13-مارس-2020

مطرانية جوبا الكاثوليكية (الترا سودان)

تعيش مطرانية جوبا الكاثوليكية هذه الأيام أزمة طاحنة، بدأت ملامحها منذ أن أعلن البابا فرانسيس في كانون الأول/ديسمبر 2019 عن اختيار الأسقف ستيفن أمايو مارتن مولا، الذي كان يشغل حينها كرسي "أسقف مطرانية توريت"، رئيسًا جديدًا للأساقفة بأبرشية جوبا الكاثوليكية، خلفًا لرئيس الأساقفة المتقاعد فاولينو لوكودو لورو، حيث قامت مجموعة من المثقفين نسبت نفسها إلى مجتمع قبيلة الباريا المقيمة بجوبا بإصدار بيانٍ ممهور بتوقيعاتهم يعلنون فيه كمجتمع عن رفضهم لتعيين أمايو، كما هددوا بمزيد من التصعيد حال إصرار الفاتيكان على المضي قدمًا في تنفيذ قرارها.

اتهمت المذكرة المطران الجديد بمخالفة قوانين الكنيسة من خلال إقامة علاقات غير شرعية مع النساء وإنه أنجب منهن عدد من الأطفال، في الوقت الذي تحرم فيه قوانين الكنيسة القسس ورجال الدين من الزواج

وفي مذكرتها شديدة اللهجة الصادرة بتاريخ 10 كانون الأول/ديسمبر 2019 قالت المجموعة التي أطلقت على نفسها اسم "المؤمنين الأصليين بمطرانية جوبا"، والتي قالت المجموعة فيها بصريح العبارة أنهم لن يقبلوا بالمطران ستيفن أمايو في مطرانية جوبا الكاثوليكية تحت أي ظرف، وقدموا فيها جملة من الأسباب التي يبررون بها رفضهم. من بينها أن التعيين تم بمؤامرة داخلية وبواسطة عناصر مقيمة داخل وخارج العاصمة جوبا، كما أشاروا في المذكرة إلى أن الأوضاع الاجتماعية والثقافية والسياسية تتطلب أن يكون أحد أبناء المنطقة مطرانا على جوبا، كما اتهمت المطران الجديد بمخالفة قوانين الكنيسة من خلال إقامة علاقات غير شرعية مع النساء وإنه أنجب منهن عدد من الأطفال، في الوقت الذي تحرم فيه قوانين الكنيسة القسس ورجال الدين من الزواج، كما طالبت المذكرة القاصد الرسولي سفير دولة الفاتيكان بجوبا بالتدخل من أجل وقف عملية تعيين المطران ستيفن أمايو.

اقرأ/ي أيضًا: جنوب السودان يحظر السفر للبلدان المتأثرة بفيروس كورونا

وبتاريخ 16 كانون الأول/ديسمبر قامت ذات المجموعة بصياغة مذكرة أخرى جديدة بعد أن قامت الفاتيكان بتأكيد اختيار المطران ستيفن أمايو، وبعد أن قامت لجنة من الفاتيكان بإجراء تحقيقٍ حول الاتهامات الموجهة للمطران أمايو، وخلصت اللجنة إلى أن تلك الاتهامات لا أساس لها من الصحة، وقالت المجموعة في مذكرتها الثانية إن لجنة التحقيق قد خضعت للضغط الحكومي والتهديد وتمت رشوتها حتى لا تصل إلى النتائج المرجوة.

وأضافت المذكرة: "ولنا أن نتساءل من مِن بين قساوستنا المحليين هنا في جوبا تم تعيينه مطرانا في أي مكانٍ آخر، اتمني أن تكونوا متذكرين أحداث ياي في العام 1986، وهي أحداث لا تزال حاضرة في الأذهان حينما تم تعيين أحد قساوستنا مطرانًا على رومبيك وبعدها توريت إذ تم رفضه من قبل السكان المحليين، هل يجب أن نفهم بأن الفاتيكان تستمع فقط حينما تكون هناك تهديدات وأعمال عنف مصاحبة؟. فالكنيسة المحلية في جوبا قد حباها الله بـثلاثون قسًا مؤهلًا ولهم خبرات، فكيف لنا أن نحط من قدرهم بتعيين مطران له محظيتان وستة من الأبناء البيولوجيين".

وحملت المذكرة لغة تهديدية للقسس الذين شاركوا في عملية اختيار المطران ستيفن أميو، حيث أشارت إلى أنهم لن يكونوا آمنين في طرقات مدينة جوبا، وعليهم الاعتماد على حماية القوات التي عملوا على خدمة مصالحها في إشارة للحكومة.

