11-أكتوبر-2019

ستكون نعمات عبدالله أول رئيسة للقضاء في تاريخ السودان (TRT)

بعد خلافات وجدل واسع، حسم المجلس السيادي يوم أمس الخميس اختيار كل من نعمات عبد الله محمد خير رئيسًا للقضاء، وتاج السر الحبر نائبًا عامًا.

وبرز اسما نعمات والحبر بقوة بعد إبعاد المرشحين الرئيسيين لقوى الحرية والتغيير عبد القادر محمد أحمد ومحمد الحافظ كليًا.

‎تنتظر رئيس القضاء مولانا نعمات عبد الله محمد خير والنائب العام الأستاذ تاج السر علي الحبر مهام جسام بالنظر لأهداف وشعارات الثورة التي أطاحت بالنظام البائد

ووفق ما تواتر من أنباء فإن خلافات بين المكون العسكري والشق المدني في المجلس السيادي أرجأ الأمر نسبة لاعتراضات من المكون العسكري حول المرشحين، وقد زادت الخلافات بعد الجدل الذي ثار حول الثغرات القانونية في الوثيقة الدستورية، التي عدلت ومنحت المجلس سلطة تعيين المنصبين، وما رشح عن وجود وثيقتين دستوريتين مما حدا بالمجلس السيادي لطلب فتوى قانونية من وزارة العدل لحسم الخلاف.

وحسب الوثيقة فإن تعيين رئيس القضاء والنائب العام يتم بواسطة مجلس القضاء الأعلى ونادي النيابة العامة الذين لم يتم تشكيلهما بعد وتفجرت مخاوف حال تشكلهما في الوقت الراهن قبل إعادة النظر في المؤسستين العدليتين من سيطرة عناصر تنتمي للنظام البائد عليهما مما يهزم مطالب الثورة بالعدالة والمحاسبة.

اقرأ/ي أيضًا: مجلس الوزراء يوجه وزير العدل بمساندة قضية البوشي

عضو مجلس السيادة الناطق الرسمي باسم المجلس محمد الفكي سليمان، أوضح أن قرار التعيين تم بموجب الوثيقة الدستورية بعد إيداعها وزارة العدل ونشرها في الجريدة الرسمية "الغازيتا".

وقال الفكي إن المجلس بهذا القرار قد طوى صفحة شغلت الشارع السوداني لفترة تطاولت، وأوضح أن رئيس القضاء والنائب العام سيشرعان بعد توليهما منصبيهما في تكوين المجالس المعنية لممارسة مهامهما في اختيار رئيس القضاء والنائب العام في الفترة القادمة وفق جدول زمني محدد، كما سيباشران مهامهما في التصدي لقضايا الفساد وغيرها.

من هي رئيس القضاء "مولانا نعمات"؟

القاضية نعمات عبدالله محمد خير من مدينة الكاملين بولاية الجزيرة، وقد انضمت الى السلطة القضائية قبل انقلاب الإنقاذ بسنوات مطلع ثمانينات القرن الماضي، وعملت في محكمة الاستئناف والمحكمة الابتدائية وتدرجت في السلك القضائي حتى أصبحت قاضية محكمة عليا، وتعتبر من مؤسسي نادى القضاة السوداني، وغير منتمية سياسيًا لأي حزب، وبحسب مقربين منها تعاملوا معها قضائيا فمواقفها مهنية مشهود لها بالنزاهة والاستقامة.

وقد برز اسم مولانا نعمات كمعارضة لنظام المخلوع، وشاركت في الحراك الثوري، وكانت ضمن القضاة المشاركين في نيسان/أبريل بموكب القضاء، إضافة إلى وقفات احتجاجية أخرى بالإضافة الى تواجدها المستمر في ساحة القيادة.

نعمات عبدالله

وفي بداية اختيارها رئيسة للقضاء كأول امرأة تتولى هذا المنصب، سرت أصوات هنا وهناك اتهمتها بموالاة النظام السابق، إلا أن صورها في القيادة وهي تقود موكب القضاة إلى ساحة اعتصام القيادة العامة موشحة بعلم السودان سرعان ما دحضت الشائعة.

نعمات دخلت السلطة القضائية مطلع ثمانينات القرن الماضي، وتدرجت في المحاكم المختلفة حيث عملت بمحكمة الاستئناف والمحكمة الابتدائية إلى أن وصلت لمنصب قاضية بالمحكمة العليا.

وحسب زملائها فإن نعمات عبدالله من مؤسسي نادي القضاة، والذي تكون من مجموعة من القضاة الذين أعلنوا معارضتهم لنظام المخلوع وهم في مناصبهم.

وأفادت شهادات انتشرت لعدد من المحامين والقضاة السابقين عقب إعلان اختيارها بأنه ليس لها انتماء سياسي، وقد حكمت في عدد من القضايا الهامة كان أبرزها قضية طعن وزارة الأوقاف السودانية ضد الكنيسة الإنجيلية وأصدرت قرارها في العام ٢٠١٦ برفض الطعن المقدم من الحكومة ضد الكنيسة.

زملاء آخرون اعتبروا نعمات عبدالله شخصية غير نشطة، ووصفوها بالشخصية المهنية الأكاديمية التي تفتقد للكاريزما، وتوقعوا أن لا تحدث تغييرا في الممارسات القضائية.

