قد لا تكون من بين أجندة الجيش السوداني والدعم السريع اللذين يخوضان "نزاعًا مسلحًا" في العاصمة السودانية الخرطوم منذ منتصف نيسان/أبريل الماضي الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار يفضي إلى زوال "فرضيات الحرب القادمة".
يبدو أن الهدف الأساسي للجيش من "مفاوضات جدة" هو الضغط على قوات الدعم السريع لإخلاء ثلاثة مواقع إستراتيجية في الخرطوم
إذا عدنا إلى بيانات القوات المسلحة السودانية ومتحدثها الرسمي يبدو أن الهدف الأساسي لوفد الجيش من "مفاوضات جدة" بالمملكة العربية السعودية هو الضغط الدولي على قوات الدعم السريع لإخلاء ثلاثة مواقع إستراتيجية في العاصمة السودانية الخرطوم.
هذه المواقع الإستراتيجية هي "مهمة عسكريًا" للدعم السريع، لأنها تحيط بالقيادة العامة من ناحيتين، جنوبًا وشرقًا، أما الموقع الثالث ففي مدينة أم درمان غربي العاصمة، على مسافة ليست بعيدة عن سلاح المهندسين.
ومشاهدة هذه المواقع والنظر في إمكانية تحقيق تقدم عسكري يعيدنا إلى تصريحات متحدث الجيش الذي قال الأسبوع الماضي في بيان صحفي إن قوات الدعم السريع تتمركز في مستشفى شرق النيل. وهذا الموقع حسب اعتقادي قريب من القيادة العامة ولا يفصل بينهما سوى أقل من (15) كيلومترًا، ويشهد هذا الموقع تحليقًا شبه يومي لسلاح الطيران التابع للجيش السوداني.
والموقع الثاني والأهم بالنسبة لقوات الجنرال حميدتي غربي العاصمة السودانية الخرطوم، هو مستشفى النساء والتوليد في أم درمان، وتستهدفه الدعم السريع لأنه قريب نسبيًا من مبنى سلاح المهندسين.
والموقع الثالث هو معمل "ستاك" المركزي الذي تتمركز قوة من الدعم السريع إلى جواره أو بداخله حسب بيان للجيش. ووفقًا لكيانات طبية أيضًا، فهناك قوات عسكرية اقتحمت المعمل ولم تكشف هذه الأجسام عن هوية هذه القوات.
ويدخل وفد الجيش في مفاوضات جدة التي تأتي وسط تباعد المواقف بين الطرفين وحرب تصريحات تكاد تطغي على المشهد – يدخل متأبطًا هذا الملف، بينما يرى الدعم السريع أن إخلاء هذه المواقع "الإستراتيجية من الناحية العسكرية المؤقتة" بداية النهاية لوجوده في العاصمة.
إذا تمكن الجيش السوداني من دفع الوسطاء –السعودية والولايات المتحدة الأمريكية– إلى ممارسة "ضغوط مكثفة " لإخلاء هذه المواقع، لن يتبقى أمام الجيش سوى مطار الخرطوم ومصفاة الجيلي للبترول شمال العاصمة والقصر الجمهوري الذي لن يجد الجيش صعوبةً في دخوله إذا ما جرى إخلاء المواقع المذكورة سلفًا.
يمكن القول إن الغرض من "مفاوضات جدة" في الوقت الراهن بالنسبة إلى الجيش والدعم السريع هو تحسين "التموضع العسكري" مع إمكانية فتح ممرات آمنة لفك الأزمة الإنسانية، ولا مجال بالنسبة للجانبين للتفاوض من أجل الإصلاح الأمني والعسكري والوصول إلى جيش موحد أو وقف دائم لإطلاق النار، أي أن التكهن بانتهاء النزاع المسلح في الوقت الحالي أقرب إلى المستحيل.