اعتذرت عضوة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي والناطقة الرسمية باسم الحزب آمال الزين عن نشرها "بيانًا ملفقًا" على صفحتها الشخصية بفيسبوك، قبل أن تسحبه في وقتٍ لاحق عقب إثارته الجدل على مواقع التواصل. فيما أعلنت تنسيقيات لجان المقاومة بأم درمان القديمة ولجان جنوب الحزام عن تقديمهما شكوى للجنة المركزية للحزب الشيوعي ضد المتحدثة باسم الحزب.
مقاومة جنوب الحزام: هذه محاولة واضحة لتفتيت وحدة قوى الثورة وتمرير أجندة خاصة لا تمت بصلة لأهداف الثورة
وكشف البيان الذي جرى تداوله على نطاقٍ واسع عن لقاءٍ قيل أنه جمع قيادات لجنة الميدان في قوى الحرية والتغيير (مجموعة المجلس المركزي) مع كودار قيادية في لجان المقاومة. ونُشر البيان الملفق تحت عنوان "من يحاول اختراق لجان المقاومة وهدمها من الداخل؟".
وكتبت آمال على صفحتها بفيسبوك: "عميق اعتذاري إذ ثبت لدي ومن خلال مطالعاتي أن البيان الذى قمت بنشره أمس الجمعة عن اجتماع ضم ممثلين لقوى الحرية والتغيير وكوادر من لجان المقاومة - بيان مفبرك ومختلق ولا أساس له من الصحة". وأقرّت القيادية بالحزب الشيوعي بأن انتشار البيان على نحوٍ واسع طوال يوم الخميس الفائت والذي اعتمدت عليه في تقييم الخبر، "لا يُشكل سندًا مقبولًا على صحته"، مضيفةً أنها ستتعلم من هذه التجربة أن تكون "أكثر دقةً في النقل من الميديا" – على حد تعبيرها.
وأثار البيان المنشور وقتها جدلًا كثيفًا على مواقع التواصل الاجتماعي. وتباينت ردود الأفعال عليه من لجان المقاومة؛ حيث نفت تنسيقية لجان مقاومة أم درمان القديمة عبر تصريحٍ صحفي مشاركة أيٍّ من أعضائها في اجتماعٍ مع قوى الحرية والتغيير. وقال التصريح إن التنسيقية ستتواصل مع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي لتقديم "شكوى رسمية" ضد الزميلة آمال الزين.
وأدان بيانٌ للجان مقاومة جنوب الحزام تداول الناطقة الرسمية باسم الحزب الشيوعي للإشاعة من دون التثبت منها. وبحسب البيان، فإنّ لجان جنوب الحزام ستتقدم أيضًا بشكوى رسمية للحزب ضد هذا السلوك الذي عدّته مهددًا لسلامة الذين وردت أسماؤهم في البيان الملفق وحياتِهم، وعلى رأسهم عضو لجان مقاومة جنوب الحزام (سعد) الذي كان يقوم بأنشطة ثورية بمنطقة جنوب الحزام في توقيت الاجتماع المذكور - بحسب ما أورد البيان.
واعتبر بيان "مقاومة جنوب الحزام" ما يحدث من اتهامات "مجانية" - اعتبرها "محاولةً واضحةً لتفتيت الوحدة البرامجية لقوى الثورة وتمرير أجندة ضيقة وخاصة، لا تمت بصلة لأهداف الثورة، ولا تخدم خط الانعتاق من سطوة العسكر وهيمنتهم على الفضاء العام". وذكر البيان أن هذه المحاولات "تسعى بصورة مكشوفة إلى تعميق شقة الخلاف بين مكوناتها وزرع الفتن بين قوى الثورة الحية وضرب اللجان من الداخل".
وسخر يوسف بلة عضو لجان مقاومة الحاج يوسف من مزاعم مشاركته في الاجتماع المذكور، قائلًا في منشورٍ على صفحته بفيسبوك إنه كان يلعب "البلاي ستيشن" ساعة انعقاد الاجتماع المزعوم، واصفًا ما يحدث بأنه "محاولة لزعزعة الثقة بين أفراد لجان المقاومة وكيد سياسي لا يحتمله واقع البلد" – على حد تعبيره.
وبحسب إفادات من حزب المؤتمر السوداني، فإن أحمد حنين عضو الحزب الذي قيل إنه شارك في الاجتماع "غادر إلى المملكة العربية السعودية منذ شهور".
واتهم أحمد عبدالوهاب عضو حزب الأمة القومي، في تصريحاتٍ لـ"الترا سودان" الأجهزة الأمنية وقوى الانقلاب بمحاولة "خلق قطيعة بين الأحزاب ولجان المقاومة من أجل استمرار الأوضاع على ما هي عليه وقطع الطريق أمام الثورة". وأبدى أسفه على ضلوع قيادات لها إرثها الثوري في مثل هذه الممارسات. ونفى –عبدالوهاب- قيام الاجتماع من الأصل ناهيك عن المشاركة فيه، مشيرًا إلى أنه كان مشغولًا بترتيبات زواجه في وقت الاجتماع المزعوم.
وتشهد العلاقة بين لجان المقاومة والأحزاب السياسية في السودان حالةً من الشدّ والجذب وتباينًا في المواقف تجاه مواجهة السلطة الانقلابية، ظهرت بوضوح في "ميثاق سلطة الشعب" الصادر عن لجان المقاومة الذي اشترط على الأحزاب السياسية التي شاركت في سلطة ما قبل الانقلاب تقديم اعتذارٍ مكتوبٍ وتوضيح مبررات المشاركة في السلطة، قبل التوقيع على الميثاق.
عضو في لجان مقاومة جنوب الحزام: مثل هذه التدخلات ساهمت في تفتيت تجمع المهنيين السودانيين وكان ذلك أول خنجر في خاصرة الثورة
ونُشر البيان المفبرك بواسطة غرف متخصصة -بحسب بيانات للجان المقاومة- قبل أن تنشره الناطقة الرسمية باسم الحزب الشيوعي وتعتذر عنه لاحقًا.
وردود الأفعال من قبل ناشطين حزبيين، تؤكد استمرار المعركة من أجل اختراق اللجان ذات الطبيعة المستقلة وتوظيفها لخدمة أجندة سياسية ومصالح مجموعات محددة، بحسب عضو لجان مقاومة جنوب الحزام محمد كندشة في تصريحاته لـ"الترا سودان". ويضيف كندشة أنّ "الخطوة تنطوي على قدر كبير من المخاطر وقد تقود لانشقاق في اللجان واستمرار الانقلاب".
وأشاد كندشة بالاعتذار، لكنه أضاف أن المطلوب الآن هو أن ترفع الأحزاب يدها عن اللجان وتعترف بأن مثل هذه التدخلات ساهمت في تفتيت تجمع المهنيين السودانيين، وكان ذلك –بحسب كندشة- "أول خنجر في خاصرة الثورة".