10-مايو-2023
اشتباكات السودان

ثلاثة سيناريوهات لمصير مفاوضات جدّة والتي يتوقع أن تكون مؤثرة في مصير الأزمة في السودان  (Getty)

منذ الأحد الماضي ينخرط ممثلون عن الجيش والدعم السريع في مفاوضات غير مباشرة، وذلك على خلفية مبادرة سعودية - أمريكية لحل الأزمة في السودان، حيث تستضيف مدينة جدة على ساحل البحر الأحمر الوفدين. 

تأتي المفاوضات التي انعقدت بضغوط أمريكية وسعودية ومصرية وأفريقية وأممية، في ظل رغبة الطرفين في "الحسم العسكري"

المفاوضات التي انعقدت بضغوط أمريكية وسعودية ومصرية وأفريقية وأممية، تأتي في ظل رغبة الطرفين في "الحسم العسكري"، بينما ذكر مسؤول أمني بالولايات المتحدة أن الحرب ستطول بناء على اعتقاد الطرفين بأنهما قادران على الحل العسكري لا الحل السلمي.
وإذا ما تمكنت السعودية من دفع الطرفين إلى اتفاق وقف دائم لإطلاق النار فإنها ستكون بمثابة "المنقذ " بالنسبة للسودانيين المناهضين للحرب، حيث يصفونها بـ"العبثية".

وذكر الخبير السياسي مصعب عبدالله في حديث لـ"الترا سودان"، أن السعودية بمثلما نجحت في حمل الطرفين إلى "مفاوضات جدة" من على فوهات البنادق إلى الحديث بالأفواه، فإنها قد تتمكن من طي ملف حرب السودان سريعًا، قياسًا بالدور السعودي في المنطقة مؤخرًا - حد قوله.
ويشكك مصعب عبدالله وصول الجيش والدعم السريع لاتفاق لوقف دائم لإطلاق النار، وذلك نتيجة لضغوطات "غير حميدة" في السودان -خاصة من أنصار النظام البائد- أو وضع شروط تعجيزية على "طاولة المحادثات".

ويعيب عبدالله انعقاد المفاوضات بشكل غير مباشر، وقال إن الجيش لا يحرص على المحادثات المباشرة مع وفد الدعم السريع لأن القوات المسلحة في موقف قوة عسكرية وقانونية، إلى جانب دفوعاته القوية حول سيطرة الدعم السريع على بعض المستشفيات، والاحتماء بمساكن المدنيين  في العاصمة السودانية.

المفاوضات " غير المباشرة" بين الجيش والدعم السريع في مدينة جدة تسير بشكل جيد بحسب ما نقل قيادي في قوى الحرية والتغيير، مشيرًا إلى أن "الأجندة الإنسانية" مرتبطة بالملف العسكري، أي أن الممرات الآمنة لن تكون بمعزل عن التطرق إلى مواضيع عسكرية وقتالية، وهو ما يمهد الطريق نحو الانتقال إلى مرحلة وقف إطلاق النار.

ويوضح هذا القيادي في حديث لـ"الترا سودان"، أن المجتمع الدولي يرمي بثقله في الأزمة السودانية، حتى الدول التي لديها خلافات مع المنظومة الدولية تتفق حول ضرورة إيقاف النزاع المسلح في السودان.

ويرى هذا القيادي أن فرصة تكوين جيش موحد مواتية بالطرق السلمية وهي أكبر من محاولة تحقيقه عبر العنف المسلح. ويقول: على ما يبدو فإن المجتمع الدولي "يعلم هذا تمامًا". 

ودفع النزاع المسلح في الخرطوم وبعض المدن في شمال كردفان وإقليم دارفور إلى نزوح (700) ألف شخص داخليًا، ولجوء عشرات الآلاف إلى دول الجوار، ومقتل أكثر من (500) شخص، وإصابة (2400) آخرين، وتدمير منشآت صناعية وتجارية، واختفاء عشرات المدنيين بشكل قسري.
هذا النزاع الذي جاء بينما يكافح السودانيون  أزمة اقتصادية طاحنة، زاد من معاناة المواطنين، ولم يجد مئات الآلاف من المدنيين بالعاصمة الخرطوم بدًا من البقاء في منازلهم تحت دوي المدافع وقصف الطيران الحربي، نتيجة لانعدام القدرة المالية لديهم للهرب من القتال الذي لا يستثني أحدًا.

وتقول "هبة" التي تقطن حي أركويت شرق العاصمة، في حديث لـ"الترا سودان"، إن السفر إلى الأقاليم السودانية يحتاج إلى تدابير مالية، وحينما بدأ النزاع في منتصف شهر نيسان/أبريل الماضي، كنا لم نستلم بعد أجورنا أنا وزوجي لشهر آذار/مارس، لذلك قررنا البقاء في المنزل، فالموت واحد - تضيف هذه السيدة.

وحينما تهدأ أصوات القصف والرصاص تخرج هبة إلى سوق صغير جوار المنزل لشراء الخضروات والخبز، وأصبحت هذه السيدة "تقتصد جدًا" في المصروفات تجنبًا لنفاد المال جراء توقف الحياة الاقتصادية في هذا البلد.

وإذا ما تمكن المفاوضون السودانيون من كلا الطرفين من إبرام اتفاق وقف إطلاق النار في مفاوضات جدة، فإن ملايين المواطنين سيتمكنون من "التقاط أنفاسهم" بإعادة تدبير حياتهم واستئناف الضروريات، مثل شراء الأدوية والذهاب إلى المستشفى وإصلاح محطات الكهرباء والمياه.
من محيط المفاوضات في مدينة جدة قال دبلوماسي لوكالة فرانس برس الاثنين إن "المحادثات لم تحرز تقدمًا" .

وبينما يكافح السودانيون للحصول على الاحتياجات الأساسية، بما في ذلك المواطنون في الولايات الآمنة؛ بدأت الإغاثة من دول الخليج والمنظمات الدولية تصل تباعًا إلى مطار بورتسودان شرقي البلاد. 

ويضع الباحث في مجال السلام والديمقراطية مجاهد أحمد، ثلاثة سيناريوهات إزاء "مفاوضات جدة": السيناريو الأول يتضمن اتفاق الجيش والدعم السريع على وقف إطلاق النار وفتح الممرات وسحب الآليات والجنود من المواقع الحالية لإعادة الحياة الطبيعية للمواطنين.

أما السيناريو الثاني في نظر مجاهد فيتضمن إطالة أمد المفاوضات بسبب الخلافات ما بين الانفضاض والعودة إلى طاولة المحادثات مجددًا تحت الضغط، مع استمرار كل طرف في تحسين موقفه العسكري.

مراقبون: "مفاوضات جدة ستحدد مصير السودان كليًا

بينما السيناريو الثالث -حسب مجاهد أحمد- فهو انهيار مفاوضات جدة واشتداد النزاع المسلح لينزلق إلى حرب شاملة تضع وحدة السودان على المحك.

ويضيف مجاهد: "مفاوضات جدة ستحدد مصير السودان كليًا؛ إما حل الأزمة سلميًا، أو عبر الحلول العسكرية التي ستطول حسب توقعات مراكز استخباراتية".