25-أغسطس-2023
نساء في طريقهن إلى جلب المياه بالأواني في أحد أحياء أم درمان

تعاني أحياء أم درمان من انقطاعات طويلة للمياه جراء القتال (Getty)

على بعد كيلومترات من سلاح "المهندسين" تبدو الحياة شبه مستحيلة بعد أربعة أشهر من المعارك الضارية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وتحديدًا في أحياء "الريف الجنوبي" التي هجرها معظم سكانها، فأصبح السؤال الأكثر انتشارًا على منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بأهالي المنطقة عن أماكن الباصات السفرية والطرق الآمنة للوصول إليها.

مع اشتداد المعارك في الخرطوم واستمراها، أصبحت الحياة أكثر صعوبة في أحياء جنوب أم درمان التي كانت الأوضاع فيها مستقرة نسبيًا في السابق

وبحسب شهادات، تحصد القذائف العشوائية الأرواح بكثافة، بينما يصعب على المواطنين هناك شراء احتياجاتهم الأساسية، ويأتي ذلك مع انتشار كثيف لعناصر الدعم السريع في الأحياء مع عمليات نهب وسلب منهجية للمنازل حسب شهادات، بالإضافة إلى تردي الخدمات الأساسية من مياه وكهرباء وانقطاعها من المواطنين أسابيع.

الموت جوعًا

وفي حي "الفتيحاب" جنوبي أم درمان تتزايد مخاوف المواطن محمد يحيى من الموت جوعًا بعد أن فشل في تأمين الاحتياجات الغذائية الأساسية لمنزله يومين متتاليين، قبل أن ينجح في اليوم الثالث في توفير احتياجات أسرته، وذلك بسبب القذائف العشوائية التي سقطت في السوق عدة مرات، مما أوقد الرعب في قلوب الباعة الذين أصبحوا لا يعملون بانتظام كما في الأشهر السابقة من الحرب.

ويضيف محمد في حديثه إلى "الترا سودان" أن سوق اللحوم والخضروات يعاني من شح الإمداد بسبب الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع على مداخل المنطقة ومخارجها، فيما يعانون هناك من الانتشار الكثيف لعناصر الدعم السريع، مما يصعب على المواطن الخروج من منزله لشراء احتياجاته. ويقول إن الأمر ازداد سوءًا في منطقتهم منذ أسبوعين على الأقل، مؤكدًا أن الأوضاع كانت أفضل حالًا بكثير في الأيام السابقة.

https://t.me/ultrasudan

ومع إغلاق معظم المحال التجارية أبوابها يصعب على المواطنين الحصول على النقد الذي كانوا يتحصلون عليه في غالب الأوقات من خلال استبداله من المحال التجارية عبر طبيقات الجوال المصرفية.

تردي الخدمات

عانت عدد من أحياء منطقة جنوب أم درمان من انقطاع إمداد المياه أسبوعين متتاليين. وتكررت هذه القطوعات المطولة والتي تفصل بينها أيام قليلة بحسب مواطنين هناك.

تقول علا محمد لـ"الترا سودان" إنها غادرت منزلها جراء انقطاع المياه تسعة أيام، انتقلت بعدها إلى مدينة كسلا بمنزل أحد أقاربها، بعد أن ذاقت الأمرين من تردي الخدمات. تصف علا الحياة هناك بالتعذيب، إذ حول الانقطاع المستمر للكهرباء والمياه وشبكات الاتصالات منزلهم إلى جحيم، بعد أن اختاروا ألا يغادروه، لكنهم وجدوا أنفسهم مجبرين على مغادرته بسبب التكلفة العالية لشراء المياه التي تباع بالبراميل بعد أن وصل سعره إلى (2,500) جنيه سوداني.

مخبز وسوق في أم درمان
تواصل بعض المخابز والأسواق عملها في أم درمان رغم ظروف الحرب (Getty)

ويعاني سيف الدين محمد من عدم استقرار شبكات الاتصال، مما صعب عليه عمله مع إحدى وكالات التسويق، وهو يعمل مصمم جرافيك عن بعد. ويوضح سيف الدين أن المشروع بات يستغرق منه أيامًا طويلة بعد أن كان في غالب الأحيان ينجزه في ساعات حسبما أفاد في حديثه إلى "الترا سودان"، مما دفعه إلى النزوح إلى حي "الثورة" شمالي أم درمان حيث لم تتدهور الخدمات فيه إلى هذا الحد – بحسبه.

حالات سلب ونهب

بعد أن جاوزت الحرب شهرها الرابع، هجر معظم السكان منازلهم، وتبقى قليل منهم في الأحياء. يقول محمد علي لـ"الترا سودان" إن جيران منزلهم بحي "الفتيحاب"، وتحديدًا في المربعات المتاخمة لحي "الشقلة"، يشتكون من الانتشار الكثيف لعناصر الدعم السريع، ما أدى إلى انتشار عمليات النهب والسلب بالمنطقة. ويضيف أن منزله ما يزال صامدًا رغم أن عمليات النهب طالت عددًا من منازل الجيران بحسب ما يبلغه أحد الجيران الذين تولوا مسؤولية مراقبة حالة منزله بين الحين والآخر.

ويضيف محمد أن هناك أفرادًا من الحي يتعاونون مع عناصر الدعم السريع والعصابات والمتفلتين في تنفيذ عمليات السرقة المنهجية للمنازل، وقُبض على أحدهم منذ أيام.

ومع اشتداد المعارك في العاصمة الخرطوم واستمراها، أصبحت الحياة أكثر صعوبة في أحياء جنوب أم درمان التي كانت الأوضاع فيها مستقرة نسبيًا في السابق، ما أدى إلى موجات نزوح جديدة بالمنطقة، بينما يواجه الأهالي هناك أوضاعًا إنسانية صعبة من تردي للخدمات وصعوبة في التنقل بالإضافة إلى المقذوفات العشوائية التي تحصد الأرواح من حين إلى آخر.