وفي يوم 23 كانون الأول/ديسمبر 2019 قامت جمعية مجتمع "باريا" بجوبا بإصدار بيان للرأي العام قالت فيه أنهم كجمعية يعملون من أجل تحقيق أهداف محددة نص عليها الدستور منها الحفاظ على وحدة المجتمع وترقية ثقافته، كما نأت بنفسها عن البيان الصادر عن المجموعة التي نسبت نفسها لمجتمع الباريا، وأشار البيان إلى أن تلك المجموعة لا تعبر عن مجتمع الباري بالرغم من أنهم كأفراد ينحدرون منه لكنهم غير مخولين للحديث باسمه.

اقرأ/ي أيضًا: الصحة السودانية تعلن الطوارئ وتؤكد وفاة أول حالة إصابة بفيروس كورونا

بعد أن هدأت الأوضاع إلى حد ما داخل الكنيسة الكاثوليكية بجوبا، عاد التوتر مجددًا بعد أن قامت الفاتيكان بتحديد يوم 22 من شهر أذار/مارس تاريخًا لإقامة مراسم تنصيب المطران ستيفن أمايو، رئيسًا للأساقفة بمطرانية جوبا الكاثوليكية، وذلك عبر الخطاب الصادر عن القاصد الرسولي بجوبا في 6 أذار/مارس الجاري، كما قام بإعلان تكوين اللجنة التحضيرية التي سترتب لذلك الحدث، لكن ذلك الإعلان قوبل بدعوات جديدة قدمتها مجموعة يقودها دكتور دانيال واني وممثلين للشباب والنساء والسلاطين الذين أسموا أنفسهم بلجنة المتابعة للصحفيين لحضور مؤتمر صحفي بكاتدرائية سانتا تريزا بجوبا في 8 أذار/مارس، وهو المؤتمر الصحفي الذي منعته السلطات وقامت بنشر قوة من الشرطة في محيط الكنيسة، لكن المجموعة أصدرت بيانها ووزعته عبر الوسائط الالكترونية، وقالت فيه إن تنصيب المطران أمايو سيتم فوق أجسادهم الميتة.

ونتيجة لتلك المشاحنات وقعت أعمال عنف محدودة يوم الأحد المنصرم بكنيسة كتور مقر مطرانية جوبا الكاثوليكية إثر وقوع مواجهات بين مجموعتين داخل الكنيسة، واحدة منها تسعى لتعطيل عمل اللجنة التحضيرية الخاصة بتنصيب مطران أبرشية جوبا الكاثوليكية. بعد أن تم الاعتداء بالضرب على أحد أعضاء اللجنة.

هل ستستجيب جماعات الضغط المحلية لدعوات التهدئة أم أنها ستقرر مواجهة قرار الحبر الأعظم قداسة البابا فرانسيس والقاضي بتعيين المطران ستيفن أمايو رئيسًا لأساقفة مطرانية جوبا الكاثوليكية

وقال دانيال جاستن المتحدث الرسمي الشرطة إنهم قاموا بإلقاء القبض على بعض المشتبه في وقوفهم خلف الحادثة، وطالب جاستن المجموعات المتصارعة بعدم أخذ القانون بيدها وأتباع القنوات الرسمية للتعبير عن وجهات نظرهم.

انتظر الناس طويلًا وهم يتساءلون عن موقف مطران جوبا المتقاعد فولينو لوكودو مما يدور داخل الكنيسة باعتباره لا يزال الشخص الممسك بزمام الأمور حتى لحظة التسليم، لكنه خرج أخيرًا عن صمته في المؤتمر الصحفي الذي أقامه يوم الثلاثاء، والذي دعا فيه للتهدئة وعدم الانسياق وراء دعوات العنف، مبديًا أسفه للمواجهات التي شهدتها الكنيسة والتي وصفها بالمحزنة.

الجميع يكتم أنفاسه في انتظار يوم التنصيب، وهل ستستجيب جماعات الضغط المحلية لدعوات التهدئة أم أنها ستقرر مواجهة قرار الحبر الأعظم قداسة البابا فرانسيس والقاضي بتعيين المطران ستيفن أمايو رئيسًا لأساقفة مطرانية جوبا الكاثوليكية.

اقرأ/ي أيضًا

كورونا يغلق أبواب السودان في وجه 8 دول

على الورق.. السودان يضم حلايب وشلاتين في خارطة رسمية