطمح لضمها في الحوار.
إنهاء الانقلاب
تمسكت مجموعة المجلس المركزي بقوى الحرية والتغيير في بادئ الأمر بشعارات الشارع الرافضة للجلوس مع قادة الانقلاب ومسانديهم من المدنيين، ولكن وساطة سعودية - أمريكية نجحت في ضم ممثلين من الطرفين في اجتماع مباشر في حزيران/يونيو من العام 2022 في مقر السفير السعودي بالخرطوم، وهو اللقاء الذي قوبل باستهجان كبير من القوى الشبابية والتي رأت فيه ردة عن موقف عدم التسوية مع الانقلابيين.
تبرير المجلس المركزي لهذا اللقاء كان هو الخط الجديد للتحالف ألا وهو "إنهاء الانقلاب"، مؤكدة أنها لن تشارك في مسار حوار "فندق روتانا" أو أي عملية سياسية وصفتها بالـ"زائفة تسعى لشرعنة الانقلاب"، فيما استنكر تجمع المهنيين السودانيين اللقاء، واتهم المشاركين فيه بأنهم يسعون إلى تشكيل شراكة عرجاء مرة أخرى، عبر مخطط دولي وإقليمي لقطع الطريق على الثورة، وأوضح في بيان وقتها أن المخطط يمر عبر الطريق الذي تقوده الآلية الثلاثية، وتابع: " سقطت الأقنعة وأصبح الهمس جهرًا وها نحن نشاهد فصول من التفاوض تأخذ اتجاهات مختلفة لتفرض واقعًا جديدًا هدفه الأول قطع الطريق على الثورة ومنعها من الوصول لغاياتها وأهدافها".
وعلى خلفية اللقاء المباشر بالعسكريين طفت للسطح تصدعات المجلس المركزي الداخلية، والتي عززها ضغط الشارع الثائر الذي رأى في اللقاء مع العسكريين خيانة لدماء شهداء الاحتجاجات الرافضة للانقلاب، فيما حذرت مجموعة الميثاق الوطني وأطراف حوار السلام روتانا من أي اتفاق ثنائي بين العسكريين ومجموعة المركزي، كما فجر اللقاء الثنائي أزمة داخل الآلية الثلاثية، صرح على خلفيتها سفير الاتحاد الأفريقي محمد بلعيش قائلًا "إن الاتحاد الأفريقي لا يمكن أن يواصل في مسار لا يتبع الشفافية والصدق وعدم الإقصاء واحترام كل الفاعلين ومعاملتهم على قدم المساواة"، حد قوله، معلنًا انسحابه من الآلية الثلاثية، وهو الانسحاب الذي نفاه الاتحاد الأفريقي لاحقًا، مشيرًا إلى أنه تم تأويل تصريحات رئيس البعثة بشكل غير دقيق، مؤكدًا في الوقت ذاته أن "رئيس البعثة لن يحضر بعض الأنشطة بسبب انعدام الشفافية واحترام كل الأطراف والالتزام الدقيق بعدم الإقصاء في العملية السياسية بما يضمن نجاحها، تماشيًا مع مبادئه وقيمه"، بحسب تعبيره.
العسكر للثكنات
وفي خطوة مفاجئة في خضم الأزمة السياسية وانسداد الأفق السياسي بفشل الحوار المباشر بين الأطراف السودانية، أعلن قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان، في تموز/يوليو 2022، انسحاب الجيش العملية السياسية التي تيسرها الآلية الثلاثية، مبررًا خطوته بالأزمة التي تمر بها البلاد، والتي وصفها بأنها "تهدد وحدتها وتنذر بمخاطر تعيق مسار إكمال التحول والانتقال الديمقراطي المنشود".
خطاب البرهان بانسحاب الجيش من السياسية، واجه ردود فعل مرحبة وأخرى مشككة، ووصف المكتب التنفيذي لقِوى الحُرية والتغيير قرارات البرهان بأنها "مناورة مكشوفة وتراجع تكتيكي يَقبل ظاهريًا بمبدأ عودة الجيش للثكنات مع إفراغ هذا المبدأ من محتواه"، أما رئيس هيئة شؤون الأنصار القيادي بحزب الأمة القومي عبدالمحمود أبّو، فرأى أن ترحب قوى الحرية والتغيير بخطاب البرهان، واصفًا إياه بأنه "خطوة لتسليم السلطة للمدنيين".
