16-مارس-2024
إفطار جماعي للسودانيين في أوغندا

يحاول السودانيون في العاصمة الأوغندية كمبالا إحياء الإفطارات الجماعية في الشوارع (الترا سودان)

"لقد سرقت الحرب فرحة قدوم شهر رمضان من قلوبنا"، بهذه الكلمات تصف السودانية سمر خلف الله شعورها وهي يمر عليها شهر الصيام لأول مرة بعيدًا عن منزلها والأهل، وكانت قد لجأت منذ أشهر للعاصمة الأوغندية كمبالا هربًا من نيران الحرب التي وصلت حتى باب منزلها بحي الموردة العريق بمدينة أم درمان.

الصراع في السودان أجبر ملايين السودانيين على مغادرة بلدهم واللجوء لمختلف البلدان، ومنها أوغندا، حيث أصبحت العاصمة كمبالا تعج بآلاف السودانيين الذين يعيش العديد منهم تجربة صيام شهر رمضان لأول مرة بعيدًا عن وطنهم

الصراع في السودان أجبر ملايين السودانيين على مغادرة بلدهم واللجوء لمختلف البلدان، ومنها أوغندا، حيث أصبحت العاصمة كمبالا تعج بآلاف السودانيين الذين يعيش العديد منهم تجربة صيام شهر رمضان لأول مرة بعيدًا عن وطنهم، في بلد تختلف فيها العادات والتقاليد.

وتقول سمر إنها تفتقد أسرتها بجانب العادات المرتبطة برمضان في السودان، وأنهم بسبب الحرب لم يذوقوا طعمًا لرمضان هذا العام. وأضافت لـ"الترا سودان": "من الصعوبة بمكان أن نتحصل على المنتجات المرتبطة بصناعة الأطعمة السودانية الخاصة بشهر رمضان، وحتى المتوفرة أسعارها غالية لأنه يتم استيرادها من دولة جنوب السودان".

تضيف سمر لـ"الترا سودان"، أن رمضان يرتبط في ذهنها بالعادات السودانية التي تبدأ قبل أيام من حلول الشهر من تحضير المشروب الأشهر "الآبري"، بجانب شراء احتياجات المنزل. تقول: "الحرب أفقدتنا القدرة على الفرحة"، و تتمنى سمر انتهاء الحرب لأنها متشوقة للعودة إلى منزلها بمدينة أم درمان العريقة.

وظلت الحرب مستعرة في السودان منذ منتصف نيسان/أبريل 2023 في العديد من ولايات وسط وجنوب وغرب البلاد، حيث لجأ أكثر من مليوني سوداني لدول الجوار وبعض الدول الأفريقية، ومنها أوغندا التي ما تزال تستقبل العديد من السودانيين.

اختلاف الأطعمة 

 فيما يقول المهندس أنس عشاري إن أكثر شيء يفتقده في رمضان هذا العام القرب من أسرته، خاصة والدته، بالإضافة للعادات والتقاليد التي كانت ترتبط بشهر رمضان في السودان.

وأردف: "روحانيات رمضان في السودان مختلفة، خاصة الإفطارات الجماعية التي يتجمع فيها الجيران و الأسرة الممتدة". ويصف عشاري لـ"الترا سودان" إحساسه بتجربة الصيام في كمبالا بأنه "مختلف"، ويفتقد العادات السودانية الرمضانية، مشيرًا إلى أن غياب مظاهر رمضان يشعره بالغربة، خاصة في مجتمع أغلبه من المسيحيين. وحتى الخطب في المساجد تكون باللغة المحلية للأوغنديين، ولا يستطيع فهمها.

يعاني عشاري أيضًا من اختلاف الطعام بين السودان وأوغندا، الأمر الذي زاد من معاناته وهو بعيد من أسرته المقيمة بجمهورية مصر.

وفقد الكثير من السودانيين وظائفهم بسبب الحرب القائمة، وأصبح العديد منهم يعتمد على المدخرات والمساعدات التي تقدمها المنظمات الخيرية بجانب منظمات الأمم المتحدة، فيما يعيش اللاجئون السودانيون المتواجدون بالمعسكرات خارج العاصمة كمبالا، في "أوضاع صعبة" كما يصفها محمد مختار الذي يعيش في معسكر كيرياندونغو. يقول لـ"الترا سودان": "رغم صعوبة العيش في المخيم، لكننا خلال الإفطار نتجمع وتناول الطعام بشكل جماعي، وهذا يخفف عنا الإحساس بالغربة. والبعض جلب من مدينة كمبالا منتجات سودانية ليصبح هنالك إفطار رمضاني مشترك للسودانيين بالأطعمة السودانية". وأضاف: "قمنا ببناء مسجد من المواد المحلية، وأصبحنا نصلي صلاة التراويح بشكل جماعي".

التمسك بالعادات

ويشتهر السودانيون خلال شهر رمضان بالتجمع خارج المنازل وتناول وجبة الإفطار بشكل مشترك مع الجيران، لذلك يحاول الناشط في مجال حقوق الإنسان بدرالدين صلاح الذي لجأ للعاصمة الأوغندية كمبالا عقب اشتعال القتال في السودان - يحاول إحياء هذه العادة بعيدًا عن الوطن. يقول بدرالدين صلاح لـ"الترا سودان": "حاولت التأقلم، وفتحت مطعمًا صغيرًا لتقديم وجبات سودانية خلال شهر رمضان بالتعاون مع سودانيين وشركة تاركو للطيران. أقمنا "مائدة رحمن" تقدم الوجبات السودانية بشكل مجاني في المنطقة التي أتواجد بها، ويأتي أصدقائي للتطوع في إعداد الوجبات.

إفطار جماعي للسودانيين في كمبالا
أقام سودانيون في كمبالا إفطارًا جماعيًا يشبه إفطارات رمضان التي تقام عادة في الشوارع لإكرام المارة

يقول بدرالدين إن بعض المسلمين الأوغنديين يتناولون الإفطار معهم رغم اختلاف الأطعمة السودانية عن أطعمتهم، ويضيف: "رغم البعد عن الوطن لكن نحاول التمسك بعاداتنا و الكرم السوداني".

استاذ علم الاجتماع مرتضى محمود: شهر رمضان من أهم الأشهر للسودانيين، وإحساسهم بالبعد عن الوطن يجعلهم أكثر تمسكًا بهذه العادات

أستاذ علم الاجتماع مرتضى محمود -مقيم بأوغندا- يقول إن شهر رمضان من أهم الأشهر للسودانيين، وإحساسهم بالبعد عن الوطن يجعلهم أكثر تمسكًا بهذه العادات، خاصة وأن الثقافة الأوغندية مختلفة، بجانب حاجز اللغة. وأضاف لـ"الترا سودان": "تتخوف الأسر من فقدان الهوية لدى أطفالهم، وهذا الإحساس يحركهم للتمسك أكثر بالعادات السودانية".

وأشار محمود إلى أن خروج أعداد كبيرة من السودانيين عقب الحرب، خاصة لبلدان مثل أوغندا، "قد يحدث تغييرًا في تركيبتهم الثقافية، خاصة للفئات العمرية الصغيرة، ويقل اهتمامهم بالعادات والتقاليد والطقوس السودانية المرتبطة بشهر رمضان".