اشتكى عدد من المواطنين لـ"الترا سودان" من تزايد سعر الإيجارات بمدينة الخرطوم، وسط ظروف اقتصادية قاهرة يعانى منها الشعب السوداني، وتزامنت الزيادة في أسعار الشقق مع موجات غلاء حادة تضرب الأسواق، وجميع مناحي الحياة.
وتعود الشكاوى لعدة مسببات وعوامل، يأتي الظرف الاقتصادي في مقدمتها، ونزوح سكان الريف إلى المدينة، حيث فرص العمل أوسع والحراك الاقتصادي أكبر.
أم إياد: الهوس الجديد هو الإيجار بالدولار، وتحول إلى موضة جديدة، مع العلم بعدم ثبات أسعار الدولار يوميًا
وجاءت الشكوى من أصحاب العقارات والمستأجرين على حد سواء، في حين ترصد المحاكم تزايد معدلات الشكاوى المتعلقة بقضايا الإيجارات يوميًا في الخرطوم. وفي التقرير التالي نستعرض وجهات نظر الأطراف المعنية بالقضية.
إيجار بالدولار
في عدد كبير من مناطق العاصمة المثلثة، أصبح الإيجار بالدولار بخلاف ما هو سائد في السنوات الماضية.
وتؤكد المستأجرة أم إياد، على حالة الجشع لدى أصحاب العقارات، وعدم مراعاة ظروف المستأخرين، في حال تأخروا لأسباب. وقالت: "كل الناس يعانون ضائقة معيشية، وأجد نفسي أتعاطف مع الطرفين، لأن صاحب العقار يريد التعويض عما خسره وهنا مدخل للجشع، والمستأجر أمام خيارين أحلاهما مر".
وتشير إلى الهوس الجديد وهو الإيجار بالدولار، وتحول إلى موضة جديدة، مع العلم بعدم ثبات أسعار الدولار يوميًا، ما يصعب الأمر على المستأجر. وواصلت قولها: "للمستأجر عدة التزامات أخرى، وخاصة في وجود طلاب ومصاريف الدراسة"، ودعت إلى الابتعاد عن الايجار بالدولار، ليتمكن المستأجر من الالتزام الدوري، ومراعاة الوضع الاقتصادي الصعب".
ولفتت أم إياد، إلى المشاكل بين الأطراف التي تصل إلى المحاكم. والالتزام بالعقد بين الأطراف، لأنها الصيغة التي تحفظ لجميع الأطراف حقوقها، ومراعاة الجوانب والأبعاد الإنسانية والاجتماعية بين الطرفين.
اختلافات وتباينات
بحسب أصحاب العقارات تختلف الأسعار باختلاف الموقع والمميزات، في وقتٍ تحولت فيه كثير من أحياء الخرطوم، إلى الإيجار بالدولار وليس العملة المحلية "الجنية السوداني"، وذلك لقرب تلك الأحياء من مراكز تقديم الخدمات، وخدمات الأمن وغيرها من المميزات.
وابتدرت صاحبة عقار "نجوى" حديثها لـ"الترا سودان، أنها تنتقي من يسكن لديها، وبأسعار عالية، ولذلك يخلو المنزل أحيانًا من السكان، خوفاً من المشكلات، وقالت إنها تعتمد الثقة والراحة النفسية، قبل توقيع بنود الإيجار.
وأردفت: "نتخوف من تلف الممتلكات ونؤكد على المستأجر تسليمها بحالتها الراهنة، لذلك نحدد بنودها في العقد بين الطرفين". وتابعت قولها: "اتجنب الأجانب، خاصة مع الوضع السياسي الراهن، وممارسة النشاط السياسي الذي يمكن أن يرتبط بالإرهاب". على حد تعبيرها.
وحول ارتفاع أسعار الإيجار، تقول نجوى، إن الأسعار تختلف من منطقة لأخرى، والموقع، والقرب من الشوارع الرئيسية ومراكز تقديم الخدمات، التكييف، كاميرات المراقبة، إلى جانب المساحة، والأثاث، وعدد الغرف وغيرها من الأمور الفنية.
غلاء المعيشة
من الظالم ومن المظلوم؟ سؤال يُطرح في وقت يعاني فيه كلا الطرفين، صاحب العقار والمستأجر حال عموم الشعب السوداني، من غلاء المعيشة، وارتفاع الأسعار بصورة جنونية ومتسارعة، تجعل من الصعب الإجابة على هذا السؤال. ويوضع السؤال على طاولة أصحاب القرار والمسؤولين، في توضيح الارتفاع المتزايد لغلاء المعيشة وصعوبة توفير الاحتياجات الأساسية والضرورية. وبالتالي تزامن ارتفاع الإيجارات مع الوضع الاقتصادي الكلي للبلاد.
وفي هذا الصدد تحدثنا المحامية "أميرة. ع" بقولها، إن غلاء الأسعار في مختلف ضروب الحياة، أثر سلبًا على الطرفين، أي صاحب العقار والمستأجر، بصورة سلبية. وتكمل حديثها بأن صاحب العقار في حال تطلب الأمر صيانة للعقار، يدفع بمبالغ طائلة، وهي ظروف اقتصادية عامة تمر بها البلاد.
وتقول أميرة لـ"الترا سودان، يكمن الحل في الالتزام بالقانون من كلا الطرفين، مع التركيز على كتابة بنود عقد واضحة والتمسك بها من جانب صاحب العقار، من حيث الحقوق الواردة في العقود بين الطرفين، مثل مدة تسلم المال، والطريقة، والتأكد إن كلا الطرفين ملتزم ومتمسك فيما جاء في بنود العقد. على حد تعبيرها.
صاحبة عقار: اتجنب الأجانب، خاصة مع الوضع السياسي الراهن، وممارسة النشاط السياسي الذي يمكن أن يرتبط بالإرهاب
وأكملت: "بعد إكمال بنود التعاقد بين الطرفين، يسمى العام الأول مدة تعاقدية، وبعد ذلك مدة حكمية، يمكن أن تمتد لسبع سنوات إلى حين خروج المستأجر، وتبدأ المدة الحكمية بعد انتهاء المدة العقدية".
لاشك أن الأوضاع الاقتصادية ألقت بظلالها السلبية على قضايا الإيجار، حيث تتعالى الشكاوى من أصحاب العقارات والمستأجرين، وصارت أروقة المحاكم هي الساحة التي يلتقي فيها الطرفين، وسط ضائقة معيشية لاتنذر الإجراءات الحكومية بحلها قريبًا.