توقيعات مزورة
عقب إعلان البرهان انسحابهم من العملية السياسية التي تيسرها الآلية الثلاثية، أرسلت الأخيرة خطابًا إلى قوى الحرية والتغيير (مجموعة ميثاق التوافق الوطني) حمل توقيعات ممثلي الجهات الثلاث المكونة للآلية، اعتذرت فيه عن استضافة الاجتماع الذي كان مزمعًا قيامه مع جميع جهات التنسيق التقنية للأحزاب السياسية والمكونات الرئيسية "من أجل مراجعة الصيغة النهائية لمسودة القواعد الإجرائية"، مشيرةً إلى أنه من دون مشاركة الجيش في الاجتماعات "لن يكون هناك جدوى من مواصلة المحادثات على شكلها الحالي الذي بدأ باجتماع 8 يونيو".
وأوضح البيان أن الآلية الثلاثية وافقت على هذه الخطوات، ولكن البروفسور محمد الحسن لبات والمبعوث الخاص الدكتور إسماعيل وايس لم تتم استشارتهما في الخطاب الذي أُرسل إلى جهات التنسيق، وحمل توقيعهما "عن طريق الخطأ"، وهو الخطاب الذي أطلق اتهامات لفولكر بيرتس بـ"تزوير توقيعات" نظيريه في الآلية. حينها استدعت وزارة الخارجية السودانية رئيس بعثة يونيتامس على خلفية خطابٍ من الآلية الثلاثية إلى "قوى الحراك الوطني" يفيدها بإنهاء الحوار الذي تسهله الآلية الثلاثية، وذلك عقب انسحاب الجيش، ما أثار جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية. وقالت وزارة الخارجية إن فولكر بيرتس عبّر عن أسفه على الخطأ الذي صاحب إصدار البيان.
الاتفاق الإطاري
اللقاء المباشر الذي يسرته الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية بين المكون العسكري ومجموعة المجلس المركزي بقوى الحرية والتغيير، تطور للعديد من اللقاءات الرسمية وغير الرسمية بين الطرفين، وتمخض عن لجنة اتصال نجحت في الوصول لتفاهمات مع المكون العسكري حول مشروع الإعلان الدستوري للجنة التسييرية لنقابة المحامين، وعلى الرغم من الرفض الواسع لأي اتفاق ثنائي ولدستور تسييرية المحامين، تمخضت اللقاءات التي يسرتها الآلية الثلاثية واللجنة الرباعية الدولية -حيث انضمت المملكة المتحدة والإمارات للولايات المتحدة والسعودية لهذه الجهود- عن الاتفاق الإطاري بين المكون العسكري والحرية والتغيير.
ويتضمن الاتفاق الإطاري توحيد الجيش ووضع قوات الدعم السريع تحت قيادة رأس الدولة، كما أقر تفكيك قوات الدعم السريع ودمجها في الجيش حسب جداول زمنية ضمن خطة للإصلاح الأمني والعسكري، بجانب تكوين مجلس وزراء مدني ومجلس سيادة محدود بتمثيل مدني ومهام شرفية، ورمزًا للسيادة وقائدًا أعلى للقوات المسلحة، فضلًا عن مراجعة اتفاق سلام السودان الموقع في جوبا في العام 2020.
وبطبيعة الحال أعلنت مجموعة الكتلة الديمقراطية بقوى الحرية والتغيير، رفضها الاتفاق الإطاري بين المجلس المركزي والمكون العسكري، ووصفته بأنه "أسوأ من الحوار الوطني في عهد النظام البائد"، ووصفت كتلة "نداء أهل السودان" العملية السياسية التي تسهلها الآلية الثلاثية بأنها "معيبة وإقصائية"، قائلة إنها "معزولة عن الشعب ومرفوضة من غالب القوى السياسية والاجتماعية والثورية الفاعلة في البلاد"، وتابعت: "هي عملية فوقية تتم برعاية الأجانب".
وفي الخامس من كانون الأول/ديسمبر 2022، وقعت قوى مشروع دستور تسييرية المحامين وعلى رأسها مجموعة المجلس المركزي - وقعت رسميًا على الاتفاق الإطاري مع المكون العسكري، وذلك بحضور الآلية الثلاثية المشتركة التي سهلت المحادثات التي قادت للاتفاق، والسفراء وممثلي الهيئات الدبلوماسية في الخرطوم. وقالت مجموعة المجلس المركزي إن الاتفاق السياسي الإطاري سيقود إلى "تأسيس سلطة مدنية انتقالية تتولى أعباء تنفيذ مهام ثورة ديسمبر المجيدة واستكمال الطريق نحو بلوغ غاياتها".
