في السادس من نيسان/أبريل 2019، تمكن المتظاهرون السلميون من احتلال محيط القيادة العامة للقوات المسلحة، وبعد صمود تاريخي للمحتجين، تم إعلان التحفظ على رأس النظام واستلم السلطة الفريق أول أحمد عوض بن عوف، وبعدها بيوم جاء الجنرال عبد الفتاح البرهان ليستلم زمام الأمور معلنًا أنه رئيس المجلس العسكري الانتقالي، والذي قاد –لاحقاً-المفاوضات مع قوى إعلان الحرية والتغيير.
كانت قوى إعلان الحرية والتغيير –آنذاك- تتكون من تجمع المهنيين السودانيين، وهو الذي قاد الشارع خلال الفترة من أواخر كانون الثاني/ديسمبر 2018 وحتى سقوط الجنرال عمر البشير، بالإضافة للكتل السياسية: نداء السودان وقوى الإجماع الوطني، كتلة التجمع الاتحادي المعارض، بالإضافة للجبهة الثورية السودانية التي تضم الحركات المسلحة، وكتلة القوى المدنية والتي ضمت أجسامًا ومبادرات ومنظمات تعمل في المساحات المدنية.
أصيب أكثر من مائة معتصم ومعتصمة بالقيادة العامة في أحداث 8 رمضان وارتقى حوالي ستة من الشهداء
وبالرغم من تغيير رأس النظام، إلّا أن المحتجين والمحتجات واصلوا اعتصامهم مطالبين بحكم مدني كامل، ومطالبين بالعدالة والقصاص للشهداء.
بعد تكوين المجلس العسكري الانتقالي –وهو مكون بصورة أساسية من اللجنة الأمنية لعمر البشير- بدأت كتلة الحرية والتغيير في الشروع في إجراءات تفاوض، وقُبيل ساعة الإفطار، أعلن طرفا التفاوض قُرب وصولهم لاتفاق نهائي، إلا انه وفي ذات الليلة هُوجم المعتصمون بغدر في شارع النيل.
اقرأ/ي أيضًا: ذكرى 6 أبريل.. كتلة حرجة أمام إغلاقات أمنية
وبالرغم من إصابة أكثر من مائة معتصم ومعتصمة، وارتقاء حوالي ستة شهداء، إلا ان الهجوم الغادر جعل الثوار أكثر قوة وحزمًا، فتم تشييد المتاريس على امتداد شارع النيل مداخل الاعتصام، ودُعم الاعتصام بالمواكب القادمة من مختلف أحياء ولاية الخرطوم.
أصابع الاتهام
روى شهود عيان على المجزرة أن القوات التي أطلقت الرصاص وهاجمت المعتصمين هي قوات متنوعة بعضها يرتدي أزياء الجيش، والبعض الدعم السريع، بالإضافة لكتائب ظل نظام البشير. ويعتقد الشهود أن الغرض من الهجوم كان محاولة لفض الاعتصام وإجهاض الثورة، بل والرجوع لوضع الإنقاذ كما كان والإبقاء على تمكين الإخوان المسلمين.
في ذلك الوقت أدانت قوى الحرية والتغيير هذا الغدر، وحمّلت المجلس العسكري الانتقالي مسؤولية الهجوم الغادر على المعتصمين بشارع النيل، وطالبته بحماية المعتصمين، وتوجهت بالتهم للثورة المضادة بأنها تحاول أن تحرف الثورة عن سلميتها وجرها للعنف.
لاحقًا أعلنت كل من القوات المسلحة، قوات الدعم السريع وجهاز الأمن والمخابرات عن عدم تورطهم في المجزرة، وكانوا قد أشاروا في بيانات منفصلة إلى "طرف خارجي" يحاول إثارة الزعزعة داخل الاعتصام، على حد قولهم.
حُراس المتاريس
ارتقى الشهيد الطفل محمد عيسى دودو (16 عامًا) في مجزرة الثامن من رمضان في شارع النيل، ويسكن "دودو" في ضاحية الحاج يوسف بالخرطوم، أنهى دودو مسيرته التعليمية عند الصف الثامن أساس، وعمل كسائق "ركشة".
اقرأ/ي أيضًا: محامو الطوارئ: اعتقال 230 طفلًا خلال خمسة أشهر من الاحتجاجات
كان "دودو" يساعد والده في تصريف الأمور المنزلية اليومية، وكانت والدته بائعة "شاي وقهوة"، توفي برصاصة غادرة من المجلس العسكري الانقلابي.
آخر ما قاله الشهيد الطفل دودو لأمه: أعفي لي أنا كويس أنا طلعتا عشان الوطن
قالت والدته إن آخر ما قاله: "يا أمي ما تبكي بس تعالي أقعدي جمبي وأعفي لي أنا كويس أنا طلعتا عشان الوطن".
استشهد أيضًا في مجزرة الثامن من رمضان إثر إصابته بالرصاص الشهيد قصي عبد الغفار، وهو من أبناء مدينة الديوم.
كانت ليلة الثامن من رمضان صعبة على الجميع، لكن ما أن لملم الشارع أطرافه، وعاد أقوى مواصلًا في الاعتصام حتى ليلة فضه، في مجزرة مروعة أواخر شهر رمضان.
اقرأ/ي أيضًا
مصور سوداني يفوز بالمركز الأول في جائزة مسابقة الصور الصحفية العالمية