منذ شهور عديدة استغرقت أغلب فترات هذا العام لم يتوقف محتجون شبان وفتيات من التظاهر في تقاطع رئيسي شرق العاصمة السودانية قريبًا من ضاحية بري.
منذ خمسة أشهر لم يتوقف المحتجون عن تعليق الآمال على عبور الحواجز الأمنية نحو القيادة العامة
قال عماد (21 عامًا) وهو يحمل لوحة خشبية وهو يشير بيديه إلى شارع يمر نحو القيادة العامة: "نريد أن نعبر إلى هناك لإسقاط العسكريين".
في اللحظة التي تنطلق فيها عملية التظاهر تبدأ حركة السيارات في التوقف لساعات تمتد إلى ما بعد الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي، وتعود كما كانت بعد هذا الوقت.
في الغالب من يتظاهرون في هذا الموقع هم من الأجيال الحديثة التي لا ترى في "بقاء الدولة القديمة" أمرًا جيدًا بالنسبة لهم؛ فهم يعتقدون أن الحكم المدني والديمقراطية يجب أن "تشيد على أيديهم".
تقول أروى (20 عامًا): "نحن نريد العدالة؛ لدينا رفاق ماتوا من أجل الثورة؛ نريد القصاص من القتلة".
من بين الشبان أيضًا متظاهرون يتبنون توجهات راديكالية ويعارضون أي تقارب من القادة العسكريين الذين تقلدوا السلطة بعد 11 نيسان/أبريل 2019.
كانت هذه الأجيال تأمل أن يتمكن رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك من تحقيق "شيء لم يسبقه عليه أحد" في سودان ما بعد 2019، لكن الرجل الذي يفضّل حل الأزمات بطريقة هادئة، كان دائمًا ما يقابل هذه الآمال بالانحناء للعاصفة، والتظاهرات قرب مكتبه خلال فترة رئاسته للحكومة المدنية بالصمت وعدم الظهور.
يقول أحمد فتح الرحمن وهو شاب يتابع الثورة ويكتب عنها بصورة راتبة إن "شخصية مثل حمدوك هو موظف هادئ لا يميل إلى تبني الأفكار أو المطالب الراديكالية كما أنه جاء نتيجة تسوية مع الجنرالات، لا يمكنه طبعًا وضع الأصفاد على أياديهم كما أعتقد السودانيون". وتابع: "أيقظهم الانقلاب من وهمٍ كبير عاشه البعض بأن التسوية التي تمت في 2019 ستحقق أهداف الثورة وتشيد الحكم المدني الديمقراطي".
ويرى هذا الشاب أن الحركات الاحتجاجية مثل لجان المقاومة يجب أن تبدأ نقاشات في الأحياء وإعادة الزخم للثورة عبر المجتمع وتقديم تصورات بناءة عن التغيير القادم.
وعلى وقع الاتفاق الإطاري بين قوى مدنية والمكون العسكريين صعدت التظاهرات الرافضة لهذه العملية، بينما تقول "الحرية والتغيير" أبرز القوى المدنية التي تدعم هذا الاتفاق إن "عودة النظام البائد وشيكة".
ويطرح "مدنيو الإطاري" أسئلة عن الآليات التي ستؤدي إلى الإطاحة بالجنرالات عن السلطة الحالية وهي مستمدة من قوة البندقية، لكن المجموعات الراديكالية تقول إن الوسائل السلمية هي التي تضيّق الخناق على الانقلاب وتطيح به.
فتح الرحمن: المجموعات التي ترفع الشعارات الجذرية وتتظاهر لإسقاط الانقلاب بحاجة إلى التنظيم وتقييم التجربة الماضية
يقول أحمد فتح الرحمن: "المجموعات التي ترفع الشعارات الجذرية وتتظاهر لإسقاط الانقلاب وتناهض عقد صفقة معه بحاجة إلى التنظيم وتقييم التجربة الماضية والعمل على الأرض وممارسة الفعل السياسي". ويضيف: "إذا كنت تريد تحقيق أهداف الثورة نفذها بنفسك"، موضحًا أن هذا يتطلب "وجود عسكريين لديهم ولاء أو رغبة في الانحياز إلى هذه المجموعة أيضًا". "أعتقد أن العنصر الأخير قد لا يكون متوفرًا؛ ولذلك المهمة معقدة، لكنها ليست مستحيلة" – يردف أحمد.