وبالتزامن مع التوقيع على الاتفاق الإطاري، انطلقت احتجاجات واسعة في العاصمة الخرطوم بقيادة بعض "لجان المقاومة" التي تقود الحراك السلمي في السودان، والتي عدت الاتفاق مساومة على دماء الشهداء في الحراك الرافض للانقلاب العسكري. وأعلنت لجنة أطباء السودان المركزية، عن حصرها إصابة (43) من المحتجين بينها حالة دهس وإصابات في الرأس في هذه التظاهرات.
وفي ظل رفض جهات للاتفاق والهشاشة التي اتسم بها، رحّب مجلس الأمن الدولي بتوقيع الاتفاق الإطاري في السودان لإنهاء الجمود السياسي. ودعا القوى السياسية الرئيسية في البلاد إلى الانضمام إلى العملية السياسية.
وعلى الرغم من الزخم الكبير الذي صاحب المرحلة الأولى من العملية السياسية التي ابتدرها الاتفاق الإطاري الذي يسرته الآلية الثلاثية بقيادة بعثة يونيتامس، إلا أن الأطراف لم تنجح في استقطاب الكتل الرافضة للتوقيع، ولكن العملية السياسية مضت إلى مرحلتها النهائية في سباق مع الزمن أجل معظم مهام المرحلة الأولى وعلى رأسها ضم المزيد من الموقعين، إلى ما بعد التوقيع على الاتفاق النهائي بين الطرفين.
وكان بيرتس قد حذر حينها في إحاطة لمجلس الأمن، من تصعيد محتمَل لتقويض العملية السياسية ممّن قال إنهم لا يرون دعمًا لمصالحهم من خلال تسوية سياسية، لافتًا إلى أنه بإمكان عملية "شاملة بما فيه الكفاية" أن تساعد في الحماية من تأثيرهم. وحثّ المجتمع الدولي على "المناصرة المتضافرة" لتشجيع "مواقف بناءة" من قبل أولئك الذين "ليسوا أو لا يريدون أن يكونوا جزءًا من العملية أو لا يريدون أن يكونوا جزءًا من العملية بعد".
المرحلة النهائية
عقب انتهاء المرحلة الأولى للاتفاق، والتي فشلت في ضم المزيد من الكتل والأجسام المؤثرة للإطاري، دخلت العملية السياسية القائمة عليه مرحلتها النهائية، في الثامن من كانون الثاني/يناير 2023، حيث اختصت هذه المرحلة بالمسائل "الخلافية الحاسمة" والتي تشمل إصلاح قطاع الأمن ودمج القوات والعدالة الانتقالية وتنفيذ اتفاق جوبا للسلام ووضع لجنة التفكيك والشرق.
وبغياب كتل سياسية كبيرة، بدت هذه المرحلة كتحصيل حاصل، فمرت معظم ورشها دون زخم كبير أو تأثير، بينما ترقب الجميع ورشة الإصلاح الأمني والعسكري، والتي اختصت بمعالجة مسألة الدعم السريع كقوة رديفة للجيش، وأيضًا قضية الضباط الذين لهم ولاء لنظام البشير بالجيش، بجانب دمج الحركات المسلحة وتكوين جيش وطني موحد.
وشدد ممثلو الآلية على أن موقف الرفض القاطع الذي تتخذه "بعض القوى الثورية في السودان" ضد الاتفاق الإطاري، يجب أن يدفع "القوى المؤيدة للديمقراطية"، للعمل بجهد أكبر "لإشراك هذه الأصوات المُشككة وضمان مشاركتهم في تطوير اتفاق على أساس توافقي لتجاوز هذه التحفظات"، بحسب تعبيرهم.
إرهاصات الحرب
في هذه المرحلة ظهر الانقسام داخل المكون العسكري جليًا دون مواربة، حيث هاجم قائد ثاني قوات الدعم السريع عبدالرحيم دقلو قائد الجيش عبدالفتاح البرهان بشكل مباشر، كما أشار البرهان في أكثر من سانحة لقدرة الجيش على حسم أي معركة معرضًا بقوات الدعم السريع. وزادت ورشة الإصلاح الأمني والعسكري وتيرة هذه المعارك الكلامية، وزاد الطين بلة إشارات قوى الحرية والتغيير إلى أن البديل للاتفاق هو الحرب، و"الحرب أولها كلام".
وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير، هي الخلافات التي ظهرت بين العسكريين فيما يتعلق بقيادة القوات وجداول دمج قوات الدعم السريع في الجيش، حيث انسحب ممثلو الجيش الذين يشاركون في ورشة الإصلاح الأمني والعسكري عقب الفراغ من صياغة التوصيات النهائية للورشة التي غاب عنها القائد العام للجيش ورئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان ونائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو الذي يقود قوات الدعم السريع. كما قاطع ضباط الجيش الجلسة الختامية بسبب عدم تحديد مواقيت واضحة بشأن عملية دمج قوات الدعم السريع في الجيش التي ترى القوات المسلحة أن أقصى مدة لها عامان (ستة أشهر منها تحضيرية) على أن تكتمل عملية الدمج خلال الفترة الانتقالية.
في خضم هذه الأزمات، وتحديد المتحدث باسم المرحلة النهائية للعملية السياسية مواعيد توقيع الاتفاق النهائي على الرغم من الخلافات بين العسكريين، كشفت القوات المسلحة عن تحركات لقوات الدعم السريع وانفتاحها على العاصمة الخرطوم وبعض المدن "دون موافقة قيادة القوات المسلحة أو مجرد التنسيق معها"، مما أثار الهلع والخوف في أوساط مواطنين وفاقم من المخاطر الأمنية وزاد من التوتر بين القوات النظامية – بحسب بيان من الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة في الثالث عشر من نيسان/أبريل قبيل يومين من اندلاع الحرب.
بيرتس والحرب
عقب اندلاع المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم وعدد من الولايات، رفض الجيش السوداني الإحاطات والتقارير التي يقدمها بيرتس لمجلس الأمن، واتهمه بعدم الحياد. وفي السابع من أيار/مايو المنصرم طلب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، استبدال مبعوثه الخاص للسودان.
البرهان قال في رسالته للأمين العام للأمم المتحدة، إن بيرتس قدم "انطباعًا سلبيًا" عن دور المنظمة الدولية وحيادها، وأنه في تقاريره إلى الأمين العام للأمم المتحدة قد مارس "التدليس والتضليل بزعم الإجماع على الاتفاق الإطاري بينما الواقع يخالف ذلك بصورة جلية" - بحسب تعبيره. وأشار إلى أن قائد قوات الدعم السريع ما كان له أن "يتمرد" لو لم يجد إشارات تشجيع من أطراف بينها فولكر بيرتس. ووصف قائد الجيش الاتفاق الإطاري بالـ"ضعف" وأن به "ثغرات وإشارات سالبة"، قال إنها مثلت "بؤر توتر في الساحة السياسية والاجتماعية"، مشيرًا إلى أنه "أفضى إلى ما حدث من تمرد ومواجهات عسكرية" - حد قوله، وزاد: "نرى أن وجود فولكر بيرتس على رأس بعثة يونيتامس فريق الأمم المتحدة بالسودان أصبح مصدر انعكاسات سلبية على الانطباع تجاه الأمم المتحدة ووكالاتها ومنظماتها في السودان وخصمًا على تجربتها ومساهمتها الإيجابية المقدرة التي لمسها المجتمع والمواطن السوداني سابقًا".
من جانبه قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن غوتيريش "مصدوم" من رسالة البرهان التي يطالب فيها باستبدال فولكر بيرتس، وأوضح أن الأمين العام للأمم المتحدة "فخور" بالعمل الذي قام به فولكر بيرتس في السودان، وأكد ثقته الكاملة في ممثله الخاص.
وفي حزيران/يونيو قال مندوب السودان لدى الأمم المتحدة السفير الحارث إدريس، إن السودان لن يتعامل مع المبعوث الأممي الخاص في السودان فولكر بيرتس، وأوضح المندوب الدائم للسودان لدى الأمم المتحدة أن دور بيرتس كمبعوث أممي في السودان قد انتهى بالنسبة للسودان. بعدها بأيام أبلغ السودان الأمم المتحدة أن رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان "يونيتامس" فولكر بيرتس غير مرغوب فيه. وقالت وزارة الخارجية في بيان مقتضب، إن حكومة السودان أخطرت السيد الأمين العام للأمم المتحدة رسميًا، الخميس 8 حزيران/يونيو 2023، بإعلان السيد فولكر بيرتس، ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس بعثة يونيتامس، شخصًا غير مرغوب فيه.
