حذر برنامج الأغذية العالمي بالأمم المتحدة، من أن بعض أجزاء من السودان التي مزقتها الحرب، تتعرض لخطر الانزلاق إلى ظروف "جوع كارثية" بحلول موسم الجفاف في العام المقبل، إذا لم يتمكن برنامج الأغذية العالمي من توسيع نطاق الوصول إلى المساعدات الغذائية، وتقديمها بانتظام للأشخاص المحاصرين في مناطق النزاع الساخنة مثل الخرطوم ودارفور وكردفان.
لم تتمكن قوافل برنامج الغذاء العالمي من الوصول إلى العاصمة سوى مرة واحدة خلال الشهر الماضي
وقال برنامج الأغذية العالمي في بيان صحفي اليوم الأربعاء، إن السودان -الذي كان يوصف ذات يوم بأنه سلة الخبز المستقبلية لشرق أفريقيا- يواجه أزمة جوع متفاقمة مع اقتراب الصراع المستعر في جميع أنحاء البلاد من شهره الثامن.
وأضاف البيان: "أظهر تحليل جديد للأمن الغذائي في السودان أعلى مستويات الجوع المسجلة على الإطلاق خلال موسم الحصاد (من تشرين الأول/أكتوبر إلى شباط/فبراير)، وهي الفترة التي يتوفر فيها المزيد من الغذاء".
وأردف البيان : "إذا لم تكن هناك زيادة كبيرة في المساعدات الغذائية بحلول موسم الجفاف في مايو/أيار المقبل، فقد تشهد بؤر النزاع الساخنة ظهور جوع كارثي، المعروف أيضًا باسم المرحلة الخامسة من التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي".
ودعا البيان بشكل عاجل جميع أطراف النزاع إلى هدنة إنسانية والوصول دون قيود لتجنب كارثة الجوع في موسم العجاف القادم.
وقال المدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي وممثله في السودان إيدي رو بحسب البيان الصحفي: "تعتمد الحياة على ذلك، ومع ذلك هناك عدد كبير جدًا من الأشخاص المحاصرين في المناطق التي تشهد قتالًا نشطًا ولا يمكننا الوصول إليهم إلا بشكل متقطع، هذا إن تمكننا من الوصول إليهم على الإطلاق".
وتابع بالقول: "يواجه ما يقرب من (18) مليون شخص في جميع أنحاء السودان الجوع الحاد (التصنيف IPC3+) - أي أكثر من ضعف العدد في نفس الوقت من العام الماضي".
وزاد قائلًا: "هذا الرقم أعلى أيضًا من التوقعات الأولية البالغة (15) مليونًا والتي وردت في التقييم السابق في أغسطس/آب، مما يدل على مدى سرعة تدهور وضع الأمن الغذائي".
وأوضح البيان أن ما يقرب من خمسة ملايين شخص حاليًا في مستويات الطوارئ من انعدام الأمن الغذائي (IPC4) مع وجود أكثر من ثلاثة أرباع هؤلاء الأشخاص محاصرين في مناطق كان وصول المساعدات الإنسانية فيها متقطعًا، وفي بعض المناطق، مستحيلًا بسبب القتال المستمر.
وطبقًا للبيان ومنذ بداية الصراع، قدم برنامج الأغذية العالمي المساعدات المنقذة للحياة لأكثر من خمسة ملايين شخص، مما حال دون حدوث تدهور أسوأ في الأمن الغذائي، خاصة في شرق السودان وشماله.
وقال البيان إنه على الرغم من ذلك، فإن وصول المساعدات الإنسانية بشكل منتظم وآمن إلى المدنيين في المناطق الأكثر تضررًا من العنف لم يكن كافيًا.
وأعلن البيان أن برنامج الأغذية العالمي استفاد من فترات الهدوء المؤقتة في القتال لتوصيل المساعدات الغذائية إلى الأسر في الخرطوم الكبرى، لكنه لم يتمكن من الوصول إلى العاصمة إلا مرة واحدة خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
وقال البيان: "بشكل عام، من بين الأشخاص الذين حددهم برنامج الأغذية العالمي على أنهم في أمس الحاجة إلى المساعدة الغذائية في منطقة العاصمة الخرطوم، تلقى واحد فقط من كل خمسة أشخاص مساعدات غذائية منذ بدء الصراع".
وأشار البيان إلى سفر قوافل منتظمة من المساعدات الغذائية من تشاد إلى غرب ووسط دارفور منذ آب/أغسطس الماضي، وقدمت مساعدات غذائية لنصف مليون شخص. ومع ذلك، لم يتلق الناس في أجزاء أخرى من إقليم دارفور أي مساعدة منذ حزيران/يونيو "على الرغم من محاولات برنامج الأغذية العالمي المتكررة للحصول على وصول آمن"، طبقًا للبيان.
وذكر البيان أن السرعة التي ارتفع بها الجوع خلال العام الماضي مثيرة للقلق. ولفت إلى أن الدوافع الرئيسية للغرق في الجوع تشمل تفاقم الصراع وتزايد العنف بين الطوائف، وأزمة الاقتصاد الكلي، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود والسلع الأساسية، وانخفاض الإنتاج الزراعي عن المتوسط.