القانوني البارز والقيادي بقوى الحرية والتغيير معز حضرة، قال لـ"الترا سودان" أن القاضية المعينة حديثا نعمات عبدالله مشهود لها بالنزاهة والاجتهاد، ونفى أي صلة لها بالقضاة المسيسين في النظام السابق، واعتبر اختيارها كأول امرأة تتولى هذا المنصب عربيا وأفريقيا يوكد انحياز الثورة للنساء.

بالمقابل وصفها النائب المستقل في البرلمان المحلول عبد الجليل عجبين (الذي يعرف نعمات عبدالله منذ ثمانينات القرن الماضي حسب قوله) بالمهنية والاكاديمية في مجال القانون المكتوب، وقال لـ "الترا سودان": لم يعرف لها اجتهاد ولا كاريزما.

واعتبر عجبين أن مشاركتها بموكب القضاة الذي قادته للقيادة العامة يقدح في حياديتها لتولي هذا المنصب، وأضاف "كان من باب أولى ان تعجل قوي الحرية والتغيير بتعيين المجلس التشريعي ليبدي آرائه في اختيار المرشحين، بدلا من ترك الأمر للمجلس السيادي"

وتساءل عجبين "هل تستطيع نعمات مقاضاة المكون العسكري إذا ثبت تورطه في فض اعتصام القيادة؟"

اقرأ/ي أيضًا: جوبا: انطلاق مفاوضات السلام الشامل السودانية الإثنين المقبل

من هو النائب العام الجديد؟ 

أما النائب العام الجديد، تاج السر الحبر فقد ولد في عام 1948 في قرية الخليلة شمال بحري، متزوج من شقيقة الشاعر محمد المكي إبراهيم الوحيدة وأنجب منها ابنة طبيبة، وينحدر من أسرة دينية متصوفة لها العديد من الخلاوي.

تخرج الحبر من جامعة الخرطوم، بمرتبة الشرف الثانية، والتحق بديوان النائب العام، ثم اشتغل في مجلس النيابة العامة ولجنة القوانين ثم انتقل للمحاماة في مكتب المحامي عبد الحليم الطاهر ومكتب فوزي التوم بعدها ليؤسس بعدها مكتبه الخاص.

ينحدر تاج السر الحبر من أسرة دينية متصوفة لها العديد من الخلاوي

وحول الأستاذ تاج السر علي الحبر النائب العام المعين حديثا استطلع "الترا سودان" صديقه كمال الجزولي الذي أوضح أن تاج السر ليس له أي انتماء سياسي سوي الانتماء التيار الديمقراطي العريض طيلة معرفتي به التي امتدت لأربعين عاما رغم علاقاته الاجتماعية الواسعة، حيث كان أبرز أصدقائه المحامي عبد المنعم إدريس الذي جمعه به العمل بالمحاماة في مكتب الأستاذ فوزي التوم، والأستاذ محمد الحافظ محمود بحكم عملهم في مكتب عبد الحليم الطاهر، ومحمد الوسيلة الذي تربطه به صلة القرابة.

وكشف الجزولي أن تاج السر الحبر كان من ضمن من عملوا بنقابة المحامين إبان انتفاضة أبريل التي أطاحت بجعفر نميري، واعتبر أن الذين تولوا العمل النقابي وقتها تعرضوا لمخاطر جدية، وهو ما يدل على معدن الحبر الرجل الذي لا يخلو من روح قتالية على الرغم من عدم انتمائه لأي من الأحزاب.

اقرأ/ي أيضًا: في وثيقة شاملة.. الحرية والتغيير ينتهي من البرنامج الإسعافي والسياسات البديلة

‎وفي سياق ذي صلة أشار النائب بالبرلمان المحلول "عبد الجليل عحبين" إلى أن الحبر كان جزءًا من هيئة الاتهام التي دونت بلاغًا ضد المخلوع بتقويض النظام الدستوري والمقدم من الأساتذة محمد الحافظ وعلي محمود حسنين وكمال الجزولي.

‎تنتظر رئيس القضاء مولانا نعمات عبد الله محمد خير والنائب العام الأستاذ تاج السر علي الحبر مهام جسام بالنظر لأهداف وشعارات ثورة كانون/أول ديسمبر التي أطاحت بالنظام البائد وعلى رأسها محاسبة المتسببين بمجزرة القيادة العامة والمتهمين بقتل شهداء الثورة السودانية علاوة على ملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان على مستوى السودان سواء جرائم الحرب التي وقعت بدارفور أو جرائم التعذيب والفساد المالي التي يكثر الحديث حول مرتكبيها دونما تحرك أي إجراءات في مواجهتهم لعقود من الزمان. بينما تبدو المعارك الداخلية التي تنتظرهم لا تقل جسامة لجهة تطهير النظام العدلي من منسوبي النظام البائد وملفات الفساد وتصحيح مسار العدالة بالبلاد. وقد أنعش قرار تعيينهما الآمال ببزوغ عهد جديد يزيل الظلامات التاريخية لأهل السودان ويرسخ لقيم العدالة والمساواة ودولة القانون.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

مجلس الوزراء يوجه وزير العدل بمساندة قضية البوشي

السيادي يعتمد نعمات عبدالله رئيسًا للقضاء وتاج السر الحبر نائبًا عامًا