واصل بيرتس عمله من خارج البلاد، في خطوة رأى فيها البعض تحدٍ للسلطات السودانية، والتي بدورها طالبت دول المنطقة بعدم التعامل مع بيرتس في المسائل السودانية، الأمر الذي أزم موقف الرجل والبعثة التي نقلت مقراتها إلى بورتسودان عقب اندلاع الحرب، حيث واجهت ورئيسها احتجاجات رافضة هناك.
وعلى خلفية مطالب واحتجاجات السودان، وخلال إحاطته إلى مجلس الأمن الدولي في أيلول/سبتمبر المنصرم، قال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان ورئيس بعثة "اليونيتامس" فولكر بيرتسن إنه طلب من الأمين العام إعفائه من المهمة، لافتًا إلى أن تلك الإحاطة هي إحاطته الأخيرة للمجلس.
نهاية يونيتامس
وعلى نحو متوقع، أعلن مندوب السودان لدى الأمم المتحدة الحارث إدريس في خطابه أمام مجلس الأمن الدولي في السادس عشر من الشهر الماضي، عن قرار الحكومة السودانية رسميًا إنهاء عمل بعثة الأمم المتحدة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (اليونيتامس)، لأسباب فصلها وزير الخارجية المكلف علي الصادق في خطاب إلى الأمين العام – بحسب الحارث.
وأشار الحارث إلى أن الأوضاع الحالية في السودان "خلقت تغييرًا جوهريًا في الظروف التي استدعت طلب إنشاء البعثة من جانب السودان"، موضحًا أن "البعثة بشكلها الحالي وأدائها المعروف الذي قيمته السلطات السودانية أصبحت لا تلبي تطلعات شعب السودان وحكومته"، وذكر أن أداء البعثة في تنفيذ الأهداف المنصوص عليها في قرارات مجلس الأمن ذات الصلة كان "مخيبًا للآمال"، مشيرًا إلى طلب السودان إجراء "مراجعة إستراتيجية لعمل البعثة". وأضاف: "لكن طبيعة عمل البعثة وإدارتها لم يطرأ عليها تغيير".
وقبيل التصويت على إنهاء أو تمديد أمد البعثة عقب طلب السودان، طلب رئيس مجلس الوزراء السابق عبدالله حمدوك من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن تجديد تفويض بعثة "يونيتامس" في السودان، وقال في رسالته: "إن كانت يونيتامس قد شكلت فى عام 2020 لدعم الانتقال، أضحت الحاجة إليها اليوم أكثر إلحاحًا فى ظل انقلاب أكتوبر 2021 وحرب الخامس عشر من أبريل التى قضت على الاخضر واليابس فى البلاد". وزاد بالقول: "الشعب السودانى المنكوب فى حاجة إلى الأمم المتحدة أكثر من أى وقت مضى".
وانتهت الأحد مهمة بعثة الأمم المتحدة في السودان "يونيتامس" بقرار مجلس الأمن، وستبدأ الاثنين الرابع من كانون الأول/ديسمبر الجاري فترة انتقالية مدتها ثلاثة أشهر للسماح بمغادرة أفراد "يونيتامس" ونقل مهامها إلى وكالات الأمم المتحدة الأخرى "حيثما كان ذلك مناسبًا وإلى الحد الممكن". وسيبقى فريق من البلاد تابع للأمم المتحدة يقدم المساعدات الإنسانية والتنموية في السودان.
كانت رحلة البعثة في السودان إشكالية منذ اللحظة الأولى وحتى نهايتها، ويقول معارضون إنها قامت بكل شيء سوى عملها المنصوص عليه في ديباجتها
وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الجمعة الماضية، عن تعيين الدبلوماسي الجزائري رمضان لعمامرة مبعوثًا شخصيًا له إلى السودان، وقال المتحدث باسم الأمين العام، إن مقر المبعوث الشخصي للأمين العام لن يكون في السودان.
كانت رحلة البعثة في السودان إشكالية منذ اللحظة الأولى وحتى نهايتها، ويقول معارضون إنها قامت بكل شيء سوى عملها المنصوص عليه في ديباجتها، بجانب أنها لم تلتزم الحياد المفترض في بعثة أجنبية الغرض منها مساعدة السودانيين في الانتقال والتوسط بينهم لا أن تكون طرفًا في الصراع، فيما يشير آخرون إلى شخصية فولكر بيرتس المثيرة للجدل ومسرح الرجل الواحد الذي كان يديره باسم البعثة، ولكن تقييم كل ذلك يحتاج لقرءات أكثر تأنيًا بعد أن صارت في حكم التاريخ.